رحب السكان المحليون بحملة أمنية متواصلة تستهدف عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مخيم الهول الصحراوي الذي يقع في محافظة الحسكة شرقي سوريا وفي محافظة دير الزور المجاورة.
وقالت القوات الكردية يوم الثلاثاء، 30 آذار/مارس، إنها اعتقلت 53 عنصرا يشتبه بانتمائهم إلى داعش وذلك خلال عملية تفتيش للمخيم الذي شهد اغتيالات ومحاولات فرار، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبحسب قوات الأسايش المسؤولة عن الأمن الداخلي في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، اعتقل من بين من اعتقل "خمسة قياديين لخلايا نائمة بداعش نفذت هجمات إرهابية عنيفة في المخيم".
وقامت القوات الأمنية أيضا "بمصادرة هواتف نقالة وعدة أجهزة كمبيوتر محمولة".
وكانت قوات الأسايش التابعة لقوات سوريا الديموقراطية قد أطلقت الحملة بدعم من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقيادة قوات مكافحة الإرهاب الكردية السورية.
والهول هو المخيم الأكبر بين مخيمين في شمالي شرقي سوريا يقيم بهما أقارب عناصر داعش ويديرهما الأكراد. ويقطن فيه بشكل أساسي أفراد من الجنسيتين السورية والعراقية، إلى جانب آلاف الآخرين من أوروبا وآسيا يشتبه بأنهم أقارب لمقاتلين في داعش.
وقال المسؤول الكردي سيماند علي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المتطرفين حفروا خنادق في الهول واستخدموها لإخفاء أجهزة إلكترونية ومتاع أخرى ممنوعة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن أحد المشتبه بانتمائهم لداعش اعترف بانتمائه لخلية قتلت ثلاثة أشخاص، كاشفا عن محاولات قتل كل من حاول النأي بنفسه عن عقيدة داعش.
ومن بين المعتقلين، أمير داعش الجزائري محمد عبدالرحمن شريف دباخ وقاض شرعي في داعش يعرف بلقب "أبو محمد الجميلي".
ملاذ للتطرف أشبه ببرميل بارود
هذا وحذرت السلطات الكردية من أن الهول الذي يضم نحو 62 ألف شخص، يتحول إلى ملاذ للتطرف أشبه ببرميل بارود في ظل اختباء عناصر داعش بين السكان.
وفي هذا السياق، قالت روشان كوباني وهي من عناصر وحدات حماية المرأة، إن الحملة الأمنية جاءت لمواجهة زيادة في عدد الجرائم المرتكبة داخل الهول ضد مدنيين يرفضون فكر المتطرفين ويرفضون التعاون معهم.
وسجلت السلطات الكردية وقوع أكثر من 40 اغتيالا في الهول منذ مطلع العام الجاري، وألقيت اللائمة في غالبيتها على مؤيدين لداعش.
وأضافت كوباني أنه "تم تعزيز الحملة بأعداد من المقاتلات لمنع احتكاك نساء المخيم مع العناصر [الذكور] المشاركين في العملية".
وتابعت أن النساء المقاتلات ساعدن في تفتيش نساء المخيم "خصوصا وأن عمليات التفتيش والدهم تترافق مع عملية تسجيل واسعة لكل سكان المخيم من خلال بصمة العين وبصمات الأصابع والحمض النووي".
وأوضحت أن العملية شملت "تمشيطا شاملا لكامل أقسام المخيم الثمانية"، حيث تم "عزل [كل قسم] بشكل كامل لتفتيشه".
ولفتت إلى أن العملية استندت إلى "تقنيات الكشف عن المعادن والأجهزة التي ترصد أي نوع من أنواع الاتصالات".
وقالت إن الحملة الأمنية المتواصلة قد تكون الأكبر والأوسع منذ إقامة مخيم الهول، إذ يشارك فيها أكثر من خمسة آلاف رجل وامرأة.
دعم من العشائر المحلية
بدوره، قال أحد أهالي دير الزور معتز العكيدي، إن "العملية الأمنية الجديدة في مخيم الهول تلقى كل الترحيب والدعم من قبل أبناء منطقة شرقي سوريا، خصوصا من قبل زعماء العشائر والقبائل المنتشرة في كل المنطقة".
وتابع أن "ذلك ينبع من رغبتهم في التخلص من الإرهاب واجتثاثه من المنطقة بشكل تام، كون مخيم الهول يعتبر مرتعا للإرهابيين الذين يقومون بترهيب سكان المخيم وقتلهم".
وأشار إلى أن اكتمال العملية سيسمح للسلطات باستئناف عملية إجلاء بعض العائلات من المخيم، بعد ثبوت عدم ارتباطهم بالإرهاب.
من جهته، قال الناشط من دير الزور جميل العبد، إن الحملة الأمنية كان لها "أصداء إيجابية في مناطق دير الزور خصوصا وشرقي سوريا عموما".
وأضاف أن "الإرهاب هو نفسه أكان داخل المخيم أو خارجه".
وذكر أن "الحملات الأمنية التي جرت خلال الأشهر الأخيرة في مناطق مختلفة من دير الزور كانت تلقى الدعم الكامل من أبناء المنطقة"، وذلك بعد تعرض المدنيين لأنواع التضييق والابتزاز كافة من قبل الخلايا النائمة.
وأشار العبد إلى أن "ما توفر من معلومات عن عملية مخيم الهول أفاد عن توقيف العشرات من الإرهابيين والإرهابيات والمتعاونين معهم بينهم إثنان من أمراء التنظيم اللذين كانا يخططان العمليات الإرهابية التي تنفذ في المخيم ويشرفان عليها".
وذكر أنه "تمت مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة مثل الآلات الحادة والسكاكين والمسدسات والمواد الحارقة، إضافة إلى أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة".
وأكد العبد أن مشاركة أعداد كبيرة من المقاتلات بالعملية "لاقى ترحيبا من قبل أبناء المنطقة، كون الأمر يتماشى مع العادات والتقاليد".
ولفت إلى أهمية ذلك، كون خلايا داعش استغلت هذه المسألة في الماضي لتحريض الرأي العام على القوات الأمنية.