قال تقرير جديد إن مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى قد بدأوا في البحث عن منازل في فنزويلا لتأمين أنفسهم في حال سقوط النظام الحاكم في بلادهم.
ففي كانون الأول/ديسمبر، ذكرت قناة إيران إنترناشيونال التلفزيونية أنها علمت أن وفدا من أربعة من المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى كان قد سافر إلى فنزويلا للتوصل لاتفاق.
وورد أن فنزويلا وافقت على السماح للمسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى وأسرهم باللجوء إذا سقط النظام الإيراني.
ونقلت القناة أيضا عن محلل قوله إن طلب اللجوء "جاء بحسب ما ورد بصورة مباشرة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي".
وتداولت في الأشهر الأخيرة شائعات مفادها أن المسؤولين الإيرانيين يشترون فيلات تطل على البحر في فنزويلا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات هناك.
وقال محلل إيراني مقيم في أوروبا للمشارق شريطة عدم الكشف عن هويته إن النظام الإيراني أصبح بالتأكيد ضعيف ومفلس ومعزول.
وأضاف أنه إذا كان التقرير حول سعي المسؤولين الإيرانيين الحصول على اللجوء في فنزويلا صحيحا، فهذا دليل آخر على عدم استقرار النظام.
وسأل "إذا سقط النظام، وهو ما قد يحدث، فما هو المكان الآخر الذي يمكن أن يذهب إليه المسؤولون الإيرانيون؟".
وتابع أن "فنزويلا دولة معزولة بنفس الدرجة في ظل العقوبات الأميركية، وهي إحدى الدول القليلة التي لإيران علاقات معها، لذا فهي قد تقبل مسؤولي النظام، لا سيما في ضوء مقدار المال الذي تنفقه إيران في فنزويلا".
وإذا كان التقرير صحيحا، فقد بقيت الزيارة طي الكتمان.
من جانبه، أنكر مصدر في وزارة الخارجية الفنزويلية رفض الكشف عن هويته أن المسؤولين الإيرانيين قد زاروا كراكاس لمناقشة اللجوء.
وقال في تصريح للمشارق إن الحكومتين تتمتعان بـ "أفضل علاقة".
وينعكس الدعم الكبير لإيران على الحساب الرسمي للسفارة الإيرانية في فنزويلا على موقع تويتر، حيث يشير المستخدمون في منشوراتهم إلى الولايات المتحدة بوصفها "العدو المشترك" لكل من إيران وفنزويلا.
موجة الإنفاق الإيراني في فنزويلا
وفي هذه الأثناء، تنفق إيران ملايين الدولارات التي لا تملكها على فنزويلا، بينما يعاني شعبها من أزمة اقتصادية طاحنة.
فقد أنفق مصرف إيران-فنزويلا المشترك (Iran-Venezuela Binational Bank) مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الإيرانيينعلى تقديم قروض لفنزويلا، وهي قروض من غير المتوقع ردها قريبا، حسبما أفاد موقع أفتاب نيوز الإيراني في تشرين الثاني/نوفمبر.
فكراكاس لم تسدد المدفوعات التي التزمت بها مقابل المشروعات التي دشنتها إيران في فنزويلا، بما في ذلك في قطاعات النفط والإنشاءات والزراعة.
والشهر الماضي، أفادت بعض وسائل الإعلام الفارسية بالخارج أن إيران تعهدت بتخصيص ما يصل إلى 7 مليارات دولار أميركي لتمويل مشروعات مختلفة في فنزويلا.
ويحدث ذلك في الوقت الذي تجاوز فيه دين إيران الخارجي 7.2 مليار دولار أميركي اعتبارا من تقدير البنك المركزي الإيراني لشهر أيار/مايو.
وقال التلفزيون الحكومي الإيراني إن ما بين 60 و70 في المائة من رأس مال "سوق إيران-فنزويلا" ستخصص لمشروعات النفط الفنزويلية.
وإضافة إلى إمداد فنزويلا بوقود مكرر لتزويد سوق الطاقة المتدهور، تبيع إيران لفنزويلا أيضا أسلحة وتوفر لها التدريب العسكري، كما ورد كذلك أن إيران تقدم لها إرشادا حول سبل تجنب العقوبات الأميركية والأوروبية.
