سياسة

حزب الله يغزو شارع الحمراء في بيروت بمجالس عاشوراء

نهاد طوباليان

صورة لداخل مسرح المدينة في شارع الحمراء ببيروت، نشرت على موقع إلكتروني تابع لحزب الله في أواخر تموز/يوليو. وتقام مجالس إحياء مراسم عاشوراء هناك كل مساء. [إعلام حزب الله على تويتر]

بيروت - ينظم حزب الله مجالس إحياء عاشوراء في مسرح المدينة بشارع الحمراء في بيروت منذ الأول من آب/أغسطس، في خطوة يعتبرها السكان والنشطاء سابقة للأنشطة المستقبلية للحزب المدعوم من إيران.

ويستضيف الشيخ حسين عز الدين المجالس اليومية بين الساعة 5:30 و6:30 مساء، ويعرف عنه دعوته المستمرة لمستمعيه للاقتداء بالجنرال الإيراني المقتول قاسم سليماني والقارى السيد عبدالله فحص.

وكان سليماني قد قتل ببغداد في كانون الثاني/يناير 2020.

وتم إبلاغ التجار والمقيمين في شارع الحمراء بحظر الأنشطة الفنية خلال إقامة مجالس العزاء وتوقف نشاطات سوق شارع الحمراء النابض بالحياة والذي يعتبر معلما سياحيا في بيروت من الأحد، 7 آب/أغسطس وحتى الأحد المقبل.

ينظم حزب الله مجالس إحياء مراسم عاشوراء في مسرح المدينة بشارع الحمراء الواقع في بيروت والمعروف بتنوعه. وتظهر الصورة ملصقا تفصيليا لبرنامج المجالس وزعته وسائل الإعلام التابعة لحزب الله.

ويعلن ملصق تم تعليقه على الجدران أن السوق قد أغلق "مراعاة لمشاعر سكان المنطقة".

ولكن يعتبر العديد من السكان المحليين إغلاق الشارع والاستحواذ على المسرح والشارع لإحياء ذكرى طائفية شكلا من أشكال الغزو الثقافي.

ويعتبرون أن إقامة المجالس وإغلاق السوق محاولة من حزب الله للسيطرة بصورة كاملة على شارع الحمراء وكل ما يرمز إليه ذلك، هو الذي يجمع المواطنين اللبنانيين والزوار من جميع الأطياف.

وزعمت وسائل إعلام تابعة لحزب الله أن إقامة مجالس عاشوراء في شارع الحمراء جاءت "بناء على طلب سكانه"، مدعية أن التكاليف المالية قد تمت تغطيتها من قبل السكان المحليين والتجار.

ولكن كتب الصحافي إسماعيل فقيه في مقال بموقع جنوبية، أن استئجار حزب الله لمسرح المدينة "محاولة احتلال الثقافة المرئية التي يجسدها المسرح".

وأضاف أن هذه الخطوة جزء من نمط محدد، مشيرا إلى قيام الحزب المدعوم من إيران بـ"احتلال الشوارع والقرى والمدن" وحشوها بصور دينية إيرانية وحزبية وسليمانية وخامنئية".

ومن جهته، غرد المواطن بسام صفصوف على تويتر قائلا "بعد أن أنهوا الغزو بالسلاح، بدأوا الغزو الثقافي. عاشوراء على مسرح المدينة شارع الحمراء".

تحد ثقافي

وفي هذا السياق، قال فراس اللبان وهو أحد أبناء شارع الحمراء للمشارق "تقليديا تقام مجالس عزاء عاشوراء بالحسينيات وليس على خشبة مسرح".

وتابع أن قرار حزب الله إقامتها في مسرح بشارع يعرف بتعدديته الثقافية والدينية أمر يجدر التوقف عنده، واصفا هذه الخطوة بأنها "محاولة مكشوفة لفرض أيديولوجيته وثقافته الإيرانية علينا".

وأردف "كنا لنتفهم إقامة هذه المناسبة والمشاركة فيها لو كان حزب الله غير ما هو عليه من تسلط وسطوة على اللبنانيين".

وبناء عليه، اعتبر أن الحزب "يتحدى ما يمثله الشارع من صورة لعيش لبنان الواحد".

أما الكاتب السياسي علي الأمين، فأوضح أن حزب الله حوّل عاشوراء إلى "مناسبة أيديولوجية لدعم فكر سياسي محدد، فيما لا يجب احتكار الذكرى بجهة حزبية".

إلى هذا، قال للمشارق إن حزب الله باختياره مسرح المدينة لإحياء ذكرى عاشوراء "لا يمكن ان يقدم تفاعلا مع الآخر".

وذكر "نحن أمام ذهنية متحجرة تتجلى اليوم بمسرح المدينة لترهيب الأهالي واكتساحهم وليس لتقديم مناسبة للتقارب والحوار".

وأشار الممثل طلال الجردي إلى أن المسرح يجب أن يكون متاحا لمن يريد تقديم العروض، مضيفا "لكن ما يحصل على مسرح المدينة من إحياء لذكرى عاشوراء غريب جدا".

وشبّه ما يشهده مسرح المدينة من إحياء لذكرى عاشوراء "بما شهده مؤخرا معرض الكتاب العربي لجهة تخصيص جناح لقاسم سليماني".

وسعى حزب الله كذلك إلى تخليد إرث سليماني عبر مدارس المهدي التابعة له والتي تحتفل بـ "فضائل" وإنجازات القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

هيمنة حزب الله

وبدوره، أشار مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إلى أن حزب الله يعمل على "تكريس صورته ورموزه" في كل المناطق التي يحظى فيها على الدعم، وذلك بدون أي اعتبار لمن لا يلتزم بثقافته وعقيدته.

وأضاف للمشارق "كما يحاول حزب الله فرض مفهومه لبعض المناسبات أو الأحداث التاريخية التي جرت بالعصر الإسلامي بطريقة تخدم توجهاته ومفاهيمه وعقيدته".

ورأى أنه عبر تقديم أحداث واقعة كربلاء على مسرح المدينة في قلب شارع الحمراء ببيروت وفي بعض الخيم العاشورائية، "يهدف حزب الله للتلاعب بثقافة المدينة".

وتابع قطب أن الحزب يسعى من خلال هذه الممارسات إلى "إظهار حجم السيطرة والتمدد الثقافي والفكري والعقائدي لحزب الله بمختلف المناطق اللبنانية وخاصة الإسلامية منها".

ولفت إلى أن حزب الله "لن ينجح بتغيير مشهد بيروت وثقافتها ودورها وتاريخها وهويتها كما بباقي المناطق اللبنانية الأخرى، إلا أنه بالتأكيد نجح بزرع حواجز وجدران الانقسام الطائفي والمذهبي".

وأكد قطب أن الحزب يواصل تأجيج هذه الانقسامات "بالقوة".

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

أتذكر شارعا اكلت منه لذيذ الطعام وشاهدت فيه فيروز المحطة واشتريت منه احلى الملابس والموسيقى والقيم من الكتب وزرت فيه معارض الكتاب وحضرت محاضرات ثقافية وندوات وامسيات شعرية. ثم حلت المآسي وآخرها وليس الأخير احتلال حزب ألله للشارع وتحول مسرحها العتيد إلى حسينية. وذهاب المطالبة بالديمقراطية والمجتمع المدني وفصل الدين عن الدولة الى النسيان. وداعا بيروت الجميلة.

الرد