قال محللون إنه عبر وضع ثقته في مجموعة صغيرة من الجنرالات الذين عرفوا بوحشيتهم، فقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعم بعض حلفائه وسلم خصومه هراوة لضربه بها.
وذكروا أن قرار بوتين بترقية وحتى تكريم كبار الضباط العسكريين الذين اتهموا بارتكاب جرائم حرب سيكبده ثمنا باهظا في نهاية المطاف، متهمين إياه بارتكاب سلسلة من الأخطاء الفادحة في قراراته السياسية.
وقال الخبير السياسي رامز ممدوح للمشارق إن "بوتين يقوم بالوقوع بالخطأ بشكل متتالي، فبعد سوريا تدخل بأوكرانيا واستعان بالشركات العسكرية الخاصة التي يمكن تشبيهها بالجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافه".
وذكر أنه "توج هذه الأخطاء بلجوئه إلى بعض الجنرالات والضباط الذين قاموا ويقومون بجرائم حرب في سوريا وأوكرانيا وعلى رأسهم الجنرال الكسندر تشايكو".
وأشار ممدوح إلى أن تشايكو متهم بارتكاب فظائع خلال العمليات العسكرية التي أشرف عليها وأصدر أوامر تنفيذها، مع ما ترتب عنها من عواقب وخيمة على المدنيين.
وأضاف أن قرار بوتين باستخدام تشايكو في سوريا وأوكرانيا ووضعه على "رأس الهرم القيادي سيكون له فائدة كبيرة لمعارضي ومجابهي روسيا".
وأوضح أن قرار السماح لمجرم حرب متهم بتولي منصب رفيع في الجيش يضعف الموقف الروسي بشكل عام ويقوض أي تعاطف مع روسيا أو أي احترام لها على الساحة العالمية.
وتابع ممدوح أن تشايكو سيستعمل ورقة ضد بوتين لأن هذا الأخير هو المسؤول الأول عن هذا القرار وعواقبه، بصفته رئيس الاتحاد الروسي والقائد العام للقوات المسلحة.
وأشار إلى أنه بمعنى آخر، لن يكون بوتين قادرا على الدفاع عن قرارات تشايكو باعتبارها قرارات فردية أو فرضتها مواقف قتالية، إذ أن تشايكو يحتاج دون أدنى شك إلى موافقة بوتين للقيام بأفعاله.
وقال ممدوح إن روسيا تتجه "نحو العزلة الدولية" مع تناقص عدد الدول التي يمكن اعتبارها حليفة لها.
تشايكو مجرم حرب
وفي حديثه للمشارق، أكد الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية سامي غيط أن "بوتين لم يتعظ من الأحداث التاريخية وحتى الحديثة منها".
وأوضح أنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال، مارست القوى المتحالفة ضغوطا شديدة على مجرمي الحرب بسبب "الجرائم الشنيعة التي ارتكبت بحق المدنيين، حتى أن الملاحقات استمرت لعقود طويلة".
وأضاف أن بوتين وجنرالاته سيكونون هذه المرة في الجانب الخطأ من التاريخ على الرغم من الهالة التي يحاول خلقها، لأن روسيا ضعفت بشكل ملحوظ نتيجة تحدي بوتين المستمر للإرادة الدولية.
وتابع أن بوتين أحاط نفسه "بمجموعة جنرالات كألكسندر تشايكو وصدرهم كقادة كبار يقومون بالعمل القذر في كل مكان، بدءا من سوريا ومرورا بإفريقيا ووصولا لأوكرانيا".
وأشار إلى أن الغريب في موقف بوتين هو أنه لم يكتف بتكليف تشايكو بمهام حربية فحسب، بل عهد إليه السير بمفاوضات دبلوماسية.
وقال إنه لا بد أن بوتين يعتقد أن أي شخص يتفاوض مع تشايكو سترهبه سمعة الجنرال القوي، لكن النتيجة "ستكون عكسية تماما حيث سيرفض [الناس] الجلوس على طاولة واحدة مع مجرم حرب".
وتابع أن "ورقة تشايكو" ستكون مهمة للغاية "لمحاسبة بوتين نفسه من قبل المجتمع الدولي والعمل على حرمانه من أي مكاسب قد يحلم بها كنتيجة لمغامراته".
نهاية أحلام بوتين
ومن جهته، قال الخبير السياسي عبد النبي بكار إن البعض يعتبر قرار بوتين عام 2020 منح تشايكو لقب "بطل روسيا منتهى الغباء السياسي"، مشيرا أيضا إلى قرار ترقيته إلى رتبة عميد عام 2021.
وأضاف "لكن الأصح القول إن قرار بوتين يأتي بعد مزج الرأيين معا وإرسال رسالة للمجتمع الدولي بأن القسوة والإجرام الذي يقوم به تشايكو سيكون مصير كل من يحاول مواجهة بوتين وخططه المجنونة".
وأوضح أن تشايكو نفذ فظائعه في سوريا أولا، وشكل نقله إلى أوكرانيا تحذيرا للمسار الذي ستتخذه الأمور إذا رفضت أوكرانيا مطالب بوتين.
ولكن ذكر بكار أن أوكرانيا ستكون المستفيد الأكبر من إعادة تعيين تشايكو.
ولفت إلى أن هذه الخطوة ستدعم حجة كييف لحشد دعم المجتمع الدولي عبر تسليط الضوء على جرائم تشايكو، والتي تعتبر رمزا لسياسة روسيا الحالية تجاه جيرانها.
وختم بكار مؤكدا أن أوكرانيا ستكون "نهاية أحلام بوتين".