عدالة

بصمات روسيا واضحة في هجوم النظام السوري الكيميائي على دوما

وليد أبو الخير

مواطنون سوريون يتجولون في أحد الأحياء المدمرة غداة الهجوم الكيميائي الذي استهدف دوما عام 2018. [تنسيقية مدينة دوما]

مواطنون سوريون يتجولون في أحد الأحياء المدمرة غداة الهجوم الكيميائي الذي استهدف دوما عام 2018. [تنسيقية مدينة دوما]

نفذت قوات النظام السوري هجوما بالغاز على بلدة دوما المعارضة في 7 نيسان/أبريل 2018 ذهب ضحيته 43 قتيلا وقد نسقت القوات الروسية معها قبل الهجوم وبعده، حسبما ذكرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وفي تقرير صدر في كانون الثاني/يناير، قالت الهيئة الرقابية للأسلحة الكيميائية إن مروحية تابعة للجيش السوري أسقطت أسطوانات من غاز الكلور السام على مناطق مدنية في بلدة دوما بالغوطة الشرقية خارج دمشق.

وأضافت أن هناك "أسبابا معقولة" تؤدي إلى الاستنتاج بأن القوات الجوية السورية نفذت الهجوم بالأسلحة الكيميائية.

وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن التقرير استند إلى 70 عينة بيئية وطبية حيوية و66 إفادة شاهد وبيانات أخرى، بما في ذلك التحليل الجنائي وصور الأقمار الصناعية وطريقة تشتت الغاز ومحاكاة المسار.

فتاة سورية تضع قناع أوكسجين على وجه رضيع في مستشفى مؤقت بعد هجوم قيل إنه نفذ بالغاز على دوما في 22 كانون الثاني/يناير 2018. [حسن محمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

فتاة سورية تضع قناع أوكسجين على وجه رضيع في مستشفى مؤقت بعد هجوم قيل إنه نفذ بالغاز على دوما في 22 كانون الثاني/يناير 2018. [حسن محمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

وأكد المدير العام للمنظمة فرناندو أرياس أن "استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما وفي أي مكان، غير مقبول ويعتبر خرقا للقانون الدولي".

وفي 12 نيسان/أبريل 2021، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن نتائج تحقيقها بشأن هجوم كيميائي آخر، حدد فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لها أن مرتكبه هو النظام السوري.

وأضافت أن الفريق "خلص إلى أن وحدات تابعة للقوات الجوية العربية السورية استخدمت أسلحة كيمائية في سراقب في 4 شباط/فبراير 2018".

وكان فريق التحقيق وتحديد الهوية الذي أصدر أيضا التقرير عن دوما، قد شُكّل في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 من قبل الدول الأعضاء، بعد أن استخدمت روسيا حق النقض في مسألة إرسال بعثة مشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا.

التنسيق بين روسيا وسوريا

وقال تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إنه على الرغم من أن المحققين قاموا بنمذجة عشرات الآلاف من المسارات المحتملة لأسطوانتين من اللون الأصفر ظهرتا في صور بعد هجوم نيسان/أبريل 2018، إلا أنهم لم يتمكنوا من فحص الأسلحة بأنفسهم.

وذكر التقرير أن الحكومة السورية أخطرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عام 2019 بأنها دمرت الحاويات، وأن "تدمير الأسطوانات قضى على إمكانية إجراء أي تقييم أو تحليل إضافي لأغراض هذا التقرير".

وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إنها تلقت معلومات موثوق بها بأن فرقة المروحية التي غادرت قاعدة الضمير الجوية في 7 نيسان/أبريل 2018، كانت على الأرجح تحت قيادة أحد كبار ضباط الجيش السوري، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.

ونقلت الصحيفة أن الهجوم الذي يزعم أنه نفذ من قبل فريق بقيادة سهيل الحسن الذي كان برتبة عميد آنذاك، سرعان ما أصبح جزءا من حملة تضليل روسية رفضتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

وأضافت أنه في حين أن التقرير لم يعثر على دليل على تورط روسي مباشر في الهجوم، إلا أنه وصف تنسيق موسكو الوثيق مع القوات السورية في دوما قبل الهجوم وبعده والجهود الروسية الحثيثة لحماية سوريا من أي لوم يوجه لها.

وإثر صدور تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أصدرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بيانا مشتركا في 27 كانون الثاني/يناير، دانت فيه "بأشد العبارات استخدام النظام السوري المتكرر لهذه الأسلحة المروعة".

وجددت هذه الدول مطالبتها نظام بشار الأسد "بالامتثال الفوري لالتزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".

وفي هذا السياق، قالت وكيلة وزارة الخارجية لشؤون مراقبة الأسلحة والأمن الدولي بوني جينكينز، إن تقرير المنظمة يطرح قضية شاملة عن مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم.

وتابعت "يصف التقرير أيضا درجة التنسيق الوثيق بين النظام السوري وروسيا وقت الهجوم".

وقال ناشطون للمشارق إن الفرقة 25 في الجيش السوري (وتعرف بفرقة النمر) بقيادة الحسن تابعة للجيش الروسي. وكان الجيش الروسي مسؤولا عن حصار دوما قبل سقوطها في أيدي النظام السوري.

محاسبة كبار المسؤولين

وقال أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة القاهرة وائل الشريمي، إن الهجوم الكيميائي على دوما "من غير المعقول أن يجري دون موافقة القيادات العليا، وحتى لو نفت هذه القيادات مسؤوليتها".

ودعا إلى عرض القضية على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لكنه أشار إلى أن "الادعاء قد لا يكتفي بمحاسبة الأفراد الأربعة الذين أشار لهم التقرير".

وأوضح الشريمي أن القضية قد تتوسع "لمحاسبة قياداتهم بشكل تسلسلي وصولا إلى الرئيس السوري كونه القائد العام للقوات المسلحة".

وأشار إلى أن النظام السوري معروف بتلقيه أوامر بعمليات عسكرية من القوات الروسية.

وبدوره، قال المحامي السوري بشير البسام إن القضية قد تخضع للتحقيق مرة أخرى مع اتهام روسيا بالتورط في الهجوم.

ولفت البسام إلى أن "عددا من الناشطين والإعلاميين بدأوا فعلا التحضير للملف الجديد، إذا ما وصلت القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وشرح أن دوما كانت تحت سيطرة قوات المعارضة السورية "وكانت تعاني من حصار شديد نفذته القوات الروسية والميليشيات التابعة لها وبعض فرق الجيش السوري".

وتابع "إلا أن أوامر عمليات القصف والغارات كانت تأتي من غرفة العمليات الروسية".

العدالة للضحايا

ومن جهته، قال الناشط محمد البيك وهو من الغوطة الشرقية للمشارق إن صور ضحايا هجوم دوما الكيميائي ما زالت ماثلة في أذهان الشعب السوري.

وشدد على ضرورة محاسبة المرتكبين على أعمالهم.

وأشاد البيك بالعمل الدؤوب الذي قامت به وسائل الإعلام والناشطين الذين وثقوا الجرائم في حينه، مشيرا إلى أنه لولا هذه الجهود لما كان ممكنا إتمام تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ورأى أن أهم ما توصل إليه التقرير هو الكشف عن حقيقة نظام الأسد والجرائم البشعة التي ارتكبها وما يزال يرتكبها بحق الشعب السوري.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500