بيروت -- وقفت جاكلين مرعب وأطفالها الثلاثة أمام متجر لبيع ملابس الأطفال في مركز للتسوق في منطقة الجديدة زيّن بمناسبة عيد الميلاد ويروج لخصم بنسبة 30 في المائة، وهم يتفرجون على الملابس المعروضة.
ولكن حتى مع التخفيضات، تجاوزت أسعار المتجر إلى حد كبير الميزانية المحدودة للعائلة.
وعائلة مرعب ليست وحدها التي تعاني، إذ أن العديد من العائلات في بيروت لا تستطيع تحمل تكلفة شراء ملابس جديدة أو هدايا للأطفال قبيل عيدي الميلاد ورأس السنة.
وقالت جاكلين وزوجها فؤاد للمشارق إن هذه هي السنة الأولى التي لا يتمكنا فيها من شراء ملابس العيد لأطفالهم الثلاثة، في ظل تكدس الفواتير غير المدفوعة واحتجاز المصارف لأموالهم.
وأوضح فؤاد "بعدما كانت مصلحتي بالنجارة تدر علي مالا وفيرا، بالكاد أجني اليوم 3 ملايين ليرة شهريا، أي أقل من مائة دولار لا تكفي لشراء الطعام".
وتابع أن حزب الله الذي يتحكم في عملية صناعة القرار في لبنان يعتبر "أحد المسببين الرئيسين للأزمة وممارساته هي التي أفضت بشكل أساسي إلى ارتفاع الأسعار، لا سيما عمليات التهريب التي يقوم بها".
مخاوف ترافق موسم الأعياد
وللعام الثالث على التوالي، ترافق موسم الأعياد مع تزايد القلق عند الكثير من اللبنانيين الذين يواجهون ارتفاعا في الضرائب وتراجعا في قيمة العملة الوطنية.
فقد قرر مصرف لبنان المركزي رفع سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية للدولار إلى 15 ألف ليرة بدءا من 1 شباط/فبراير المقبل، علما أن سعر الصرف في السوق السوداء يتجاوز حاليا عتبة الـ 43 ألف ليرة للدولار.
وأدت هذه الزيادة المرتقبة إلى ارتفاع أسعار السلع منذ الآن.
وفي حديثها إلى المشارق، قالت جويل أبو حيدر، وهي إحدى سكان بيروت، "لسنا قادرين كأهل على إدخال البهجة إلى قلب ولدينا في عيد الميلاد بسببالأزمة المالية المستفحلة".
وأضافت "بعدما كنا نقصد أهم المحال لشراء الثياب والألعاب لهما، بتنا اليوم نبحث عن الأرخص بسبب تدهور قدرتنا الشرائية".
وأردفت أبو حيدر "نعيش ميلادا حزينا". "فحزب الله يتحكم بمصيرنا وأعيادنا بسبب سياسته المدمرة للبلد".
أما جنان نصر الموظفة في متجر للألعاب في جل الديب، فلفتت إلى أن العمل بطيء للغاية على الرغم من "التخفيضات الاستثنائية" التي يقدمها المتجر.
وأكدت أن الأهل محرجون لأنهم لا يستطيعون شراء الهدايا لأطفالهم.
حزب الله يحكم قبضته على البلاد
من جهتها، أوضحت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة أن اللبنانيين يشهدون موسم أعياد "غير مسبوق" بسببالفوضى العارمة التي يتخبط فيها البلد منذ الأزمة المالية التي بدأت أواخر العام 2019".
وأشارت إلى أنه "بعد مرور 3 أعوام على ثالث أسوأ أزمة في العالم منذ 150 عاما، ما يزال لبنان غير مستعد للتوصل إلى حلول تفي بمتطلباتبرنامج الإصلاح والإنقاذ الذي وضعه صندوق النقد الدولي، "وعاجزا عن احتواء تداعيات سيطرة حزب الله على البلاد".
ولفتت البلعة إلى أن سيطرة حزب الله على البلاد تتجلى أيضا عبر مواصلته عمليات التهريب إلى سوريا عبر المعابر الحدودية غير الشرعية التي يسيطر عليها.
وختمت مؤكدة أن اللبنانيين يتألمون على ضياع جنى عمرهم، ويعيشون في خوف من وقوع كوارث اقتصادية مستقبلية.