بيروت - قوبل إعلان زعيم حزب الله حسن نصرالله يوم الأحد، 22 آب/أغسطس، بتوجه أول سفينة من عدة سفن تحمل النفط من إيران إلى لبنان، بانتقادات لاذعة من السياسيين والنشطاء اللبنانيين.
وقالوا إن نصرالله يحاول أن يصور نفسه كـ "منقذ" في خضم أزمة الوقود في لبنان، إلا أن عواقب هذه الخطوة التي تتحدى العقوبات يمكن أن تكلف لبنان أكثر بكثير من أية فائدة مؤقتة قد يحصل عليها.
وهدد نصرالله في معرض إعلانه عن الخطوة في خطاب يوم الخميس الماضي، أولئك الذين قد يسعون لاعتراض الشحنات، قائلا إنه من اللحظة الأولى لإبحار السفينة من إيران، "سنعتبرها دخلت الأراضي اللبنانية".
وأثار إعلانه ردود فعل غاضبة من السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق سعد الحريري.
وقال الحريري إن إعلان نصرالله أن السفن الإيرانية ستعتبر أرضا لبنانية "يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية".
وتساءل "هل وصول السفن الإيرانية بشرى سارة للبنانيين أم إعلان خطير بزج لبنان بوحول صراعات داخلية وخارجية؟"، مشيرا إلى العواقب المعروفة جيدا للانخراط في أعمال تجارية مع إيران.
وتتضمن هذه العواقب خطر فرض عقوبات إضافية على اللبنانيين.
قلق حيال الواردات
هذا ووجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رسالة مفتوحة للرئيس اللبناني ميشال عون حمّله فيها المسؤولية الكاملة عما يمكن أن يلحق بلبنان إذا استورد النفط الإيراني.
وقال إنه إذا لم يوقف عون استيراد النفط وغيره من السلع من إيران، فإنه "سيعرِّض لبنان لكارثة حقيقية".
بدورها، قالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا في مقابلة مع قناة العربية يوم الخميس إن لبنان "لا يحتاج لنفط إيران".
وأضافت أن مباحثات حصلت حول تمويل محتمل من البنك الدولي لخطة لإمداد الغاز الطبيعي المصري للبنان عبر الأردن في إطار جهد أكبر لحل الأزمة الراهنة وإصلاح البنية التحتية للغاز الطبيعي والكهرباء في لبنان.
وأعلنت بعد لقائها رئيس الجمهورية ميشال عون يوم 16 آب/أغسطس الجاري عن ترحيب بلادها بالعقوبات الجديدة التي أعلنها الاتحاد الأوروبي لتعزيز المساءلة والإصلاح في لبنان، وقالت إن الولايات المتحدة "ستواصل التنسيق مع شركائنا بشأن التدابير المناسبة".
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي أنطوان فرح إن استيراد النفط من إيران بهذه الطريقة، أي لفئة معينة من دون إرادة الدولة، لا يصب بمصلحة لبنان.
وبدورها، رأت الكاتبة السياسية رلى موفق أن حزب الله باستيراده النفط الإيراني "يتحدى العقوبات الأميركية"، مشيرة إلى أن نصرالله "يعلن الحرب على أميركا ويتحدى المجتمع الدولي في حين أن الدولة اللبنانية عاجزة عن منعه".
وقالت إن نصرالله قد استنفذ بالفعل موارد لبنان المالية والاقتصادية لصالح الرئيس السوري بشار الأسد.
عقوبات إضافية
كما اعتبر مدير مؤسسة جوستيسيا للتنمية وحقوق الإنسان بول مرقص أن استيراد الوقود من إيران دون الحصول على إعفاء خاص من وزارة الخزانة الأميركية "قد يضع البلاد تحت خطر العقوبات الأميركية".
وقال إنه لهذا السبب، سيتم إبلاغ المؤسسات المالية العالمية والمصارف الدولية بتجنب التعاون مع حزب الله.
وأوضح أن العقوبات الأميركية التي يعود تاريخها إلى آب/أغسطس 2018 تستهدف أي أحد "يقدم عن علم على الدخول بصفقات مع شركات النفط الإيرانية بسبيل شراء أو حيازة أو بيع أو نقل أو تسويق البترول أو المنتجات البترولية من السلطات الإيرانية على سبيل المثال، بنزين الطائرات وبنزين السيارات وزيت الوقود المقطر".
وأضاف أن استيراد النفط الإيراني من قبل لبنان "ممنوع بمقتضى العقوبات الأميركية والقوانين ذات الصلة".
وتابع أنه بالرغم من الحاجة الحيوية للبنان لمورد نفطي "إلا أن ثمة مخاطر قد ترافق هذه العملية وبالأخصّ على الشركات التي تُقدم ليس فقط على استيراد النفط بل على تفريغ وتوزيع الحمولة القادمة من إيران".
ومن جانبه، قال الناشط بحراك "جنوبيون للحرية" حسين عطايا إن نصرالله يبشر اللبنانيين منذ 6 أشهر بنيته في استيراد المشتقات النفطية من إيران بالليرة اللبنانية.
وأضاف أن نصرالله قد وعد عناصر حزب الله ومناصريه أنه سيتم الاهتمام بهم، لكن الواقع عكس ما أعلنه، إذ يعاني هؤلاء مثل كل اللبنانيين من الأزمة الاقتصادية ونقص الوقود.