فشلت إيران في محاولة لإطلاق قمر صناعي إلى الفضاء في مطلع حزيران/يونيو، بحسب الجيش الأميركي وصور الأقمار الصناعية للفضاء الإيراني في سمنان.
وتعتبر الحادثة التي أكدها البنتاغون، الأحدث من نوعها في سلسلة من الإخفاقات المحرجة التي لحقت ببرنامج الفضاء الإيراني.
وقال المتحدث باسم البنتاغون أوريا أورلاند إن "قيادة الفضاء الأميركية على علم بالعملية الفاشلة لإطلاق الصاروخ الإيراني في 12 حزيران/يونيو".
ولم يقدم النظام الإيراني أي تفسير عن سبب فشل إطلاق الصاروخ في ميناء الإمام الخميني الفضائي. وقد نفى تقارير وكالة أسوشيتد برس ومحطة سي.إن.إن التي كشفت عن هذا الخبر يوم الأربعاء، 23 حزيران/يونيو، قائلا إن أقماره الصناعية لا تزال على الأرض.
وأشارت محطة سي.إن.إن على لسان محللين في معهد ميدلبري للدراسات الدولية إلى أنه توجد مؤشرات على أن إيران ستعيد عملية الإطلاق قريبا.
حيث قال الخبير في معهد ميدلبري جيفري لويس في تغريدة على تويتر إنه قام مع زميله ديف شمرلر، أحد كبار الباحثين في المعهد، بدراسة صورة التقطت في 6 حزيران/يونيو لميناء الإمام الخميني الفضائي.
وذكر أن صورة لماكسار تكنولوجيز أظهرت المؤشرات التي ترافق عادة عمليات إطلاق الصواريخ إلى الفضاء في إيران، لافتا إلى أن "هذه تشكل التواقيع نفسها التي كنا نستخدمها للتبنؤ بعمليات إطلاق سابقة إلى الفضاء".
وتابع أن الصور أظهرت أكثر من 12 مركبة في مبنى الخروج الأفقي للميناء، علما أن هذا "أمر لا يحدث إلا قبل عمليات الإطلاق إلى الفضاء".
وقال إن "مؤشرا آخر تمثل بالمعدات المتخصصة في جسر الإطلاق المتحرك، وشملت مركبتين خاصتين ومنصة عمل متحركة. ونحن لا نرى أبدا هذه المعدات إلا قبل عمليات الإطلاق إلى الفضاء".
وأشار إلى أن صورا التقطت سابقا في 1 حزيران/يونيو من قبل مجموعة أقمار مراقبة الأرض التابعة لبلانيت كشفت وجود "حاويات وقود، إضافة إلى حاوية مؤكسدة محتملة".
وقال "هناك مجددا سبب واحد لإحضار هذا القدر من الوقود إلى الموقع".
ولفت إلى أن العمال استخدموا الجسر، وهو منصة متحركة لدعم وصيانة الصواريخ قبل إطلاقها، هذه السنة لإطلاق صواريخ سيمورغ (فينيكس) الفضائية في مناسبات عدة.
وأضاف أن الصور التي التقطت بعد ذلك كشفت عن تراجع في النشاط بالموقع، ذاكرا "كنا شبه متأكدين أن عملية الإطلاق قد فشلت".
وأكد البنتاغون لاحقا فشل عملية الإطلاق لمحطة سي.إن.إن.
وقال لويس إنه من المرجح أن تعيد إيران التجربة مجددا، إذ أن صورا جديدة التقطتها بلانيت بيّنت في 20 حزيران/يونيو نشاطا متجددا في الموقع حيث ظهر تجمع لخزانات الوقود ومركبات الدعم لعملية إطلاق أخرى.
مصدر إحراج
وتمت آخر عملية إطلاق لصاروخ إلى الفضاء من قبل إيران في نيسان/أبريل 2020، إذ وضع القمر الصناعي المصغر نور-1 في الفضاء، حسبما ذكر أورلاند.
