قال خبراء عراقيون يوم الاثنين، 25 آذار/مارس، إن انتهاء الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لا يعني "نهاية هذه الجماعة الإرهابية".
وأوضحوا أن خسارة تنظيم داعش لآخر أرض كان يسيطر عليها في بلدة الباغوز السورية شكلت صدمة عنيفة لعناصره، ولكن هذا الأمر لا ينفي أن "خطر الإرهاب سيظل قائما".
وكانت قوات سوريا الديموقراطية قد أعلنت يوم السبت موت ما يسمى 'بخلافة' داعش، بعد خمس سنوات من المعارك ضد المتطرفين في شرقي سوريا انتهت بالانتصار.
لكن التحالف العربي الكردي وحلفاءه من التحالف الدولي حذروا من أن المعركة لم تنته بعد.
فداعش ما تزال تتواجد في صحراء سوريا الشاسعة كما عبر خلاياها النائمة في مناطق أخرى من البلاد، وتعلن مسؤوليتها عن هجمات قاتلة تستهدف المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية.
وفي هذا الإطار، أكد الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة توري هامينغ لوكالة الصحافة الفرنسية، "أننا سنشهد في المستقبل القريب استخدام داعش لنهج المتمردين عبر تنفيذ هجمات خاطفة بدلا من سعيها إلى استعادة أراض في سوريا".
من جانبه قال الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي لديارنا، إن "الحسم العسكري في الباغوز شكل صدمة عنيفة للإرهابيين وجسد نهاية تنظيمهم الذي خسر الآن كل الأراضي التي استحوذ عليها [عام 2014]".
وأضاف أن "حرب التحرير في إطارها العام انتهت، إذ لم تعد داعش تسيطر على أي شبر من الأرض لا في العراق ولا في سوريا".
'حرب عصابات سرية'
وتابع: "ولكن في الوقت عينه، لا يمكننا القول أن التنظيم انتهى لأن خطره ما يزال قائما من خلال فلوله وخلاياه النائمة".
وشدد على أن "دحر من تبقى من عناصر التنظيم ليس بالمهمة السهلة والقريبة المنال"، مؤكدا أنه بعد تكبدها الهزيمة، ستعمد داعش على إعادة تنظيم نفسها وتنفذ عمليات تدخل في إطار "حرب العصابات السرية".
إلى هذا، حذر المسؤولون من الخطر الداهم الذي يشكله الآلاف من مقاتلي داعش الأجانب الذين ما يزالون قيد الاعتقال في سجون قوات سوريا الديموقراطية.
وفي حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، قال مسؤول الشؤون الخارجية في المنطقة الكردية من البلاد والتي تتمتع بشبه استقلال ذاتي، عبد الكريم عمر: "إلى جانب العراقيين والسوريين، هناك الآلاف من المقاتلين والأطفال والنساء الذين يتحدرون من 54 دولة، وهم يشكلون عبئا وخطرا جديا علينا وعلى المجتمع الدولي".
وأردف: "تزايد عددهم بشكل مطرد خلال الأيام العشرين الأخيرة من عملية الباغوز".
وأكد المتحدث جياكير أميد قوله حين كشف أن يوم الأحد شهد خروج العشرات من مقاتلي داعش من الأنفاق ليستسلموا لقوات سوريا الديموقراطية، معظمهم من الرجال.
ولفت إلى أنه "قد يكون غيرهم ما يزال مختبئا داخلها".
مرحلة جديدة من العمل الأمني والاستخباراتي
وتابع الشريفي أن "مواجهة التنظيم انتقلت من الصدام العسكري إلى مرحلة جديدة تتمثل بالعمل الأمني والاستخباراتي البحت، والذي يعتمد على الاستطلاع والرصد والمراقبة عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة".
ولفت إلى أن "القوات العراقية تحرز تقدما في هذا الصدد"، منوها بالدور الذي لعبه التحالف الدولي عبر "توفير مساعدة كان لها الأثر البالغ" في إضعاف فلول الإرهاب.
وأكد أن "الاستغناء عن هذا الدور سيكون خطأ استراتيجيا على صناع القرار في العراق تجنبه مهما كانت الظروف، لأننا ما زلنا بحاجة إلى دعم التحالف".
وأوضح الشريفي "أننا لا نقصد بالدعم مجرد التدريب والتسليح، إنما أيضا تنسيق المعلومات والعمليات المشتركة التي تستهدف فلول داعش".
وقال إنه "بحكم ما يمتلكه التحالف من قدرات عسكرية غير تقليدية، فهو يزود قواتنا بالمعلومات حول مخابئ العدو ويساعدنا في استهدافها".
وأضاف: "نحن نتعامل مع إرهابيين منتشرين ضمن مجموعات صغيرة على رقعة جغرافية واسعة ومعقدة في طبيعتها، وترتبط مسألة القضاء عليهم بتوفر تقنيات متطورة في المسح الجوي والراداري والعمليات التكتيكية".
وتابع: "حاليا نحن لا نملك هذه الإمكانات، بل نعتمد بشكل رئيس على مساعدة التحالف الدولي في دعم جهودنا الرامية إلى الإطاحة بخلايا فلول الإرهاب وتدمير أوكاره".