لفت مراقبون سوريون في حديث للمشارق إلى أن إيران تتوغل أكثر فأكثر في السوق السورية، علما أن البلاد تشهد توقيع اتفاقيات ثنائية بين الحكومتين ودخول عشرات الشركات الإيرانية إلى جميع قطاعات الاقتصاد السوري.
وقالوا إن هذا الوضع سيكون له تأثير سياسي واقتصادي بعيد المدى على سوريا، لا سيما بالنظر إلى الطبيعة طويلة الأجل للعديد من هذه الاتفاقيات.
وفي خطوة اعتبرها البعض محاولة لاستغلال حالة الفوضى الناتجة عن الزلزال الذي وقع مؤخرا، أرسلت إيران وفدا برلمانيا إلى سوريا في 1 آذار/مارس.
وأكد رئيس الوفد الإيراني ونائب رئيس جمعية الصداقة البرلمانية الإيرانية-السورية عباس غلرو على ضرورة تطوير العلاقات بين البلدين على جميع المستويات.
وأشار إلى أن ذلك يشمل الأنشطة الاقتصادية والتجارية لا سيما في مجال إعادة الإعمار، ملمحا إلى احتمال تمديد خط الائتمان الإيراني.
ومن جهته، قال فتحي السيد الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية إن "إيران تواصل تحدي المجتمع الدولي والالتفاف على العقوبات المفروضة عليها من خلال تكبيل الاقتصاد السوري بحزمة من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين".
وأضاف السيد إن هذا الأمر يضع سوريا أيضا في "موقف خطير".
وأوضح للمشارق أن القضية لا تقتصر على رهن الاقتصاد للحرس الثوري الإيراني، بل تشكل أيضا تحايلا على العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2019.
وتابع السيد أن خط الائتمان الإيراني الذي طرحه غلرو سيترك الاقتصاد السوري "رهينة للحرس الثوري الإيراني، إذ لا يمكن للجانب السوري سداده إلا بعائدات النفط التي ستصبح مرهونة له".
وحذر من أن "الوضع سيسوء بعد" نتيجة غزو الشركات الإيرانية للسوق السورية.
الشركات الإيرانية تغزو سوريا
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي السوري محمود مصطفى المحاضر في جامعة دمشق للمشارق إن "إيران تحكم قبضتها على الاقتصاد السوري".
وأضاف أنها تقوم بذلك عبر اتفاقيات ثنائية بين الحكومتين الإيرانية والسورية و "عبر إغراق السوق السورية بشركات إيرانية باتت تستثمر في جميع القطاعات".
وبحسب مصطفى، فإن خطة إيران ستصب "في مصلحة الاقتصاد الإيراني فقط، وستضعف الاقتصاد السوري بشكل أكبر لأنها تتضمن اتفاقيات طويلة الأمد ستسمح لإيران بالاستفادة بشكل كبير".
وأوضح أن التوقيع على هذه الاتفاقيات بدأ مطلع العام الجاري خلال زيارة وفد اقتصادي إيراني تابع لجمعية الصداقة الإيرانية-السورية.
وشملت هذه الاتفاقيات اتفاقية لتأسيس شركة للهاتف المحمول في سوريا مع "احتمال إطلاق مشروع لتزويد سوريا بالهواتف المحمولة الإيرانية أو تجميعها في سوريا".
وكشف أيضا عن اتفاقية لتوريد جرارات زراعية إيرانية إلى سوريا واتفاقية أخرى ستمكن إيران من بناء جسور وطرق في سوريا، إضافة إلى اتفاقية لتوريد مواد غذائية من إيران.
شركات واجهة للحرس الثوري الإيراني
وفي حديثه للمشارق، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس شاهر عبد الله إنه بفتحها الباب واسعا أمام جميع أشكال التعاون الاقتصادي مع إيران، تضع سوريا نفسها في خطر التعرض لعقوبات دولية جديدة.
وأشار إلى أن "العديد من الشركات الإيرانية هي مجرد واجهة للحرس الثوري الإيراني".
وذكر أن أحد الأمثلة على ذلك هو إحدى الشركات الإيرانية التي سجلت في سوريا من قبل نجل قائد في الحرس الثوري.
وذكر عبد الله أن "هذا الأمر سيورط سوريا عندما يتم التدقيق في خلفية هذه الشركات ويتضح أنها تعود للحرس الثوري أو لقادته المدرجين على قائمة العقوبات الدولية".
ولفت إلى أن العديد من الاتفاقيات والعقود التي وقعتها هذه الشركات لا تقل مدتها عن 50 عاما، مع إمكانية التمديد.
وأعرب عبد الله عن اعتقاده بأن الوجود الإيراني في سوريا سيقفل باب الاستثمارات التي كان من الممكن أن تأتي من دول عربية أو غربية "بسبب الخلافات المباشرة بينها وبين إيران".
وختم مؤكدا أن الاستثمارات الرأسمالية تتطلب الأمان كشرط أساسي، وهذا أمر غير متوفر لأسباب عديدة أبرزها التهديد الأمني الذي يمثله الوجود الإيراني.