قال ناشطون وخبراء إن ميليشيا لواء فاطميون التابعة للحرس الثوري الإيراني تستغل الفقر الذي يعاني منه السوريون المقيمون في ريف محافظة حلب الشرقي لتجنيدهم في صفوفها.
وأوضحوا للمشارق أن عدد السوريين في صفوف الميليشيا قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، بالتزامن مع تزايد الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها السكان المحليون.
وفي هذا السياق، قال صالح العفيسي، وهو ضابط سابق في الجيش الحر ويعمل حاليا بالزراعة في ريف حلب، إن "الأوضاع الاقتصادية سيئة جدا في ريف محافظة حلب الشرقي".
وتابع أن الوضع الحالي "هو من أسوأ الفترات بتاريخ المنطقة من جميع النواحي".
وأوضح أن الميليشيات الموالية لإيران تحاول فرض سيطرتها على المنطقة بأكملها، فتقوم بتحديد مناطق تريدها خاصة بها وتضع اليد عليها وتلاحق كل من يعارضها "بشكل قمعي".
وأشار إلى أنه حتى وجهاء المنطقة، أي المشايخ وكبار الشخصيات، "باتوا لا يستطيعون التصرف بأية طريقة حيال هذا الوضع".
ترك المزارعين لأراضيهم
وقال العفيسي إنه في هذه الأثناء، "تتراجع الأوضاع الاقتصادية باستمرار بسبب انعدام فرص العمل وغياب كلي لمؤسسات الدولة السورية، وكأن الامر مقصود لدفع الشبان للالتحاق بالميليشيات الإيرانية".
وتابع أن الحاجة الملحة إلى العمل تعتبر الدافع الأساسي بالنسبة لغالبية طالبي العمل للتعامل مع تلك الميليشيات، رغم تدني الرواتب المقدمة لهم.
وأوضح أن "الزراعة أصبحت غير مجدية على الإطلاق بسبب ارتفاع تكلفة التمهيد للزراعة"، كحراثة الأرض وغرسها وتسميدها. وقال إنه "لم يتبق إلا عدد قليل من أبناء المنطقة يمارس هذه المهنة".
وأكد أن الانتشار الكثيف للميليشيات التابعة لإيران وتنقلها المستمر واحتمال تعرض مواقعها لغارات جوية أو لقصف في أي وقت يخيف المزارعين.
وقد دفعهم ذلك لترك أراضيهم الزراعية خوفا على حياتهم.
ʼأشبه بمنطقة عسكريةʻ
وبدوره، قال الناشط الإعلامي فيصل الأحمد، وهو من حلب، للمشارق إن منطقة ريف حلب الشرقي باتت اليوم أشبه "بمنطقة عسكرية خاضعة لميليشيات الحرس الثوري، وخاصة حزب الله اللبناني ولواء فاطميون".
وأضاف أن التحصينات العسكرية تظهر بشكل واضح على طول الضفة الغربية من الفرات، لا سيما في المنطقة المواجهة لقوات سوريا الديموقراطية على الضفة المقابلة.
وتابع الأحمد أن لواء فاطميون ينشط بتجنيد شبان المنطقة بشكل ملحوظ، "ولا سيما أبناء بلدات مسكنة والسفيرة ودير حافر والخفسة".
وأوضح أن ذلك يتم عبر وسطاء سوريين يتلقون عمولات عن كل شخص يجندونه للعمل مع هذه الميليشيات.
وأضاف أنه رغم أن المجندين السوريين يتبعون تنظيميا للواء فاطميون، إلا أن التدريب الأولي يكون على يد حزب الله اللبناني وتليه فترة أخرى من التدريب مع لواء فاطميون.
وأكد أن "الدافع الوحيد للشبان السوريين للقبول بالتطوع في صفوف هذه الميليشيا هو المال بسبب الفقر المنتشر في هذه المنطقة بشكل كبير".
ولكنه أشار إلى أن البعض ينضمون إلى الميليشيا للتخلص من المضايقات التي يتعرضون لها من عناصر الميليشيات أنفسهم.
وذكر أنه غالبا ما يتم تكليف المجندين السوريين مهمة تأمين الحراسة، "وكأن المقصود من تجنيدهم هو إبعاد الخطر عن العناصر الأفغانية ووضع السوريين في الواجهة حيث تكون حياتهم معرضة للخطر".
وقال إنه في هذه الأثناء، يبقى العناصر الأفغان مختبئين ويتنقلون بشكل دائم بين المواقع خوفا من الغارات الجوية التي تستهدف مواقعهم بشكل منتظم.
ولفت الأحمد إلى أن الميليشيات المنتشرة في ريف حلب الشرقي "تستقدم طوال الوقت التعزيزات العسكرية من آليات وأسلحة وذخائر وصواريخ، وكأنها تتحضر لعمل عسكري ما".
وتابع أن هذه التعزيزات تصل "رغم الهدوء الحذر الذي يسيطر على كامل المنطقة".
عدم الثقة بالميليشيات المحلية
ومن جانبه، قال شيار تركو الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية للمشارق إن "عامل عدم الثقة بالميليشيات المحلية دفع قادة الحرس الثوري إلى استقدام العناصر الأفغانية التي تشكل ميليشيا فاطميون".
وأوضح أن معظم عناصر لواء فاطميون ترعرعوا في مخيمات خاصة تقع تحت سلطة وإشراف الحرس الثوري، حيث تشربوا مبدأ ولاية الفقيه.
ويدعو هذا المبدأ إلى الولاء للولي الفقيه، أي المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
وذكر تركو أنه بعد اعتناقهم لهذا الفكر منذ الصغر، بات عناصر لواء فاطميون "كآلات مبرمجة تنفذ الأوامر بدقة"، والأمر نفسه ينطبق بالنسبة لعناصر حزب الله اللبناني.
وقد أدى ذلك إلى تعاون وثيق ومعزز بين الجماعتين.
وأضاف تركو أن لواء فاطميون تكبد خسائر فادحة، لافتا إلى أن التوجه الحالي لتجنيد السوريين يأتي "بعد النقص العددي الكبير الذي تعاني منه الميليشيا بسبب الضربات الجوية التي تتعرض لها مواقعها".
واعتبر أن حزب الله غير قادر بالوقت الحالي على تجنيد مقاتلين لبنانيين بسبب عدم توفر الأموال، "خاصة أن المقاتل السوري يرضى بأي مبلغ يدفع شهريا بسبب الفقر الذي ينتشر في المنطقة".