بيروت - قال ناشطون سوريون وشخصيات سورية معارضة، إن روسيا وحلفاءها أعادوا تنشيط مكاتب التجنيد التي استخدموها لتسجيل مرتزقة سوريين للقتال في ليبيا بهدف حشد الدعم للجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.
وأوضحوا للمشارق استنادا إلى تقارير ميدانية وشهادات مواطنين ومجندين سوريين في مناطق سيطرة النظام، أن عملية التجنيد ما تزال في مرحلة إعداد قوائم الأسماء وإجراء التحقيقات الأمنية.
وأضافوا أنه حتى تاريخه لم يتم توقيع أي "عقود قتالية"، علما أنه إذا سارت الأمور وفقا للخطة الموضوعة، ستشكل هذه الخطوة المرحلة التالية من العملية.
وكانت مواقع إعلامية سورية معارضة وتقارير صحافية عربية وعالمية قد أفادت عن بدء روسيا بعملية تجنيد المزيد من المرتزقة في محافظات سورية عدة، وذلك تمهيدا لنقلهم إلى أوكرانيا للقتال في صفوف قواتها.
ويشرف على جهود التجنيد هذه عملاء سوريون سبق لهم أن جندوا مرتزقة للقتال في ليبيا وفنزويلا.
وفي هذا السياق، أفاد موقع سوريا نيوز المعارض أن القوات الروسية بدأت تسجيل أسماء السوريين الراغبين في القتال بأوكرانيا في محافظة الرقة.
وأشارت وسائل إعلام أخرى إلى رصد محاولات تجنيد في محافظات أخرى.
ونقلت صحيفة النهار العربي عن مصادر سورية معارضة، أن اللواء الثامن التابع للنظام السوري قد انخرط بشكل جدي بتنفيذ سياسة موسكو لتجنيد مرتزقة سوريين وافتتح مكاتب انتساب في مدينة تدمر.
وتستهدف مكاتب تدمر الشبان المحليين، عارضة عليهم حوافز منها حصانة أمنية تحميهم من مضايقات الأجهزة الأمنية السورية إضافة إلى مبالغ مالية ومنازل للسكن.
وتحدثت معلومات عن قيام قائد اللواء الثامن أحمد العودة، بزيارة روسيا منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الفائت لمدة 3 أيام من دون أن يفصح عن أسبابها. ويبدو أنه تم إقناعه بالمساهمة في جهود التجنيد الروسية للقتال في أوكرانيا.
التجنيد الروسي في سوريا
وفي حديثه للمشارق، قال شاب سوري يبلغ من العمر 32 سنة بعد أن عرّف عن نفسه باسم "إبراهيم"، للمشارق إنه تجند سابقا في مدينة حلب عام 2020 للقتال إلى جانب الروس في ليبيا.
وأوضح أن دافعه الرئيسي كان الحصول على المال نظرا للظروف المعيشية الصعبة في سوريا، وعمل لصالح مجموعة فاغنر الروسية في ليبيا مدة عام "كحارس في موقع عسكري".
وأوضح أن الظروف الصعبة التي لا يزال يواجهها بعد عودته لسوريا، "دفعتني لتسجيل اسمي مجددا للانضمام إلى التشكيلة التي ستقاتل في أوكرانيا".
وأكد أن ما يغري السوريين هو "الرواتب المغرية بالدولار التي تدفعها الشركات الأمنية الروسية عبر وسطاء لها في مكاتب التجنيد المنتشرة بمناطق نفوذ النظام".
ولكن لم يحصل كثيرون منهم إلا على جزء بسيط من الأموال التي وعدهم المجندون بها.
واليوم وبالنظر إلى عزل روسيا عن النظام المالي العالمي نتيجة اعتدائها على أوكرانيا ومع تراجع قيمة الروبل وإغلاق سوق الأسهم الروسية، رجح مراقبون أن تعجز موسكو عن الاستمرار في الدفع لهم.
