حتى في الوقت الذي تواصل فيه إيران خوض محادثات "معقدة وصعبة" في فيينا لإعادة العمل بالاتفاق النووي لعام 2015، الذي تم بموجبه تخفيف العقوبات عنها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، يستعرض النظام التطورات المزعومة التي حققها في برنامج الصواريخ.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم الإثنين، 14 شباط/فبراير، إنه يعتقد أن الاتفاق بات "قريبا".
وفي حديثه خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية والدفاع الأيرلندي الزائر سيمون كوفيني، أضاف كبير الدبلوماسيين الإيرانيين "نحن جادون ومستعدون للتوصل إلى اتفاق جيد".
ولطالما أكدت القوى العالمية المشاركة في مفاوضات الاتفاق النووي أنها بحاجة إلى الاقتناع بأن إيران تخفض برنامج الصواريخ البالستية. لكن إيران تمتلك حاليا أكبر ترسانة صواريخ في الشرق الأوسط، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
كما أنها لا تظهر أي مؤشر على تقليص عمليات تطويرها لأسلحة فتاكة بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس حربية نووية.
وفي الأسبوع الماضي، وتحديدا يوم 9 شباط/فبراير، أعلن الحرس الثوري الإيراني عن تطوير صاروخ أرض-أرض بمدى معلن يبلغ 1450 كلم، ومن شأن هكذا مدى أن يطال إسرائيل.
وقال موقع سيبانيوز التابع للحرس الثوري الإيراني إن الصاروخ الذي أطلق عليه اسم خيبرشيكان "يعمل بوقود صلب وقادر على اختراق الأنظمة المضادة للصواريخ".
ووصفه رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري بأنه صاروخ "استراتيجي بعيد المدى".
وفي 24 كانون الأول/ديسمبر، أطلقت الجمهورية الإسلامية 16 صاروخا بالستيا لاختتام التدريبات العسكرية التي وصفها مسؤولو الحرس الثوري بأنها "تحذير لإسرائيل".
وأكد باقري في 7 شباط/فبراير أن إيران "تتمتع بالاكتفاء الذاتي من حيث المعدات العسكرية"، لافتا إلى أنها قد تصبح واحدة من أكبر مصدري الأسلحة في العالم إذا تم رفع العقوبات الأميركية.
ووفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، تمتلك إيران نحو 20 نوعا من الصواريخ البالستية، بالإضافة إلى صواريخ كروز وطائرات مسيرة.
وتتنوع قدراتها، إذ يبلغ مدى صواريخ قيام-1 800 كلم، فيما قد يصل مدى صواريخ غدر-1 إلى 1800 كلم.
وأشار المعهد إلى أن الأولوية الحالية لإيران هي زيادة دقة صواريخها.
محاولات فاشلة
وعانى برنامج الفضاء والصواريخ الإيرانيخلال السنوات الأخيرة من سلسلة من الانتكاسات، شملت اندلاع حرائق مميتة وانفجار صاروخ على منصة الإطلاق.
وبعد الإعلان عن إطلاق القمر الصناعي بواسطة صاروخ سيمرغ (فينيكس) في أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، اعترف المسؤولون الإيرانيون بأن القمر الصناعي لم يكن قادرا على حمل حمولاته الثلاث إلى المدار.
وعلى الرغم من الاعتراف بالفشل، قال قائد الفضاء في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده في 13 كانون الثاني/يناير إن إيران نجحت لأول مرة في اختبار دفعات الوقود الصلب لحاملات الأقمار الصناعية.
وأضاف القائد الإيراني "خلال العامين الماضيين، عملت جميع ناقلات الأقمار الصناعية الإيرانية التي تم اختبارها على وقود سائل. لكننا نجحنا في هذا الاختبار باستخدام محرك يعمل بالوقود الصلب بقوة دفع تبلغ 66 طنا".
وأشار حاجي زاده إلى أن طهران نجحت في إطلاق "العديد من الأقمار الصناعية ذات المحركات الرخيصة إلى الفضاء".
وقبل أيام قليلة، أطلقت منظمة الصناعات الفضائية الجوية الإيرانية تحت رعاية وزارة الدفاع صاروخا عبر الأقمار الصناعية (رفح) من مركز الخميني للفضاء في سمنان.
وقال خبير الدفاع باباك تقوایی إن "صواريخ الأقمار الصناعية تستخدم عادة الوقود السائل، لكن استخدام الوقود الصلب يسمح بإطلاق الصواريخ من قاذفات متحركة".
وأضاف "أنظمة الصواريخ البالستية تستفيد من الوقود الصلب". وأردف "هذه الصواريخ تستخدم بشكل عام لحمل رؤوس حربية نووية فقط، وذلك بسبب تكلفتها العالية وقدرتها على حمل الحمولات الخفيفة فقط".
وفي شباط/فبراير 2020، أعلنت إيران أن صاروخ سيمرغ أطلق بنجاح القمر الصناعي ظفر إلى الفضاء، لكنه فشل في إرساله إلى المدار لأنه لم يستطع الوصول إلى السرعة المطلوبة.
وحتى الآن، لم يتخط مدى الصواريخ البالستية للحرس الثوري الإيراني عتبة الـ 2500 كيلومتر كحد أقصى، وذلك بأمر من المرجع الأعلى في إيران علي خامنئي.
وقال تقوایی "اليوم، ومن خلال الكشف عن صواريخ أقمار صناعية مع القدرة على تحويلها إلى صواريخ بالستية قارية، تحاول الجمهورية الإسلامية تسجيل نقاط خلال محادثات فيينا النووية عبر إثبات قدرتها على صنع مثل هذه الصواريخ".
أنشطة ’موازية‘
وفي السنوات الأخيرة، عملت القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني بالتوازي مع منظمة الفضاء لتطوير وبناء الأقمار الصناعية.
وانخرط كلاهما في تنفيذ المهمة نفسها والهدف نفسه، على الرغم من أنهما يستخدمان إجراءات وبروتوكولات مختلفة أثناء قيامهما بمهامهما.
وقال مراقبون إن هذه هي الحال عادة مع أنشطة الحرس الثوري الإيراني، مشيرين إلى أنالحرس يتمتع بسلطة أكبر من سلطة الوزارات في الحكومة.
وفي نيسان/أبريل 2020، أعلنت قوة الفضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني أنها أطلقت القمر الصناعي العسكري "نور-1" إلى مداره من موقعه الفضائي، على بعد 35 كيلومترا جنوب شرق شهرود.
لكن رئيس قيادة الفضاء الأميركية الجنرال جاي ريموند أكد أن ما يسمى بـ "القمر الصناعي" ما هو إلا "كاميرا ويب متدحرجة".
وشكل نور-1 مصدر إحراج لإيران، إذ ادعى الحرس الثوري الإيراني أنه استخدم الصور التي التقطها القمر الصناعي لمساعدته في تنسيق مناورة عسكرية في تموز/يوليو 2020.
وزعم الحرس الثوري الإيراني أيضا أن القمر الصناعي التقط صورا لمواقع أخرى في المنطقة، بينها قاعدة العديد الجوية في قطر.
لكن بعد ذلك بوقت قصير، لاحظ المراقبون تشابها كبيرا بين الصور التي تم نشرها وتلك التي التقطت بواسطة برنامج غوغل إيرث، ما أثار تكهنات بأن صور نور-1 ليست صحيحة.