تزداد التكهنات في الداخل الإيراني بشأن تفاصيل وتداعيات صفقة عقارية للنظام الإيراني مع الصين.
وبعد فترة طويلة من النفي، أجبر النظام على الإقرار بأن الشركات الصينية أعطيت الضوء الأخضر للاستثمار في سوق الإسكان الضخم في البلاد.
وأعلن إقبال شاكري، وهو أحد أعضاء اللجنة المدنية البرلمانية، في تشرين الأول/أكتوبر أن وزارة الطرق والتنمية الحضرية قد دخلت في مفاوضات مع الصين لتطوير مشاريع إسكان بموجب "قانون تطوير المساكن" الجديد.
وتأتي هذه الخطوة في وقت وعدت فيه حكومة الرئيس ابراهيم رئيسي ببناء مليون وحدة سكنية كل سنة لمعالجة الركود في قطاع الإسكان.
وتأتي كذلك بعد أشهر من توقيع إيران على "وثيقة تعاون استراتيجي" مع الصين تمتد على 25 سنة، وهو اتفاق يعتبره العديد من المنتقدين بمثابة قيام النظام بـ"بيع إيران".
وبدأت بعد ذلك وسائل الإعلام المرتبطة بالنظام بالتحدث عن الفوائد المزعومة لاتفاق الإسكان الصيني، مصورة الحكومة الصينية كـ "صانعة معجزات" وقائلة إنه "يمكنها الانتهاء من العمل سريعا وتوفير أموال الحكومة في مشاريع إسكان قليلة الكلفة".
وبموجب الاتفاق الذي لم يتم بعد تقديم تفاصيل عنه رسميا، ستوفر الصين الأموال الاستثمارية لبناء عدد من المباني السكنية غير المكلفة وستجني بعد ذلك الأرباح من المبيعات المستقبلية لهذه الوحدات.
وبعد مواجهة بعض الانتقادات على الاتفاق الظاهري، قال النظام إن الصين لن تبني المنازل، بل ستؤمن فقط الاستثمارات والتكنولوجيا.
ʼفساد لا غيرʻ
وقال شاكري إن 3 مؤسسات مدارة مباشرة من قبل مكتب الزعيم الإيراني علي خامنئي ستنفذ أعمال البناء.
وهذه المؤسسات هي مؤسسة الإسكان للثورة الإسلامية ومؤسسة المقر التنفيذي لتوجيه الإمام ومؤسسة المستضعفين.
وفي هذا السياق، قال المراقب السياسي المقيم في إيران إحسان كالاتي إن "هذه المؤسسات الثلاثة، ولا سيما الحرس الثوري، تشبثت منذ فترة طويلة بالموارد الاقتصادية المربحة".
وستذهب الأرباح الكبيرة التي من المتوقع أن يحققها هذا المخطط إلى جيوب المنتجين الكبار ومن بينهم مؤسسات جماعية خاضعة لخامنئي، إلى جانب الصين.
وأشار كالاتي إلى التناقض الأساسي في تواجد الصين في قطاع الإسكان الإيراني، معتبرا أن دافعها الوحيد هو تحقيق الأرباح من خلال الحرس الثوري والقيادة.
وأوضح أن الهدف من دعوة الصين إلى المشاركة في قطاع البناء الإيراني قد يكون "كسب عاطفة الصين عبر تمكينها من تعزيز تعاونها مع الحكومة الإيرانية".
وقال إن هذا يحدث فيما تعتبر إيران نفسها مدينة بالفضل للصين على أصعدة مختلفة، وفيما تستولي بكين شيئا فشيئا على مختلف القطاعات في اقتصاد طهران وذلك في الغالب عبرالاتفاق الشامل بين الدولتين والممتد على 25 سنة.
مخاوف متزايدة
هذا وتثير علاقات الصين المتعمقة مع إيران مخاوف في الداخل الإيراني والمنطقة.
ويركز أحد المخاوف الأساسية على التعاون الاستراتيجي الأوسع بين الدولتين، بما في ذلك التطوير المشترك للأسلحة والمناورات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخبارية.
وذكر محلل سابق في البحرية الإيرانية طلب عدم الكشف عن هويته في إشارة إلى الاتفاق الممتد على 25 سنة أنه من وجهة نظر بكين، "فالهدف من الاتفاق هو حصول الصين على موطئ قدم لها في إيران، ولا سيما في جزيرتي جاسك وكيش في الخليج الفارسي".
وتابع أن التعاون العسكري الصيني المعزز مع إيران والناتج عن الاتفاق هو "نتيجة حتمية".
وبهذا الاتفاق، سيكون النظام الإيراني الضعيف والمعزول والمحاصر عالميا والذي هو على حافة الانهيار الاقتصادي تحت رحمة نظام صيني حازم وواثق من نفسه.
ويخشى العديد من المراقبين من استخدام بكين لإحدى أدوات الإكراه الأساسية التي تستخدمها، وذلك عبر تقديم قروض لا يمكن تحملها وفرض عقود مرهقة على دول ضعيفة، من أجل المطالبة بتنازلات جديدة من إيران ومن بينها على الأرجح تنازلات عسكرية.
وقامت بكين مسبقا بإنشاء سلسلة من الموانئ على طول المحيط الهندي، فبنت مجموعة من محطات التزود بالوقود وإعادة الإمداد من بحر الصين الجنوبي إلى قناة السويس، وفي ظل الاتفاق سيتحول التركيز الآن إلى ميناءي جاسك وجابهار الإيرانيين.
وفي حين أن هذه الموانئ تجارية ظاهريا بطبيعتها، فإنها ستسمح للبحرية الصينية سريعة النمو بتوسيع نطاق عملها.