بعد مرور 4 سنوات على الهزيمة العسكرية لتنظيم "الدولة الإسلامية"، يعتبر الكثير من السوريين أن الحرب ضد فلول التنظيم لم تنته بعد.
وفي 23 آذار/مارس 2019، قامت قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، بدعم من التحالف الدولي، بطرد داعش من قرية الباغوز في محافظة دير الزور علما أن هذه كانت آخر رقعة أرض تحت سيطرة التنظيم في سوريا.
وقال الناشط الإعلامي عمار صالح الذي واكب معركة الباغوز إن المعركة شكلت انتصارا مفصليا وهاما في مسار الحرب على الإرهاب.
وأضاف للمشارق أنها انتهت بالقضاء على آخر جيب علني لتنظيم داعش، كما أنهت ما كان يسميه التنظيم بـ"الخلافة"، كاسرة "الهالة الكبيرة" التي أحاط نفسه بها.
وسلطت المعركة الضوء على أهمية التحالف المتواصل بين قوات قسد والتحالف الدولي في شمالي وشرقي سوريا.
جهود إضافية ضرورية
ولكن صالح أكد أن معركة الباغوز ورغم أهميتها لم تحقق القضاء النهائي على التنظيم.
وأوضح أن العديد من الخلايا النائمة و"الذئاب المنفردة" لا تزال تشن هجمات متقطعة على المدنيين وعلى عناصر قوات قسد عند أطراف محافظتي الرقة ودير الزور، ويقوم أيضا فلول داعش بترهيب المدنيين ومحاولة ابتزازهم.
وحتى اليوم خلال العام الجاري قتل أكثر من 240 من صيادي الكمأة، وحصل ذلك في غالبية الأحيان من خلال كمائن نصبها عناصر داعش أو في انفجارات ألغام أرضية بالصحراء (البادية) الشرقية الشاسعة في سوريا.
وذكر صالح أن العمليات البرية لقوات قسد المدعومة من القوة الجوية للتحالف الدولي تستهدف أوكار فلول داعش ومستودعات سلاحهم وعتادهم.
وأشار إلى أنه نتج عن ذلك تراجع ملحوظ في عدد هجمات التنظيم وفتكها.
ومن جهته، قال محمود الأمين، وهو مدرس متقاعد من مدينة الرقة، للمشارق إن معركة الباغوز طوت صفحة سوداء من تاريخ سوريا، لا سيما في مناطق شمال وشرق البلاد حيث عادت الحياة تدريجيا إلى طبيعتها.
ولفت إلى أن المعركة ضد التطرف ليست فقط بالسلاح بل أيضا بعودة السكان المحليين إلى أراضيهم وحياتهم العادية، مشيرا إلى أن المجالس المحلية التابعة لقوات قسد قد حققت الكثير من النجاحات في مساعيها هذه.
وتابع أن قوات قسد نجحت رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهتها، مثل الهجمات المتقطعة التي نفذها فلول داعش والألغام الأرضية المتبقية ونقص الموارد المالية.
وأضاف أنه تم اليوم تأمين الأساسيات كالبنى التحتية والأمن الداخلي والرعاية الصحية والمرافق التي يمكن استخدامها كمدارس للجيل الجديد.
معركة معقدة ومتواصلة
وبدوره، قال فرهاد خوجة، وهو ضابط في قوات قسد، للمشارق إن معركة القضاء على الإرهاب وتحديدا في مناطق شمال وشرق سوريا تعتبر من أكثر المعارك تعقيدا في التاريخ الحديث.
وأوضح أنه من غير العادي إطلاقا أن يقوم تنظيم إرهابي علنا بالإعلان عن إقامة كيان شبيه بالدولة مع نشر أعداد كبيرة من المتطرفين فيها.
وذكر أنه كان من الضروري أن تكون المعركة ضد داعش دقيقة نظرا لانتشار مقاتلي التنظيم بين المدنيين بشكل مكثف واتخاذهم هؤلاء كدروع بشرية.
وعلل خوجة سبب وجود الخلايا النائمة حتى الآن بطبيعة المنطقة الجغرافية الوعرة والقاسية والتي تسمح لفلول التنظيم بالاختباء في أماكن كالكهوف. وقد لجأ بعض هذه الخلايا إلى الأنفاق التي حفرت سابقا عندما كان تنظيم داعش يسيطر على المنطقة.
وأشار خوجة إلى أن الهجمات التي يشنها عناصر تنظيم داعش في الرقة ودير الزور والبادية الشرقية منذ معركة الباغوز تعتبر دليلا على محاولة التنظيم إعادة تجميع قوته بأي شكل من الأشكال.
وأضاف أنه من خلال هذه الممارسات، يحاول التنظيم الإيحاء بأنه لا يزال يتمتع بالقوة اللازمة لمواصلة أنشطته.
وقال إنه رغم الشائعات التي تفيد بأن التنظيم لا يزال يتمتع بمبالغ وافرة من الأموال للحرب، إلا أن تصرفات ما تبقى من مقاتليه تثبت عكس ذلك كونهم يفرضون الإتاوات على المدنيين ويسرقون رعاة المواشي في البادية.