تحليل

طهران تخاطر بحياة الإيرانيين بتوجهها لاعتماد لقاح صيني

بهروز لاريجاني

كبيرة المتخصصين في الأمراض المعدية في إيران الدكتورة مينو مهراز، تعرب عن عدم موافقتها على اعتماد لقاح مضاد لكوفيد-19 من انتاج الصين أو روسيا. [الصورة من موقع hamshahrionline.ir]

كبيرة المتخصصين في الأمراض المعدية في إيران الدكتورة مينو مهراز، تعرب عن عدم موافقتها على اعتماد لقاح مضاد لكوفيد-19 من انتاج الصين أو روسيا. [الصورة من موقع hamshahrionline.ir]

أثار استعداد إيران للتعاون مع الصين وروسيا لتطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قلق المجتمع الطبي الإيراني، مع إعلان شخصيات بارزة فيه أن لقاحا كهذا قد لا يكون آمنا وموثوقا.

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أعلن في رسالة وجهها إلى الصين حكومة وشعبا يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أن إيران "مستعدة للتشارك مع الصين في إنتاج لقاح مضاد لكوفيد-19".

وفي آب/أغسطس الماضي، أكد سفير إيران لدى روسيا، كاظم جلالي، أن إيران وروسيا "تبحثان سبل التعاون في تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا".

وكشف جلالي عن مباحثات عقدها مع رئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر، وتبادل معه وجهات النظر حول التعاون الثنائي المحتمل في هذا المجال.

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ’مستعدة للتعاون مع الحكومة الصينية لتطوير لقاح مضاد لكوفيد-19‘. [الصورة من وكالة إيرنا]

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ’مستعدة للتعاون مع الحكومة الصينية لتطوير لقاح مضاد لكوفيد-19‘. [الصورة من وكالة إيرنا]

غير أن روسيا أعلنت بعد ذلك أنها بدأت مرحلة اختبار سريري للقاح كوفيد-19 الذي طورته، دون أن تذكر أي تعاون مع إيران.

وإثر إعلان جلالي، لحظت كبيرة خبراء الأمراض المعدية في إيران والعضوة البارزة في اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا في البلاد، مينو مهراز، أن العمل على تطوير لقاح مضاد للوباء يجري "في جميع أنحاء العالم".

وأضافت مهراز أن "روسيا تعمل أيضا على تطوير لقاح، إنما الكثير من الشوائب تعتري منتجها اللقاحي هذا".

وأوضحت أن "الروس يستخدمون فقط المواد البيولوجية التي طُورت في روسيا دون عرضها مسبقا على أي سلطة دولية للموافقة عليها".

وتحدثت الأنباء عن أن مهراز وشخصيات بارزة أخرى في المجتمع الطبي الإيراني، اعترضوا أيضا على أي استخدام محتمل في إيران للقاح صيني ولأدوية مصنعة بالصين.

وأشارت إلى أن مسؤولي الصحة العامة في إيران لن يسمحوا بتوزيع وإعطاء اللقاحات إلا تلك التي توافق عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية أو الوكالة الأوروبية للأدوية أو منظمة الصحة العالمية.

ووفقا لمهراز، فإن وزارة الصحة الإيرانية لا تعهد بسلطة الموافقة على أي مادة بيولوجية إلا لهذه الكيانات الثلاثة فقط.

الأطباء يعارضون استخدام أدوية صينية

وفي سياق متصل، يعارض الأطباء والصيادلة الإيرانيون بشكل عام استخدام الأدوية الصينية، كما يتردد أغلب المواطنين أيضا في تعاطيها.

وفي هذا الإطار، كشف الخبير القضائي في وزارة العدل، حسن علي دادسيتان، أنه "منذ عام 2011، رُفع العديد من القضايا من قبل عائلات مرضى وافتهم المنية بسبب تعاطيهم لأدوية صينية".

وقال للمشارق إنه "في هذه الحالات، استغل المستوردون غير الشرعيين للأدوية الصينية حاجات الناس ونقص الأدوية، ما عمّق عدم الثقة في الأدوية الصينية".

وقال دادسيتان إن العديد من الوفيات حدثت بسبب استخدام عقاقير تخدير صينية في العمليات الجراحية خلال العقد الماضي. وأشار كمثال على ذلك إلى وفاة الفتى سبهر مالك أحمدي عام 2001 في مستشفى عام مرموق في طهران وهو لم يتخط 13 عاما. وقال إن القضية "ما زالت مفتوحة وقيد التحقيق".

وفي تصريحات نقلتها وسائل إعلام إيرانية، شدد رئيس جمعية الصيادلة الإيرانيين رهبار مهدي زارع على "ضرورة منع الصيدليات من بيع الأدوية الصينية للناس".

وتابع، "نحن لا نثق بسلامة الأدوية الصينية"، عازيا هذا الأمر لكون "هذه الأدوية لا تدخل البلاد بشكل قانوني".

