حذر المراقبون من أن توجه إيران إلى خوض صراع عسكري سيفقام تردي الأوضاع الداخلية، مشيرين إلى أن اندلاع الحرب سيدفع إيران إلى الانهيار الاقتصادي ويتسبب بأزمة لاجئين إقليمية ذات أبعاد مريعة.
وتمر إيران بضائقة شديدة مع ارتفاع معدلات التضخموانهيار احتياطيات العملة، وهو الأمر الذي يتركها على حافة الانهيار الاقتصادي. كما أنها معزولة دوليا بسبب العقوبات، في وقت يتصاعد فيه السخط داخليا.
وعلى الرغم من ضعفها الشديد، تواصل إيران قرع طبول الحرب في مواجهة الولايات المتحدة، مستخدمة في المقام الأول وكلائها في العراق، إذ حُملت الفصائل العراقية المرتبطة بإيران في الأشهر الأخيرة مسؤولية الوقوف وراء سلسلة من الهجمات ضد قوات التحالف ضد تنظيم داعش في الأشهر الأخيرةحيث وقع 39 منها على الأقل منذ شهر كانون الثاني/يناير الماضي.
ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، شهدت البلاد ازديادا في عدد مواطنيها المهاجرين الذين يبحثون في الخارج عن المزيد من الحريات الشخصية والسياسية وفرص التعليم والاستقرارالوظيفي والمالي.
ويتجه الكثير من هؤلاء إلى الغرب، بينما تشكل تركيا ملاذًا إقليميًا لآخرين.
وتوقع مراقبون من أن دخول إيران بأي صراع جديد سيؤدي إلى ارتفاع في أعداد المهاجرين.
وفي حين أنه من المتوقع تزايد نزوح الإيرانيين بصورة كبيرة في حال نشوب حرب، يكمن القلق الأكبر في المعاناة التي سيتكبدها اللاجئون الذين تستضيفهم إيران حاليا واحتمال مواجهة أزمة لاجئين إقليمية.
اللاجئون المقيمون في إيران
فوفقا لأحدث البيانات المنشورة، تحتل إيران المرتبة السابعة بين الدول التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم.
فقد لجأ عدد كبير من الباكستانيين إلى إيران، وتظهر بيانات الحكومة الإيرانية أن عدد اللاجئين العراقيين بلغ حتى تشرين الأول/أكتوبر 2020 أكثر من 20 ألف لاجئ. لكن الغالبية العظمى من اللاجئين هم من الأفغان.
فعلى مدى العقود الثلاث الماضية، فر عدد كبير من اللاجئين الأفغان إلى إيران، وسجل معدل الهجرة زيادة مطردة خلال السنوات العشر الماضية.
ويملك بعض الأفغان الذين يعيشون في إيران بطاقات إقامة، فيمت يقيم البعض الآخر فيها بتأشيرة دخول، لكن عددا كبيرا منهم غير مسجلين.
وعادة ما تصدر وزارة الخارجية الإيرانية تأشيرات للمهاجرين الأفغان تمتد صلاحيتها إلى ثلاثة أشهر، لكنها زادت مؤخرا هذه المدة لتصبح عاما كاملا.
ويُفترض على حاملي التأشيرات مغادرة البلاد قبل انتهاء صلاحية التأشيرة والتقدم بطلب لتجديدها عند دخولهم مجددا. لكن العديد من الأفغان لا يفعلون ذلك ويواصلون العيش في إيران والعمل فيها بشكل غير قانوني.
وتُظهر بيانات المفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أن عدد الأفغان الذين يعيشون في إيران بلغ مع حلول شهر كانون الأول/ديسمبر 2020 أكثر من ثلاثة ملايين نسمة.
ووفقا للمفوضية، يحمل نحو 951 ألف أفغاني من الذين يعيشون في إيران بطاقات إقامة، فيما يملك 450 ألف آخرين جوازات سفر قانونية لكنهم يحتاجون إلى تمديد تأشيراتهم كل ثلاثة أشهر.
