مقاتل سابق في لواء فاطميون: الميليشيات تخدع الشباب السوري وتخنث بوعودها

كمعظم شبان جيله، لم يكمل المقاتل السابق في صفوف لواء فاطميون والبالغ 25 عاما دراسته، لأن الصراع السوري عصف بمسقط رأسه في دير الزور وأجبره في نهاية المطاف على الفرار من المنطقة.

لكن بعدما سيطرت قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معها على المنطقة، اعتقد الشاب الذي يستخدم الاسم المستعار مصطفى اللهيب، أنه حصل أخيرا على فرصته في الحصول على عمل والتمتع بالاستقرار.

وقال للمشارق إن "النظام أرسل موفدين عدة إلى المناطق التي كان أبناء دير الزور والبو كمال قد نزحوا إليها لإقناعهم بالعودة الطوعية".

وأضاف "وعدوا أن قوات الأمن لن تلاحقهم بعد ذلك أو تجبرهم على أداء الخدمة العسكرية".

وتابع أن الموفدين وعدوا بتأمين فرص عمل للشباب السوريين، مضيفا أنه تبين أن كل الوعود كانت مجرد كلام في الهواء، إذ بقي الشبان معرضون للملاحقات الأمنية وفرص عليهم التجنيد الإجباري إثر عودتهم.

وذكر أنه في الوقت نفسه، بدأت الميليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني في التقرب من الشباب طالبة منهم الانضمام إلى صفوفها، مع وعود بدفع رواتب عالية لهم ومنحهم الحصانة من ملاحقات النظام.

انقسامات داخل الميليشيات

وأوضح "انضممت إلى لواء فاطميون قبل سنة ونصف تقريبا على أن تكون النقطة التي سأقضي فيها ساعات العمل في محيط دير الزور لأكون قريبا من عائلتي، وهو شرط وضعه غالبية الشبان الذين انضموا لهذه الميليشيا".

وتابع اللهيب أنه مع أن لواء فاطميون وعد بنشر الشباب السوري في مواقع تقع بمحيط سكنهم، "تم إرسالنا إلى مناطق مختلفة من البادية (الصحراء الشرقية)".

وأكد أن "مواقعنا كانت قريبة من الطرقات الخطرة التي تمر عبرها قوافل المحروقات، والتي تتعرض لهجمات بين الحين والآخر من العناصر الإرهابية، ما عرض الكثير منا للإصابة أو حتى القتل".

وأوضح أنه سرعان ما أدرك أن السوريين يعتبرون ضمن هيكلية لواء فاطميون عناصر من الدرجة الثالثة، فيما يحظى اللبنانيون والأفغان بمعاملة عناصر الدرجة الأولى والثانية على التوالي.

وعلم أنه يمنع على العناصر السوريين دخول المربعات الأمنية التي يسيطر عليها لواء فاطميون ويؤمنها، وتقتصر هذه الحظوة على الأفغان واللبنانيين فقط.

وأكد أيضا أنه يحظر بشكل مطلق على العناصر السوريين المشاركة في الاحتفالات الدينية التي يقيمها العناصر الأفغان، مشيرا إلى أن ذلك وممارسات تمييزية أخرى أحدثت شقوقا داخل الميليشيا.

ولفت اللهيب إلى أنه أُجبر مع عائلته على تلقي دروس تثقيفية وطائفية، كانت شرطا أساسيا لقبول انضمامه إلى الميليشيا.

وقال إن أطفاله أيضا أجبروا على الانضمام لدورات كشفية ودينية، مشيرا إلى أن "هالي منطقة دير الزوريتعرضون للابتزاز لتغيير طائفتهم" عبر هذا النوع من التلقين الديني والثقافي.

وأكد أنه يتم غرس عقيدة ولاية الفقيه في عقول الأطفال وصغار السن، وهي العقيدة التي تنادي بإشهار الولاء للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

نفوذ الحرس الثوري في دير الزور

وكشف اللهيب أن منطقة دير الزور لا تقع تحت سيطرة النظام رغم رفع العلم السوري وصور الرئيس السوري بشار الأسد في كثير من النقاط الأمنية.

وأردف أن المنطقة تقبع تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، وأن وجود بعض النقاط الأمنية للنظام السوري "ليست إلا غطاء لوجود هذه الميليشيات".

وذكر أنه عند تجنيده في صفوف لواء فاطميون، قيل له أنه سيتقاضى 150 دولارا أميركيا شهريا بالإضافة إلى مساعدات غذائية وطبية، لكن تبين أن الراتب لا يتعدى 40 دولارا وأنه يتأخر أحيانا ثلاثة أشهر.

وأوضح أن المساعدات الغذائية توزع كل ثلاثة أشهر أو خلال المناسبات الدينية، وتلقيها مشروط بالمشاركة في المناسبات الدينية التي تقيمها الميليشيات.

ولفت اللهيب إلى أنه بعد تأكده من كذب وعود لواء فاطميون، اضطر للذهاب إلى أحد النافذين من عشائر المنطقة الذي توسط له لتقديم استقالته والخروج في نهاية الأمر من الخدمة في صفوف الميليشيا.