القامشلي -- أعيد مئات العراقيين إلى بلدهم في مطلع الأسبوع الجاري من مخيم خاضع لإدارة كردية في شمالي شرقي سوريا في إطار الجولة الأولى من عمليات الترحيل هذه.
وقال مسؤول في الإدارة الكردية طلب عدم الكشف عن اسمه إن "94 عائلة عراقية، أو 381 شخصا، غادروا يوم الثلاثاء مخيم الهول تحت حراسة الجيش العراقي".
وجاءت عملية نقلهم في إطار اتفاقية عقدت بين الحكومة العراقية والتحالف متعدد الجنسيات الذي يحارب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقالت روشان كوباني، وهي من عناصر وحدات حماية المرأة وتتمركز حاليا في مخيم الهول، للمشارق إنه تم نقل العائلات إلى مخيم الجدعة في القيارة بمحافظة نينوى العراقية.
وأضافت أن تلك "ليست من عائلات عناصر داعش"، مشيرة إلى أنه تمت الموافقة على عملية نقلها "بعد تدقيق أمني مشدد من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف والسلطات الأمنية في العراق".
ولفتت إلى أن الأمم المتحدة قامت برعاية العملية والإشراف عليها.
وذكرت أن هناك عشرات العائلات الأخرى التي هربت من العراق وترغب بالعودة إليه فور استقرار الوضع الأمني.
من غير عائلات داعش
وتمثل عمليات المغادرة هذه الدفعة الأولى من العائلات العراقية التي تغادر مخيم الهول الذي يضم أكثر من 60 ألف شخص بينهم أقارب لمقاتلين في داعش.
ويمثل العراقيون نصف سكان مخيم الهول تقريبا، بحسب ما ذكرته الأمم المتحدة.
ومن جهتها، قالت نرمين عثمان التي تعمل في مجال الإغاثة مع الهلال الأحمر الكردي "ليس كل سكان الهول من عائلات عناصر داعش، فهناك عشرات العائلات العراقية والسورية التي هربت من مناطقها عندما كانت المعارك ضد التنظيم في ذروتها ولجأت إلى المخيم".
وتابعت أن "التدقيق الأمني الذي أجري في المخيم خلال الفترة الماضية أكد وجود عائلات ليست تابعة للتنظيم، ومن بينها العائلات التي تم نقلها إلى العراق".
وكشفت عثمان أنه سيتم نقل المزيد من المجموعات خلال الفترة المقبلة وأن التحضيرات جارية لتنسيق عودتها.
وفي شباط/فبراير، سلمت القوات الكردية أكثر من مائة متطرف عراقي يشتبه بهم لبغداد، بحسب ما ذكر مصدر أمني عراقي.
وجاء في تقرير للأمم المتحدة نشر في مطلع شباط/فبراير أن نحو 1600 عراقي يشتبه بأنهم قاتلوا لصالح داعش لا يزالون محتجزين لدى القوات الكردية.
ومنذ انهيار "الخلافة" المزعومة لداعش في آذار/مارس، طالبت السلطات الكردية بصورة متكررة المجتمع الدولي بإعادة الأجانب المحتجزين في شمالي شرقي سوريا إلى بلادهم.
مناشدات للعودة
وفي آذار/مارس، طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير الحكومات الأجنبية باستعادة مواطنيها من مخيمي الهول وروج الخاضعين للإدارة الكرديةفي محافظة الحسكة السورية على وجه السرعة.
وشددت المنظمة على ضرورة أن تعمل الحكومات لضمان اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة لعناصر داعش المشتبه بهم المحتجزين في المخيمات شمالي شرقي سوريا.
وبعد عامين من هزيمة داعش في آخر معقل سوري لها في الباغوز، لا يزال نحو 43 ألف أجنبي مرتبطين بداعش محتجزين في شمالي شرقي سوريا.
وينحدر نحو 31 ألف شخص من العراق، فيما ينحدر نحو 12 ألف آخرين من 60 دولة أخرى تقريبا. يُذكر أن أكثر من نصف هذا العدد، أي 27500، هم من الأطفال.
وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الإدارة الذاتية بدران شيا كرد لمنظمة هيومان رايتس ووتش إن احتجاز الأجانب "يشكل عبأ ضخما" بالنسبة للإدارة.
ولكن المناشدات المتكررة التي وجهت إلى الحكومات لإعادة مواطنيها لم تلق آذانا صاغية، حيث لم يتم إعادة إلا عدد قليل من الأطفال وغالبيتهم من الأيتام مع عدد محدود من النساء إلى ديارهم على مدى السنوات الثلاثة الماضية.
وذكر شيا كرد أن "المجتمع الدولي، ولا سيما الدول التي لها مواطنين في المخيمات والسجون، لا يتحمل مسؤوليته. وفي حال لم تعالج المشكلة، فإنها لن تؤثر عليها فقط بل على العالم أجمع".
إجراءات أمنية مكثفة
هذا وشنت القوات الكردية في آذار/مارس ونيسان/أبريل حملة أمنية واسعة النطاقاستهدفت عناصر داعش في مخيم الهول الذي شهد الكثير من الاغتيالات ومحاولات الفرار.
وأطلقت قوات الأسايش التابعة لقوات سوريا الديمقراطية حملة بدعم من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقيادة قوات مكافحة الإرهاب الكردية السورية.
واعتقلت السلطات أكثر من مائة عنصر يشتبه بانتمائهم لداعش داخل المخيم، واستمرت بتنفيذ الاعتقالات منذ ذلك الحين.
وحذرت السلطات الكردية من تحول مخيم الهول إلى برميل بارود متطرف، في ظل اختباء عناصر داعش بين سكان المخيم.
وقالت روشان كوباني إن الحملة الأمنية جاءت ردا على ارتفاع في عدد الجرائم المرتكبة داخل المخيم ضد مدنيين يرفضون فكر المتطرفين ويرفضون التعامل معهم.
وقد سجلت السلطات الكردية أكثر من 40 عملية قتل في مخيم الهول منذ مطلع العام الجاري، وقد تم إلقاء اللائمة في معظمها على المتعاطفين مع داعش.