قال خبراء إن قطاع النقل المتهالك في إيران يواصل التسبب بسلسلة من المشاكل أبرزها مساهمته كعامل رئيس في أزمة تلوث الهواء التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى التسبب بنسبة عالية من الوفيات في حوادث السير.
ولفتوا إلى أن نسبة 80 في المائة من وسائل النقل في البلاد متهالكة، ولم يتم تجديدها أو استبدالها خلال العقد المنصرم.
وفي مقابلة أجريت في 8 كانون الأول/ديسمبر مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية، كشف نائب مدير اتحاد شركات الطيران في إيران علي رضا برخور أن أكثر من نصف أسطول إيران من الطائرات المدنية متوقف عن الخدمة بسبب نقص قطع الغيار.
وأوضح أن "عدد الطائرات المتوقفة عن الطيران ارتفع إلى أكثر من 170... نتيجة نقص قطاع الغيار ولا سيما المحركات. وفي حال استمر هذا الاتجاه، سنرى في المستقبل القريب ارتفاعا في عدد الطائرات المتوقفة عن الخدمة".
وتابع "نأمل في أن تكون إحدى أولويات الحكومة هي المساعدة في تمويل خطوط الطيران لتتمكن من تأمين قطع الغيار لتأهيل الطائرات المتوقفة".
وبحسب صحيفة فاينانشل تريبيون الاقتصادية اليومية التي تصدر في إيران، تشغل خطوط الطيران الإيرانية الوطنية أسطولا من 39 طائرة غالبيتها من طراز إيرباص.
وفي العام 2016 وبعد أن رفعت العقوبات، أبرمت إيران اتفاقيات لشراء مائة طائرة من طراز إيرباص و80 طائرة بوينغ و40 طائرة من طراز أي.تي.آر.
لكن الجمهورية الإسلامية استلمت 11 طائرة فقط، مع توقف عمليات التسليم عقب إعادة فرض عقوبات على البلاد، بحسب ما ذكرته الوسيلة الإعلامية.
وقال الباحث السياسي عبدالنبي بكار، إن الوضع المتفاقم للاقتصاد في إيران وخصوصا قطاع النقل "لم تتسبب به العقوبات فقط، بل أيضا تحويل المال العام من قبل الحرس الثوري الإيراني لوكلائه في المنطقة".
فالمسودة الأولى لموازنة إيران العامة للسنة المالية المقبلة، تسلط الضوء على هذه النقطة إذ أنها لحظت زيادة بنسبة 240 في المائة لتمويل الحرس الثوري الإيراني.
أسطول جوي غير آمن
بدوره، قال المحلل في مجال النقل مهرداد عراسي "يبدو من كل النواحي أنه مع وضعها البلاد في حالة عزلة اقتصادية، تتحمل الجمهورية الإسلامية بصورة مباشرة مسؤولية وفاة أو إصابة المواطنين الإيرانيين بالأمراض جراء تهالك أسطول النقل".
ويعد قطاع الطيران في إيران خير مثال على تدهور حال أسطول النقل في البلاد ووضعه غير الآمن.
وفي هذا السياق، قال الممثل السابق لمنظمة الطيران المدني الدولية في إيران علي رضا منظري في كانون الأول/ديسمبر، إن "كل الخطوط الجوية المحلية تسعى حاليا لامتلاك المزيد من [الطائرات] من أجل زيادة قدرتها على نقل الركاب".
لكن عملية تحديث أسطول النقل تواجه تحديات عدة.
وأوضح منظري أن "علاقة إيران المالية مع العالم ضعيفة. إلى هذا، علينا أن ندفع نقدا لبائعي الطائرات لأننا عاجزون عن اللجوء إلى التمويل والقروض الخارجية لتمويل شراء الطائرات".
وقال عراسي إن "الحكومة الإيرانية لا تملك علاقات جيدة إلا مع الصين وروسيا".
لكنه أشار إلى أن "البلدين لا يمكنهما تقديم أي شيء في مجال تكنولوجيا الطيران. فهما في الواقع يشتريان طائرات الركاب من شركات أميركية وأوروبية مثل إيرباص وبوينغ".
وأضاف أن قطاع الطيران الإيراني يستند بالكامل إلى تكنولوجيا الغرب. وبالتالي، لا يؤدي شراء الطائرات الصينية أو الروسية إلا إلى إضافة مشاكل جديدة إلى المشاكل الحالية".
قطاع النقل في حالة يرثى لها
من جانبه، كشف قائد شرطة المرور الإيرانية كمال هادي أنفر في تموز/يوليو الماضي أن "أكثر من 80 في المائة من وسائل النقل العام هي في حالة يرثى لها"، مشيرا إلى أن حافلات النقل هي الأكثر استخداما ضمن وسائل النقل العام وللتنقل بين المدن.
وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة الحافلات العامة في إيران محمود طرفا، مع حلول تشرين الأول/أكتوبر 2020 كانت تجول في طهران 3600 حافلة نقل قديمة ومتهالكة.
وأوضح أن نسبة 62 في المائة من أسطول حافلات طهران متهالكة ولا بد من وقفها عن العمل، مضيفا أن وضع قطاع النقل العام مماثل في مدن أخرى إلى جانب حافلات النقل العابرة للمدن.
وتتحمل الحكومة الإيرانية مسؤولية تحديث قطاع النقل العام، كما نص عليه "قانون الهواء النقي" الذي وضعته الحكومة وأُقر في ولاية الرئيس السابق حسن روحاني.
وقال النائب في البرلمان مهرداد لاهوتي في آذار/مارس 2019، إن "معدل فترة تشغيل باصات المدينة هو أقل من 10 سنوات. ولكن في الوضع الحالي، يزيد معدل فترة تشغيل حافلات النقل في طهران عن 15 عاما".
أما عراسي المحلل في قطاع النقل، فقال إن الأزمة في قطاع النقل بإيران يمكن ربطها بالعزلة الاقتصادية للبلاد وأيضا "بتخصيص قدر كبير من موازنة البلاد للنفقات العسكرية والمؤسسات الأمنية".
وبحسب تقارير وسائل الإعلام الرسمية في إيران، ذهب في النصف الأول من العام 2021 نحو 8644 شخصا ضحية حوادث مرورية في إيران، ويعني ذلك زيادة بنسبة 9.6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020.
رشاوى واستغلال
وأشار محللون إلى أن الفساد الاقتصادي والسعي وراء الربح يلعبان دورا أساسيا في الأزمة التي يتخبط بها قطاع النقل في إيران.
وقالوا إن السيارات الصينية الصنع والتي تجتاح السوق الإيراني أكثر فأكثر، لا تلبي دوما المعايير الدولية من حيث السلامة والانبعاثات.
ولكن في الوضع الراهن، وجد النظام الإيراني مع مؤسساته التجارية والمالية أن استيراد السيارات الصينية هو الأمر الأكثر إفادة لأغراضه الخاصة.
ويعد السبب في ذلك بحسب عراسي إلى أن "المعاملات غير الشفافةوالرشاوى والسعي وراء الربح في مبيعات السيارات، تشكل ممارسات مربحة جدا للمصدرين الصينيين من جهة وللمستوردين ضمن الحكومة الإيرانية".