وفي المقابل، يقوم الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني بتهريب الذهب الفنزويلي لجمع الأموال لتمويل أنشطتهما، ويتم ذلك عبر تسهيل بيع النفط الإيراني، وذلك بحسب مستند سري حصلت عليه قناة إيران إنترناشيونال من شركة لويدز للتأمين البحري التي يقع مقرها في لندن.
وذكرت لويدز أيضا أن رحلات من كراكاس إلى طهران عبر شركة ماهان إير تستخدم كقناة غير مشروعة لنقل الذهب لدفع مقابل النفط الإيراني، وذلك في مخالفة للعقوبات السارية، حسبما أوردت إيران إنترناشيونال يوم 12 كانون الأول/ديسمبر.
ويعتبر المشروع المشترك الأخير لتطوير المسيرات هو جانبا آخر من التعاون بين البلدين.
ففي استعراض عسكري نظم يوم 5 تموز/يوليو، كشف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عن "مسيرات فنزويلية لها قدرات هجومية".
وتعد فنزويلا البلد الوحيد في أميركا اللاتينية الذي يمتلك هذه النوعية من الأسلحة. وقال مراقبون إنه من المعروف أن كراكاس تتمتع بدعم طهران العسكري.
شراكة لمدة 20 عاما
وكان مادورو والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد وقعا اتفاقية تعاون مدتها عشرين عاما في طهران يوم 11 حزيران/يونيو، وذلك لدعم العلاقات في المجالات المختلفة.
وقال رئيسي إن البلدين المنبوذين، وكلاهما معزول وخاضع لعقوبات شديدة، "سيعملان معا في مشروعات مالية ومشروعات طاقة ودفاع".
لكن حتى الآن، كان هذا التعاون من جانب واحد بحسب ما يقول خبراء الاقتصاد.
وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية في تشرين الأول/أكتوبر أن مصفاة إل باليتو التي بنتها إيران في كراكاس أصبحت عاملة بعد توقيع عقد بقيمة 116 مليون دولار أميركي مع كراكاس في أيار/مايو لإصلاح المصفاة المتداعية وإعادة تشغيلها.
وكانت إيران تبادل النفط الثقيل الفنزويلي وسلع أخرى مقابل البنزين والمكثفات وأجزاء المصافي والمساعدة الفنية مع تزويد البلاد بنفط أخف لاستخدامه كمخفف.
ويوم 6 كانون الأول/ديسمبر، أوردت وكالة رويترز أن ناقلة نفط إيرانية تحمل نحو 2 مليون برميل من النفط الخفيف للغاية وصلت في ذلك الأسبوع إلى المياه الفنزويلية.
وفي إطار عقد تم التفاوض عليه بين البلدين في عام 2006، سلمت إيران الناقلة الأولى من أربع ناقلات حديثة لفنزويلا في أيار/مايو 2020، وسلمت الناقلة الثانية يوم 11 حزيران/يونيو.
وتم تسليم الناقلة الثالثة لكراكاس في أيلول/سبتمبر، في حين أن الناقلة الرابعة ستنضم لشركة النفط والغاز الطبيعي الفنزويلية (PDVSA) في العام 2024.
وجاءت عمليات التسليم فيما فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية شديدة على إيران وفنزويلا.
هذا ويتهم الكثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين الإيرانيين النظام الإيراني بـ "بيع البلاد"، مثلما فعل مع حليفيه الآخرين روسيا والصين.
وقال محلل سياسي مقيم في إيران إن "سلطات النظام ستفعل أي شيء لتحصل على السلطة وتبقى في السلطة وتضمن وجود مكان يذهبون إليه إذا سقطوا من السلطة".
وأضاف في تصريح للمشارق أن "بيع البلاد هو الطريق الوحيد أمام مسؤولي الجمهورية الإسلامية لشراء ملاذ آمن لأنفسهم، ويبدو أن ذلك الملاذ الآمن في الوقت الراهن هو فنزويلا".
ساهمت ماريسيلا لوزاردو في إعداد هذا التقرير من كراكاس