دفع غضب الناشطين العراقين من تخفيض إيران لإمدادات الغاز لبلادهم وسط برد الشتاء القارص، إلى إعادة إحياء حملة لمقاطعة المنتجات الإيرانية، حيث تصدّر هاشتاغ #خليها_تخيس (دعوها تتلف) مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية.
وتعد هذه الحملة الثانية من نوعها خلال عامين.
وسبق لناشطين أن أطلقوا حملة سابقا عام 2019 مستخدمين الهاشتاغ نفسه، تعبيرا عن استيائهم من تدخل طهران في شؤونهم ووصفها التظاهرات الشعبية الاحتجاجية بأنها "أعمال شغب وفوضى".
واتسعت وتيرة هذه المقاطعة مع محاولات الميليشيات المدعومة من إيران قمع التظاهرات في العراق، فتكدست البضائع الإيرانية التي كانت تغرق الأسواق وارتفع الإقبال على البضائع المصنوعة في العراق.
وفي حديثهم للمشارق، أعرب ناشطون عن أملهم بأن تحقق الحملة الجديدة النتائج نفسها وتسهم في الضغط على إيران لتوقف "ابتزازها" للعراق من خلال استخدام ملف توريد الطاقة.
’رفض لكل ما هو إيراني‘
وغرد الناشط علي فاضل على تويتر قائلا إن "حملة المقاطعة يجب ان تُفهم على أنها رفض لكل ما هو إيراني في العراق!".
وفي تغريدة على تويتر يوم 23 كانون الثاني/يناير، انتقد مصطفى الدليمي البضائع الإيرانية.
وقال "أصلا هي خايسة. لا تشتروها".
أما شهد علي فكتبت "أصلا هي من أكثر المنتجات الرديئة في السوق".
وتحت وسم "خليها تخيس خليها تتلف"، كتبت سهى الربيعي "كومة حجار ولا هالجار" في إشارة إلى إيران.
وأدى تخفيض طهران إمدادات الغاز إلى توقف محطات إنتاج الكهرباء العاملة بالعراق وبالتالي إلى انقطاع للكهرباء على نطاق واسع.
وعادة ما تلجأ إيران لإيقاف توريد الغار خصوصا في أوقات ذروة الطلب عليها خلال فصلي الشتاء والصيف بذريعة تخلف العراق عن سداد ما بذمته من ديون متعلقة بمشتريات الغاز، علما أنها تبيعه له بأضعاف سعره العالمي.
وقالت وزارة الكهرباء العراقية في بيان يوم 22 كانون الثاني/يناير، إن واردات الغاز القادمة من إيران انخفضت من 50 مليون متر مكعب يوميا إلى 8.5 مليون متر مكعب، ما أسفر عن خسارة 1100 ميغاواط.
وفي الصيف الماضي، خسر قطاع الكهرباء العراقي أكثر من 7000 ميغاواط بسبب تراجع واردات الغاز الإيراني، الأمر الذي أغرق مدن عراقية عدة بظلام دامس وسط طقس شديد الحرارة.
غضب شعبي من ’الابتزاز‘
وقال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين، إن حملة "خليها تخيس" هي "انعكاس طبيعي لحالة الغضب العام لدى العراقيين من ممارسات إيران غير القانونية" تجاه بلادهم.
وذكر أن تجدد دعوات مقاطعة البضائع الإيرانية هي "رسالة جديدة من العراقيين لتأكيد رفضهم محاولات الابتزاز التي تقوم بها طهران لإرغام العراق على الدوران في فلكها والاعتماد عليها".
وأضاف حسين أن إيران جعلت من نفسها مصدر الإمداد الوحيد للطاقة والغاز، وتعمل من خلال وكلائها على إبقاء العراق دوما تحت الضغط ليكون عاجزا عن تلبية احتياجات مواطنيه من الكهرباء وخاصة في مواسم الذروة.
وأكد أن "العراقيين على وعي كامل بهذا السلوك الاستفزازي، لذا يريدون مقابلته بمقاطعة بضائعها وإجبارها على الرضوخ للالتزامات القانونية في عقود استيراد الغاز".
وشدد حسين على ضرورة مكافحة الفساد والتدخلات في قطاع الطاقة اللذين تسببا في ضياع 80 مليار دولار على فترة 15 سنة، داعيا إلى إيجاد بدائل عن الغاز الإيراني.
ويعمل العراق على اللجوء إلى جيرانه الأخرين لتأمين حاجته من الكهرباء وتخفيف اعتماده على الواردات الإيرانية، وأبرم في 25 كانون الثاني/يناير اتفاقا مع السعودية لربط شبكتي الكهرباء في البلدين.
وقال وزير الكهرباء العراقي عادل كريم إن الربط سيكتمل في غضون عامين، بحسب وكالة الأنباء العراقية.
على العراق إيجاد ’حلول جذرية‘
ولفت مراقبون إلى أن تحركات العراق تثير انزعاج إيران.
وغرد الصحافي والمدون شاهو القره داغي قائلا إن "إيران تقطع [إمدادات] الغاز عند الحاجة وعندما يبحث العراق عن بديل أفضل ينزعج الإيرانيون ويعتبرون ذلك مؤامرة لضرب الاقتصاد الإيراني!".
وبدوره، ذكر المتحدث باسم العشائر العربية في نينوى مزاحم الحويت، أنه "لا توجد أي مشكلة في التعاقد مع أي دولة حتى مع إيران، لتجهيز الغاز أو الكهرباء لكن بشرط إظهار الالتزام القانوني بالعقد".
وأضاف أن على إيران ألا تستخدم هذه العقود "كأوراق ضغط وابتزاز".
وتابع الحويت أن على الحكومة العراقية "إيجاد معالجات جذرية لأزمة الكهرباء عبر شراكات متعددة مع جميع الدول دون استثناء"، وعليها أيضا فتح تحقيقات في قضايا الفساد بموضوع الطاقة وتسليم الفاسدين للعدالة.