ازدادت عدائية المسؤولون الإيرانيون مع تصاعد تصدي الشعب لهم بعد أن مل من رواية النظام المتحورة دوما حول لقاحات كوفيد-19.
فمنذ بداية جائحة كوفيد-19، قدم النظام سيلا من المعلومات المضللة ، ما حدا بالكثير من الإيرانيين إلى القول بإنهم سمعوا ما يكفي.
وأثار الناطق باسم إدارة الأغذية والأدوية الإيرانية، كيانوش جاهان بور، جدلا الأسبوع الماضي بسبب إهانته لمنتقدي لقاح كوف إيران ووصفهم بأنهم 'حمقى وعديمو القيمة'، وذلك في تغريدة على موقع تويتر.
ومؤخرا، حصل اللقاح الإيراني كوف إيران بركت الذي تنتجه شركات مرتبطة بالنظام على موافقة إدارة الأغذية والأدوية الإيرانية للاستخدام الطارئ، وذلك دون أن يتم عرضه على أي منظمة علمية أخرى للحصول على الاعتماد اللازم.
إلى هذا، أكد علماء إيرانيون بارزون عدة أنه لم يتم التدقيق بالبيانات التي استخدمت في تطوير اللقاح الإيراني بما فيه الكفاية.
وفي 7 حزيران/يونيو، نشر الموقع الإخباري المحلي، إلف، مقالا لعالم الفيروسات محمود إبراهيمي أوضح فيه أخطار الموافقة السريعة على اللقاح المحلي على المديين القصير والطويل.
الإهانات: غيض من فيض
ولم تمض ساعات قليلة على تغريدة جاهان بور يوم الخميس الماضي، 24 حزيران/يونيو، حتى قوبلت بالآلاف من الردود السلبية.
فقد أثار استخدامه لكلمة شتم معينة غضب العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بينهم عدد قليل من المثقفين البارزين الصادقين ردوا أن عليه التركيز على تلقيح الإيرانيين بدلاً من إهانتهم.
واستبدلت كلمته البذيئة في وسائل الإعلام المحلية برمز [...].
لكن جاهان بور رفض الاعتذار وذهب بعيدا في إهاناته. ففي تغريدات لاحقة، قال إنه استفز "مافيا الاستيراد" وأنه سيكشف عن المزيد من الحقائق.
ووسط هذا الغضب العارم والانتقادات، أجرى موقع خبر أونلاين المحلي مقابلة مع جاهان بور يوم السبت الماضي.
وفي هذه المقابلة، أعلن جاهان بور أنه كان بمقدوره أن يفعل "أكثر من ذلك بكثير"، لكن "الأدب لم يسمح له" أن يفعل ذلك، مضيفا أن المخطئين "يدركون تماما" أن تعليقه كان موجها لهم.
هذا ولدى جاهان بور تاريخ على تويتر في إهانة كل من ينتقد سوء إدارة الحكومة لأزمة فيروس كورونا، وهو طبيب كان قد عزل العام الماضي من منصبه كناطق باسم وزارة الصحة العامة.
وعزا جاهان بور عزله من منصبه في الوزارة لتعليقات أدلى بها وهاجم عبرها بيجين بسبب نشرها معلومات زائفة حول عدد حالات كوفيد-19 في الصين.
وقال لاحقا إنه يفضل التواصل مع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على شغل أي منصب رسمي. وفي واقع الأمر، فقد تواصل مع الشعب فعلا بتبادل الانتقادات معهم مستخدما أحيانا تعليقات سلبية أو قاسية.
واعتبر العديد من الإيرانيين أنه يستغل منصبه الرسمي لاتهام المنتقدين بأنهم يعتبرون أنفسهم "مخولين" وبـ "الانتهازية" والقيام "بأنشطة تشبه أنشطة المافيا".
إلا أن جاهان بور ليس هو المسؤول الإيراني الوحيد الذين يرد على الانتقادات بشدة.
فقد نشر وزير الصحة سعيد نمكي مرارا وتكرارا تعليقات مهينة على وسائل التواصل الاجتماعي ردا على المستخدمين، بمن فيهم علماء وأطباء وصحافيون أعربوا عن قلقهم بشأن اللقاحات المستوردة أو الإيرانية.
وهاجم أيضا بشدة منتقدي عملية التحصين في إيران.
وعلى سبيل المثال، رد نمكي على تغريدة من صحافي يشعر بالقلق قائلا له: "اختر عدم أخذ اللقاح إذا كنت تشعر بالقلق؛ فالأمر ليس إلزاميا [أن تحصل على اللقاح]".
وفي شهر كانون الثاني/يناير، اتهم منتقدي اللقاح بالخيانة والسعي وراء تحقيق مكاسب مالية.
واستجابة للدعوات لعزل جاهان بور، قال نمكي إنه نصح "عزيزي د. جاهان بور، بألا يضايق نفسه لأن الأمر لا يستحق العناء".
تفشي انعدام ثقة
هذا ويزعم المسؤولون الحكوميون أن معظم السلطات، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، لم يتم تحصينهم بالكامل بعد وأنهم يعطون الأولوية للشعب.
وكان قد تم تصوير خامنئي الأسبوع الماضي وهو يتلقى حقنة ادعت وسائل الإعلام الإيرانية بأنها الجرعة الأولى من لقاح كوف إيران.
إلا أن الكثير من أفراد الشعب يصرون على أن المسؤولين، ولا سيما البارزون منهم على وجه الخصوص، قد تم تحصينهم بالكامل ضد كوفيد-19.
ويشك الكثيرون أيضا بأن يتلقى المسؤولين اللقاح الإيراني أو الصيني، متكهنين بأنهم تلقوا لقاحا غربيا.
ويتوافق ذلك مع مسار مسلكي يشير إلى تمكن الأثرياء والعاملين مع النظام والتابعين لهم من تلقي لقاحات قبل عامة الإيرانيين.
ففي الصيف الماضي، وقبل أن تبدأ إيران في تطوير اللقاح، أعلنت قلة من المسؤولين الرفيعي المستوى في القطاع الصحي عدم قبولهم بتلقي اللقاحات الصينية أو الروسية.
ومن بين هؤلاء حسين علي شهرياري، رئيس اللجنة الصحية بالبرلمان، ود. مينو موهراز، وهي عضوة بارزة في فريق المهام الإيراني ضد فيروس كورونا ومرجعية في الأمراض المعدية لطالما حظيت بالثقة.
وقالت موهراز إنها سترفض اعتماد أي لقاح ما لم تعتمده إدارة الأغذية والأدوية الأميركية أو السلطات الطبية بالاتحاد الأوروبي.
وردا على قولها هذا، أكد جاهان بور عندما كان الناطق باسم هيئة الأغذية والأدوية الإيرانية، أن موهراز "ليست في موقع يسمح لها بتقييم اللقاح [الروسي]".
هذا وتستمر الحكومة الإيرانية في خداع الشعب ولطالما أخلت بالمواعيد النهائية التي حددتها لتلقيح المواطنين، وذلك بسبب اعتمادها طريقة فوضوية وغامضة لشراء واستيراد اللقاحات الشرقية المصدر.
وهي ترفض تغيير سياستها أو استراتيجياتها وتتجاهل ببساطة صحة الشعب وصالحه، حتى في ظل أزمة صحية عالمية قاتلة.