يتصاعد الغضب وانعدام الثقة في إيران بسبب سوء إدارة النظام الإيراني لجهود التلقيح ضد كوفيد-19 وتزايد أعداد المصابين بالفيروس.
وأصبحت نحو 385 مدينة في إيران الآن مناطق حمراء أو برتقالية من حيث نسب الإصابة بكوفيد-19، علما أن اللون الأحمر يشير إلى أعلى عدد من الحالات الإيجابية، يليه اللون البرتقالي، بحسب المسؤولين الإيرانيين. وتشير التقارير إلى أن نحو 8350 مصابا بفيروس كورونا كانوا في المستشفيات اعتبارا من يوم الخميس، 5 آب/أغسطس، في العاصمة طهران وحدها.
ومنذ شهر شباط/فبراير 2020، أُدخل 3.5 مليون إيراني إلى المستشفيات بسبب أعراض كوفيد-19، في حين توفي نحو 92700 من الفيروس، بحسب البيانات الرسمية.
ولكن اعترف المسؤولون حتى على مضض أن الإحصائيات الفعلية أعلى بكثير، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن معدل الوفيات اليومي جراء كوفيد-19 يبلغ 400 شخص.
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في حالات فيروس كورونا، لم يلتزم المسؤولون بالتباعد الاجتماعي أثناء حفل تنصيب الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي يوم الخميس.
ويشكل ذلك أحدث دليل على سوء الإدارة من جانب الحكومة التي رفضت قبول اللقاحات الغربية وحاولت تطوير لقاحات خاصة بها.
ففي الصيف الماضي، قالت إدارة الرئيس السابق حسن روحاني إنها ستطور لقاحا بالتعاون مع الصين وروسيا، لكن لم يتم التوصل في أي من الخطتين إلى نتائج مثمرة. وهناك محاولة أخرى لإنتاج لقاح بالتعاون مع كوبا تم الإعلان عنها في وقت سابق من هذا العام، ومن المتوقع أن يكون هذا اللقاح جاهزا للتوزيع بنهاية الصيف.
وكانت هيئة الأغذية والأدوية الإيرانية قد وافقت في شهر حزيران/يونيو على استخدام لقاح كوف إيران بركت الإيراني الذي طورته مجموعة شفاء فارميد المملوكة للدولة.
وفي شهر كانون الثاني/يناير، رفض المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عرض الولايات المتحدة بالتبرع بلقاحات كوفيد-19 وأعلن حظرا على اللقاحات المنتجة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي الوقت الراهن، فإن اللقاحات المتاحة في إيران هي كوف إيران بركت واللقاح الصيني سينوفارم ولقاح أسترازينيكا الذي تنتجه كوريا الجنوبية.
ووفقا للبيانات الرسمية وبحلول 5 آب/أغسطس، كان 11.5 مليون إيراني قد تلقوا الجرعة الأولى من جرعتين من اللقاحات المتاحة، ولم يحصل إلا 2.9 مليون مواطن على الجرعتين.
ولا تتاح لقاحات فايزر وأسترازينكا إلا بصورة نادرة ومقابل أسعار مرتفعة في السوق السوداء، ولكن لا يوجد ضمانة بأن القوارير تحتوي على ما يُزعم أنها تحتويه.
واعتبارا من أوائل شهر آب/أغسطس، فإن المواطنين الإيرانيين الذين تزيد أعمارهم عن 53 سنة هم الذين يحق لهم الحصول على اللقاح.
ولكن يقول الكثير من المواطنين العاديين إن الفئة العمرية التي أعلنتها الحكومة لا يتم الالتزام بها حتى وإن أشخاصا دون سن الـ 60 لا يزالون غير قادرين على الحصول على اللقاح في معظم ربوع البلاد.
غضب من خامنئي
وكشفت تقارير من خارج إيران وأيضا منشورات لإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن الغضب الذي يشعر به المواطنون إزاء رفض خامنئي للقاحات الغربية وحظره استيرادها وسوء إدارة النظام الفجة للأزمة منذ بدايتها.