ولكن مسؤولين أميركيين قالوا منذ البداية إن القمر الصناعي العسكري بدا وكأنه يواجه مشاكل.
وقال أورلاند "تظهر مراقبتنا المستمرة لهذا الكائن بأنه ليس تحت السيطرة وليس شغالا".
وشكّل نور-1 مصدر إحراج لإيران، إذ زعم الحرس الثوري الإيراني بأنه استخدم صورا التقطها القمر الصناعي لمساعدته في تنسيق مناورة عسكرية في تموز/يوليو الماضي.
والتقط القمر الصناعي صورا لأنحاء أخرى من المنطقة، بما في ذلك قاعدة العديد الجوية في قطر، حسبما زعم الحرس الثوري أيضا.
ولكن بعد وقت قصير من ذلك، لاحظ مراقبون تشابها بارزا بين الصور التي نشرت وتلك التي تم التقاطها بواسطة تطبيق غوغل إيرث، ما أثار تكهنات بأن صور نور-1 لم تكن أصلية.
وفي 29 تموز/يوليو الماضي، نشرت محطة بي.بي.سي بالفارسية تقريرا استقصائيا بشأن صحة الصور.
وقارن التقرير الصور ولفت إلى جودتها وتفاصيلها التي كانت شبيهة بتلك الموجودة في الصور التي التقطت بواسطة غوغل إيرث في العام 2016 لقاعدة العديد. وتتوفر صور غوغل إيرث مجانا على التطبيق.
وفي محاولة سابقة، قالت إيران في شباط/فبراير 2020 إنها أطلقت "بنجاح" قمر ظفر (النصر) الصناعي، لكنها فشلت في وضعه في مداره.
ويوم الأربعاء، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية على لسان وزير الإعلام والاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي، قوله إن برنامج الفضاء الإيراني متواصل "استنادا إلى توجيهات المرشد الأعلى [علي خامنئي] وتصريحات الرئيس [حسن روحاني]. ويستند البرنامج إلى 3 ركائز.
إلا أنه لم يقدم تفاصيل عن "الركائز الثلاث".
إنكار إيران
ويوم الأربعاء، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن وزير الإعلام والاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي إنكاره فشل إطلاق القمر الصناعي.
وقال آذري جهرمي إن برنامج الفضاء الإيراني متواصل "استنادا إلى توجيهات المرشد الأعلى [علي خامنئي] وتصريحات الرئيس [حسن روحاني].
ويستند البرنامج إلى 3 ركائز".إلا أنه لم يقدم تفاصيل عن "الركائز الثلاث".
ولإيران تاريخ طويل على صعيد إنكار الإخفاقات والفشل.
وسُجل أحدث وأبرز مثال على ذلك في كانون الثاني/يناير 2020 عندما أسقط الحرس الثوري رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية رقم 752 التي كانت متجهة إلى كييف، وهو فشل أودى بحياة كل من كانوا على متن الطائرة وعددهم 176 مدنيا.
ورغم الأدلة المصورة والظرفية التي تشير إلى استهداف الطائرة بصاروخ أرض-جو، استمرت طهران طوال أيام عديدة في إنكار سقوط طائرة الرحلة 752 بضربة صاروخية.
إلا أن الرئيس الإيراني حسن روحاني اعترف في نهاية المطاف بالحقيقة، وهي أن الحرس الثوري كان وراء إسقاط الطائرة.
وأدى هذا الإقرار وظهور محاولة إخفاء الحقيقة، إلى اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة في إيران دامت أياما عدة.
يُذكر أن الإنكار يعد أيضا إحدى الركائز الثلاثة (إلى جانب الخداع والكذب) التي تستند إليها حملة التضليل التي أطلقها النظام في مسألة تعامله مع أزمة كوفيد-19 المتفاقمة في البلاد.