وأوضح المدير التنفيذي لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بسام الأحمد، أن منظمته تتلقى تقارير ميدانية من ناشطين على الأرض.
وأضاف أنه وفقا لهذه التقارير، "اعتمدت مكاتب تجنيد استخدمت سابقا لتجنيد مقاتلين أرسلوا لليبيا، لتسجيل وإعداد قوائم بأسماء مجندين محتملين ومقاتلين يتمتعون بخبرة قتالية عالية".
وكشف أن الخبرة في حرب المدن مطلوبة بشكل خاص.
وتابع الأحمد أن معظم الأسماء في القوائم هي لرجال سبق لهم أن قاتلوا تحت إشراف ضباط روس ومع الفرقة 25 في الجيش السوري.
وأردف أنه بحسب رجل سجل اسمه، تقوم مكاتب التجنيد في سوريا بإعداد قوائم إسمية "لعرضها على القوات الروسية الموجودة في سوريا للموافقة عليها، قبل انضمام مقدمي الطلبات إلى صفوف الجيش الروسي في حربه على أوكرانيا".
وأردف أن المجندين الذين أدلوا بشهادتهم لمنظمة سوريون من أجل العدالة والحقيقة، لم يكشفوا عن قيمة المستحقات المالية التي سيحصلون عليها.
استغلال الظروف المعيشية الصعبة
وأوضح الباحث المعارض السوري تركي مصطفى وهو من إدلب، أن تجنيد الروس لمقاتلين سوريين للمشاركة في عدوانهم على أوكرانيا، "بدأ مطلع كانون الثاني/يناير الماضي أي قبل اندلاع الحرب".
ولكنه كشف للمشارق أن نسبة الإقبال على التجنيد تعد "ضعيفة"، ولم ترقى إلى قدر طموحات الروس وعملائهم السوريين.
وأشار إلى أن عمليات التجنيد تتم عبر مكاتب في مناطق سيطرة النظام فتحها الروس عام 2020 لتجنيد مرتزقة للقتال في ليبيا.
وأكد مصطفى أن قائد اللواء الثامن العودة، يشرف على جهود التجنيد في الجنوب السوري ويجند مقاتلين من درعا وبصرى الشام ومحافظة السويداء بالتنسيق مع الميليشيات الأخرى المدعومة من النظام.
وقال إن مكاتب التجنيد بدمشق "تعتبر من أهم المكاتب"، تليها مكاتب الساحل السوري حيث وتيرة التسجيل "لا تذكر".
وأشار إلى أن "مكاتب حلب تشهد بعض النشاط التجنيدي"، فيما تسجل مكاتب الحسكة تجنيدا "مقبولا".
وتابع مصطفى "ينشط شبيحة النظام [الميليشيات] وأمراء الحرب المحسوبين على النظام في حث الشباب للقتال بصفوف الجيش الروسي، فيما يلعب مخاتير البلدات والأحياء دورا كبيرا بهذا الموضوع".
واعتبر أن تجنيد روسيا لمرتزقة سوريين هو ببساطة مثال آخر على "استغلال روسيا وحلفائها السوريين للضائقة الاقتصادية التي يمر بها الشباب السوري بمناطق النظام".
وأوضح مدير شبكة تدمر الإخبارية محمد حسن العايد للمشارق، أن روسيا "تسحب [من سوريا] جيشها ومقاتليها وقيادتها النخبوية العسكرية وميليشيات فاغنر الأجنبية التابعة لها للقتال في أوكرانيا".
وأردف أنه يتم استبدالها اليوم بميليشيات محلية متحالفة مع روسيا.
ولفت العايد إلى "وصول عدد من قيادات اللواء الثامن إلى تدمر في مهمة استطلاعية للكشف عن مناطق استراتيجية، ربما للتموضع في المدينة وريفها بناء لأوامر روسية".