وتفاقمت الضغوط الاقتصادية في البلاد منذ ارتفاع عدد حالات كوفيد-19، لكن النظام يستمر بواسطة الحرس الثوري الإيراني في تنفيذ أجندته التوسعية في المنطقة.
وحين يتعلق الأمر بالشعب الإيراني، فإن الحكومة تقول إنها ليس لديها المال الكافي لمساعدة أصحاب الأعمال، ولهذا ترفض تطبيق الإغلاق الكامل لاحتواء انتشار الفيروس.
وقال أراش وهو مدرس في الـ 28 من العمر يقيم في شمال إيران وأصيب بكوفيد-19 مرتين في العام الماضي، إنه يتطلع لرؤية طلابه في الصفوف الدراسية في موسم الخريف المقبل.
وأضاف "لكن بفضل خامنئي، أنا واثق تماما من أنني لن أستطيع أن أفعل ذلك".
وأوضح أراش أن بعض الطلاب ولا سيما أولئك الذين يأتون من مناطق ريفية، لديهم خدمة إنترنت ضعيفة أو غير موجودة من الأساس في البيت، وأنهم فوتوا الكثير من الدروس وفقدوا التفاعل الاجتماعي.
وفي حين أن معظم الإيرانيين ليسوا ضد اللقاحات، فإن كثيرين منهم لا يثقون في اللقاحات الصينية أو الإيرانية.
بدوره، قال باباك وهو ممرض بقسم الرعاية المركزة ويبلغ من العمر 50 عاما ويعيش في وسط إيران، إنه "على الرغم من انعدام الثقة في اللقاحات الصينية والإيرانية، فإن معظم الناس محبطون ويائسون للغاية لدرجة أنهم لا يأبهون بنوعية اللقاح الذي يحصلون عليه طالما أنهم يستطيعون الحصول عليه".
وأضاف "الناس خائفون من المرض والموت، وأصحاب الأعمال يتكبدون خسائر على نحو متزايد مع مرور الوقت. لقد مل الناس من هذه الكارثة، فقد مات الكثير منهم والحكومة تكذب بشأن الوفيات وحتى إحصاءات الحالات المنقولة إلى المستشفيات طوال الوقت".
ʼأسوأ مما يمكن تخيلهʻ
وأوضح باباك أنه تمكن من الحصول على اللقاح في وقت مبكر نسبيا لأنه يعمل في المجال الصحي.
وقال "حصلت على مضض على اللقاح الصيني، على اعتبار أن أي نوع من اللقاح أفضل من لا شيء".
وأكد "لقد رأيت هذه المصيبة وشعرت بها وعشتها عن كثب منذ البداية".
وتابع أن "الوضع أسوأ بكثير مما يمكن تخيله".
وتشير التقارير إلى أن معظم الإيرانيين العاديين مستعدون لتلقي أي لقاح بغض النظر عن مكان تصنيعه على أمل أن ينقذهم من دخول المستشفيات.
وفي المناطق الحضرية أكثر والمدن الكبيرة، يكون الناس أكثر انتقائية ولا سيما إذا كانوا ميسورين ماليا. وقد عمد من يستطيعون جسديا وماليا التحرك، إلى السفر إلى بلاد أخرى للحصول على اللقاح، أو أنهم يستعدون لفعل ذلك، وتشمل هذه البلاد أرمينيا المجاورة.
من ناحيتها، تقول شهرزاد وهي محاسبة في الـ 62 من العمر وتعيش في طهران، إنها لا تستطيع تحمل كلفة السفر للخارج وسط الطلب المرتفع على السفر وارتفاع أسعار التذاكر بصورة كبيرة، لكنها ترفض أيضا أخذ اللقاح.
وأكدت "لن أحصل أبدا على اللقاح الصيني. لا أثق في المنتجات الصينية على الإطلاق. ولكن ثقتي بالحكومة الإيرانية أقل من ذلك بعد".
السخط الشعبي ليس بسبب اللقاح هذا واحد من الاسباب ولكن الفقر وتبديد الاموال لها دور اكبر
الرد1 تعليق