إلى هذا، تستضيف إيران نحو مليوني أفغاني غير مسجلين.
وقال مراقبون إنه في حال انخراط إيران في صراع، من المرجح أن يفر العديد من هؤلاء اللاجئين مسببين بذلك أزمة إقليمية لأن بلدانهم الأصلية عاجزة عن تحمل تبعات عودتهم.
تداعيات أي صراع محتمل
وقال المتخصص في العلاقات الدولية لطيف نزاري المقيم في كابول إن الاقتصاد والتجارة في أفغانستان سيتأثران بشدة إذا دخلت إيران آتون الحرب.
وأضاف أن الحرب ستكون "كارثية" على المنطقة بعامة وعلى أفغانستان بخاصة، لافتا إلى أن التدفق العكسي لملايين الأفغان الفارين من إيران سيخلق "أزمة إنسانية واجتماعية عارمة".
من جانبه، قال محلل الشؤون السياسية المقيم في كابول مقصود حسن زاده إن "الأفغان الذين أجبروا على الهجرة بسبب الحرب والبؤس في بلادهم سيضطرون إلى العودة إليها مجددا، لكن الوضع في أفغانستان ليس جاهزا بعد ليوفر لهم عودة آمنة".
وتابع أن العودة الجماعية ستغرق على الأرجح "البلاد في أزمة إنسانية".
كما أكد المحلل السياسي والاقتصادي المقيم في كابول سيد مسعود أن الحكومة الأفغانية لن تكون قادرة على توفير الوظائف أو المأوى للعائدين.
وأشار إلى أن "دول المنطقة ليست في وضع يمكنها من استيعاب ملايين اللاجئين الأفغان في حال نشوب حرب مع إيران".
عدم الاستقرار يتفاقم في إيران
وفي الداخل الإيراني، وصل الغضب الشعبي من الظروف الاقتصادية والمعيشية إلى نقطة الغليان، وحذر مراقبون من أن الجولة التالية من الاحتجاجات قد تكون أكثر عنفا من الاحتجاجات التي اندلعت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 على خلفية رفع أسعار الوقود.
وآنذاك، ردت القوات الأمنية بقيادة الحرس الثوري الإيراني المدعوم بقوة من المرشد الأعلى علي خامنئي على تلك الاحتجاجات بإطلاق النار على المتظاهرين في عدة مدن، واعتقال المئات منهم وتعذيبهم .
وبحسب بعض التقديرات، فقد قتل في هذه المواجهات ما يصل إلى 1500 مدني.
وتشير التقارير الواردة من إيران في الأشهر الأخيرة عن تباطؤ سرعة الإنترنت وانقطاعها بين حين وآخر إلى أن النظام قد يكون يحاول الحؤول دون اندلاع جولة جديدة من الاضطرابات الشعبية.
وفي الأول من حزيران/يونيو الجاري، قال وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد جهرمي إن مجلس الأمن الأعلى في البلاد "يفكر في إمكانية اللجوء إلى حظر وسائل التواصل الاجتماعي".
وفي إحدى أحدث علامات الاضطرابات، عمدت قوات الأمن الإيرانية في شباط/فبراير الماضي إلى فتح النار على مدنيين كانوا ينقلون الوقود بالقرب من الحدود الباكستانية، ما أدى إلى اندلاع انتفاضة عنيفة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تشهدها إيران وتجلي مؤشرات اندلاع اضطرابات فيها، اختار قادتها مواصلة إنفاق مواردهم المالية الضئيلة على توفير الأسلحة لميليشياتهم الوكيلة في المنطقة.
وحذر المراقبون من أنه في حال سير قادة إيران في طريق التشبث بالعدائية وإشعال الصراع في البلاد، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تأزم الوضع الصعب أصلا ناهيك عن تداعيات إقليمية مرعبة.
[ساهم سليمان في هذا التقرير من كابول.]
نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن تمر هذه التوترات دون الدخول في حروب تجر المنطقة كلها إلى أزمات لا يعلم مداها إلا الله
الرد1 تعليق