قال خبراء إن نوع ونوعية الصواريخ التي استخدمتها ميليشيات عراقية غير معروفة في هجمات ضد قوات الولايات المتحدة والتحالف الدولي خلال الأسابيع الماضية تشير "من دون شك" إلى تورط إيران في هذه الأحداث.
ومع أن أسمائها تختلف، إلا أن هذه الميليشيات التي تسمى "واجهات"،والتي يبلغ عددها الحالي 15 جماعة، ترتبط بالحرس الثوري الإيراني عبر ميليشيات عراقية نافذة مدعومة من إيران وتتحرك لخدمة مصالحها.
وقد تورطت في سلسلة من الهجمات التي طالت مصالح أجنبية في العراق.
وذكرت مصادر أمنية أنه في 3 آذار/مارس، استهدف ما لا يقل عن 10 صواريخ إيرانية الصنع قاعدة عين الأسد في غربي العراق والتي تضم قوات تابعة للتحالف الدولي، ما أسفر عن مقتل مقاول مدني.
وقالت المصادر إن الصواريخ كانت من طراز أراش الإيراني الصنع، وهي صواريخ مدفعية من عيار 122 ميليمترا وتعد أثقل من تلك المستخدمة في هجمات مشابهة.
وفي منتصف شباط/فبراير، زعمت جماعة سرايا أولياء الدمأنها أطلقت أكثر من 12 صاروخا على مجمع عسكري للتحالف الدولي في مطار أربيل في إقليم كردستان بالعراق.
وقتل مقاول أجنبي وأصيب 8 آخرين وجندي أميركي لدى سقوط مجموعة الصواريخ من عيار 107 ميليمترا بعد إطلاقها من موقع على بعد عدة كيلومترات غربي المدينة.
كما سقط عدد من الصواريخ عند أطراف أربيل، ما تسبب بإصابة عدد من المدنيين.
وظهر اسم سرايا أولياء الدم للمرة الأولى في وسائل الإعلام العراقية الصيف الماضي، عندما تبنت الجماعة هجومين على قاعدة التاجي شمالي بغداد حيث كانت القوات الأميركية متمركزة.
وفي 4 آذار/مارس، أشادت سرايا أولياء الدم على منصة تيليغرام بـ "المجاهدين" الذين نفذوا الهجوم على قاعدة عين الأسد.
وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يوم الأحد، 7 آذار/مارس، إن الولايات المتحدة "ستقوم بما هو ضروري" للدفاع عن نفسها، وذلك عند سؤاله عن الهجمات الصاروخية المتواصلة في العراق.
وأضاف "سنضرب في الزمان والمكان الذي نختاره إذا رأينا أن هذا ما علينا فعله".
التحقيقات تورط قوات الحشد الشعبي
وفي 3 آذار/مارس، قال جهاز مكافحة الإرهاب في أربيل إن تحقيقاته أشارت إلى تورط عناصر من قوات الحشد الشعبي في هجوم أربيل، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويضم الحشد الشعبي فصائل متشددة موالية لإيران اتهمتها الولايات المتحدة والمسؤولون العراقيون بتنفيذ هجمات صاروخية سابقة على مصالح غربية.
ونشر جهاز مكافحة الإرهاب في أربيل "اعترافا" أدلى به رجل وصفه الجهاز بأنه واحد من 4 أشخاص شاركوا في الهجوم وورطوا الحشد الشعبي.
وفي هذا الإطار، قال جبار الياور أمين عام وزارة البشمركة في العراق إن التحقيقات في هجوم أربيل لا تزال مستمرة على عدة جبهات.
وأضاف أن لجنتين من حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية تعملان حاليا على جمع المعلومات والأدلة والقرائن.
ونوّه الياور إلى أن حكومة الإقليم اتخذت إجراءات وقائية على خلفية الهجوم، من بينها زيادة القوات الأمنية المنتشرة في ضواحي أربيل وتفعيل العمليات الأمنية والاستخبارية للبحث عن الخلايا النائمة.
يُذكر أن هجوما مشابها استهدف قاعدة بلد الجوية شمالي بغداد في 20 شباط/فبراير أسفر عن إصابة مقاول أجنبي كان يعمل مع شركة سالي بورت الأميركية المكلفة بتقديم الدعم الفني لطائرات أف-16 الحربية العراقية.
وبعد أقل من 48 ساعة، سقط عدد من الصواريخ على المنطقة الخضراء ببغداد مستهدفا مجمع السفارة الأميركية، وقد أدى ذلك إلى أضرار في مركبات مدنية.
وبدورهم، قال محللون إن الفصائل المتشددة تريد ممارسة ضغط إضافي على رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي عقب تعهده بكبح جماح الميليشيات المارقة.
وغرد الكاظمي بعد هجوم الأربعاء على عين الأسد قائلا إن "أي طرف يعتقد أنه فوق الدولة أو أنه قادر على فرض أجندته على العراق وعلى مستقبل أبنائه، فهو واهم".
إمدادات الحرس الثوري بالصواريخ
ومن جهته، قال ثائر البياتي أمين عام مجلس عشائر محافظة صلاح الدين إن "إيران وبلا أي شك هي من تتحمل المسؤولية عن هجوم أربيل وتلك الهجمات الأخيرة وما سبقتها من عمليات مماثلة".
وتابع أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يزود أذرعه بالصواريخ المستخدمة في تلك الهجمات التي تسببت بمقتل أبرياء وإلحاق أضرار بالممتلكات، كما يمدهم بالدعم والتدريب اللازمين لشن هذه العمليات.
وأكد البياتي أن "ميليشيات إيران، وأبرزها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، هي المنفذ الرئيسي للهجمات الصاروخية وهي تدفع للواجهة بجماعات غير معروفة أو وهمية للتغطية على أنشطتها والإفلات من المسؤولية".
ولفت إلى أن النظام الإيراني يوجه عبر هذه الهجمات رسالة "إصرار على تحدي المجتمع الدولي واستمراره بتهديد استقرار العراق ودول المنطقة".
وتابع أن الرد الأميريكي الذي تمثل بقصف قواعد الميليشيات الإيرانية المتمركزة بالقرب من الحدود العراقية في سوريا بتاريخ 25 شباط/فبرايرحمل بدوره رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال موجودة ويمكن أن ترد على التهديدات الإيرانية.
وفي 26 شباط/فبراير، قال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إن الغارة الجوية نفذت ضد البنية التحتية التي تستخدمها الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
وأضاف أن البنى موجودة في بلدة ألبوكمال الحدودية السورية، بالقرب من نقطة تفتيش للإرهابيين تقع بالقرب من الحدود العراقية، مشيرا إلى أن الموقع يعرف بتسهيل تحركات الميليشيات التابعة لإيران.
وفي تصريحات أدلى بها للصحافيين بعد الهجوم على عين الأسد، ذكر كيربي أن العراقيين سيحققون في الهجوم وأن الولايات المتحدة لن تتردد في الرد إذا دعت الحاجة لذلك.
وأكد "لا أحد يريد تصعيد الوضع".
وأضاف في إشارة إلى الضربة الأميركية التي نفذت الجمعة، "قلت آنذاك إننا نأمل بأن يكون لها تأثير رادع. ولا زلنا نأمل بذلك".