ما هي المكاسب التي قد تجنيها كل من الصين وروسيا؟

بالنسبة للكثيرين، السؤال المحوري الذي يطرح هو عن الأسباب التي قد تدفع روسيا والصين لتطوير لقاح مضاد لكوفيد-19 بالتعاون مع إيران. فما هي المكاسب التي تعود عليهما جراء ذلك؟

وللإضاءة على هذه الأسئلة، أوضحت الأخصائية في الأمراض المعدية الدكتورة زهرة شوجابور للمشارق، أنه "لا يحق للدول المنتجة للقاحات مضادة لفيروس كورونا اختبار لقاحاتها التي لم تُعتمد بعد في دول أخرى".

وأردفت أن منظمة الصحة العالمية لم توافق على أي من اللقاحات المنتجة في الصين وروسيا، لذلك تعتزم هاتان الدولتان "التعاون" مع إيران، وإن كان ذلك ظاهريا فقط، لتتمكنا من اختبار هذه اللقاحات دون موافقة منظمة الصحة العالمية.

وذكرت شوجابور أنه تبعا لسيناريو التعاون المحتمل، ستعمد الصين رسميا إلى توريد مكونات اللقاح الخام إلى إيران، ليلعن بعد تركيبها عن إنتاج ما يسمى بلقاح "إيراني الصنع".

وأضافت أن الحكومة الإيرانية ستتمكن بعد "تجميع" مثل هذا اللقاح في البلاد من اختباره على المواطنين الإيرانيين، مشيرة إلى أن هذه العملية ستدر أيضا أموالا طائلة للنظام الإيراني.

ويبدو أن النظام الإيراني مستعد لإعطاء جرعات من اللقاحات الروسية أو الصينية المحتملة إلى مواطنيه، على الرغم من معارضة المؤسسات الطبية والصيدلانية والناس لهذه الخطوة.

النظام الإيراني يواجه الانتقادات وانعدام الثقة به

وفي ظل عدم توفر لقاحات لداء الانفلونزا للمواطنين في إيران، عمد المسؤولون في الجمهورية الإسلاميةإلى استيراد كميات منها سرا لاستخدامهم الشخصي، ولم يكتشف الناس ذلك إلا بعد تسريب هذا الخبر عبر تقارير.

وفيما يتعلق بتلقي العلاجات واللقاحات، لطالما أظهر المسؤولون في النظام تفضيلهم الطب الغربي على الطب الصيني أو الروسي، لا سيما لجهة الأدوية المستخدمة ونموذج الرعاية الصحية المعتمد.

فتراهم يسافرون إلى الدول الأوروبية لتلقي العلاج عندما يستطيعون سبيلا، محيطين ذلك بسرية تامة. إلا أن معاييرهم وأولوياتهم تتبدل عندما يتعلق الأمر بعامة الناس.

وعانت إيران من أشرس حالات تفشي فيروس كورونا في المنطقة، وحلت مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر في لائحة الدول التي سجلت أكبر عدد من الوفيات الجديدة.

ومنذ البداية، واجه النظام الإيراني انتقادات حادة لسوء إدارته أزمة فيروس كورونا ، مع اتهام المراقبين له بعدم الاستجابة سريعا لتفشي الوباء.

واتهموه أيضا بعدم كفاءة الإدارة واعتماد السرية والكذب، قائلين إنه حاول إخفاء حجم تفشي الجائحة وفشل في اتخاذ تدابير وقائية لحماية المواطنين الإيرانيين.

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

رواية شاهد عيان عن الوضع في المستشفيات: حين نقلت أمي إلى المستشفى، كانت واعية تماما ولم تكن تعاني إلا من استسقاء رئوي بسيط، وهو أمر لم يكن غير مسبوق. باستخدام الترهيب والقوة، قاموا بنقلها إلى وحدة العناية المركزة. لم يسمحوا لي بزيارتها حتى لـ 5 دقائق. ثم سمعت صوت أمي من داخل الغرفة وهي تقول "اتصلوا به". عند السؤال، بعد بضعة أيام قالوا لي إن "حالتها كانت جيدة، لكن فجأة فقدت الوعي". والآن، قالت لي إحدى الممرضات في وحدة العناية المركزة إنه من المحتمل أنهم حاولوا أن يجربوا فيها نوعا من الأدوية. أنا والمريضة كنا أشبه بالأسرى، غير مدركين على الإطلاق للوضع... بعد حوالي شهر، اتصلوا بي ليقولوا إنها قد توفيت. وحدث ذلك مع رغم أن فحص فيروس كورونا الذي أجرته جاء سلبيا. أعتبر أن مدربي الجمهورية الإسلامية هم من قتلوا [أمي]. منذ بضعة أشهر، كنت على وشك الحصول على المساعدة للانتحار من أطباء، وهو ما كان سيعني موتا محتما ومضمونا. ولكن اليوم أعرف أنني لن أموت إلا بعد الانتقام من الجمهورية الإسلامية. لقد أخذوها مني [أمي] وقتلوها. هذه ليست كلماتي؛ فقد قال لي رئيس وحدة العناية المركزية سرا أن حالتها هي حالة تجربة أدوية على المريض.

الرد