بيروت - تكاد لا تخلو أي قرية في المناطق التي يهيمن عليها حزب الله أي ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وسهل البقاع، من مركز تعليمي تابع له يؤمن التدريس فيه من المرحلة الابتدائية وصولا إلى المرحلة الجامعية.
ومن أبرز هذه المراكز التعليمية شبكتا مدارس المهدي والمصطفى ومعاهد أمجاد الجامعية.
وأعرب لبنانيون من أبناء الطائفة الشيعية هم معارضون للحزب، عن استيائهم من هذه الشبكات التي باتت مراكز للترويج للثقافة الإيرانية ولعقيدة الحرس الثوري الإسلامي في لبنان.
وأشاروا إلى أن إيران تسعى عبر حزب الله إلى تغيير وجه لبنان التربوي والثقافي من أجل جر البلاد إلى فلك عقيدة ولاية الفقيه.
وتدعو هذه العقيدة إلى إعلان الولاء الكامل للولي الفقيه، وهو المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
ولم ير الناشط الشيعي المعارض لحزب الله حسن عزالدين، في ذلك أي جديد، لافتا إلى أن إيران وأمين عام الحزب حسن نصر الله سبق سعيا منذ ثمانينات القرن الماضي إلى "جعل لبنان جزاء من دولة ولاية الفقيه ومركزها إيران".
وأضاف أن الإثنين عملا على ترسيخ ثقافة الحرس الثوري الإيراني في لبنان.
عملية تعليمية تدور حول إيران
وكشف أنه لتحقيق هذه الغاية، افتتح حزب الله عددا من الجامعات والمدارس والمعاهد التي تعود ملكيتها له مباشرة كمدارس المهدي، أو لشخصيات مرتبطة به وتأتمر بأوامره.
وتشمل هذه الأخيرة مدارس المصطفى التابعة لنائب نصر الله الشيخ نعيم قاسم، ومعاهد أمجاد العائدة للمسؤول في الحزب الشيخ نبيل قاووق.
وذكر عزالدين أن هذه المؤسسات التربوية "تنشر الثقافة والعادات والتقاليد والطقوس التي يمارسها نظام الحرس الثوري في إيران ويفرضها على المجتمع".
وقال إن اللغة الفارسية تعتمد كلغة ثانية في مدارس المهدي، ويُفرض الحجاب على كل فتاة تبلغ التاسعة من عمرها ويقام لهن حفلات تكليف بمباركة من مشايخ حزب الله وفي طليعتهم نعيم قاسم.
وأكد أن حزب الله "استبدل النشيد الوطني اللبناني في مدارسه بدعاء الحجة"، وهو دعاء الأمام الثاني عشر، المهدي الحجة.
إلى هذا، يقيم الحزب مجالس عاشورائية طيلة أيام عاشوراء، يتخللها خطب سياسية تمجد أفعال مقاتليه.
وأوضح عزالدين أن نصر الله "يصور في تلك المدارس على أنه يحمل مفتاح الجنة ويحدد من يدخلها ومن يرمى بنار جهنم".
ويُقدَم نصر الله أيضا لتلاميذ مدارس المهدي على أنه "حفيد فاطمة الزهراء إبنة النبي محمد، وقائد جيش المهدي المنتظر".
من جهة أخرى، يعمل نصر الله نفسه على غرس فكرة في أذهان التلاميذ مفادها أن خامنئي هو وريث النبي والأئمة.
’تغيير ممنهج للثقافة‘
بدوره، قال معارض شيعي لحزب الله فضل عدم ذكر اسمه، "لدي 3 أطفال بعمر الدراسة، وبرغم ظروفي المادية الصعبة، لا أفكر لحظة بتسجيلهم بأي مدرسة من مدارس الحزب".
وتابع أنه بصفته مواطن لبناني ومعارض ورافض لهذه "السياسة الطائفية"، يعتبر أن تعليم اللغة الفارسية في مدارس حزب الله "يشكل خطرا على المجتمع اللبناني" وعلى مفهوم المواطنة اللبنانية.
وقال إنه في الوقت الذي "لا تمانع فيه بيئة الحزب تعلم الفارسية مقابل حوافز مادية والاستفادة من خدمات مؤسسات الحزب التربوية"، يصبح الطلاب من الملتزمين في كوادر حزب الله.
واعتبر مدير المركز اللبناني للدراسات والاستشارات حسان قطب أنه لتحقيق أجندتها التوسعية، على إيران إحداث تغيير واسع في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والمالية.
وتابع أنه لهذه الغاية، "أعلن نصر الله صراحة أنه جزء من المنظومة الايرانية" في لبنان والمنطقة، ويعمل بهدف الدفع قدما بطموحات إيران.
وأوضح للمشارق أن "حزب الله باشر العمل على تثبيت وترسيخ تغيير ثقافي منهجي يستهدف ثقافة المجتمع [اللبناني]".
وقال "طال ذلك تسمية الشوارع والمباني والمؤسسات والحملات الإعلامية واللوحات الإعلانية التي ترتفع على جانبي الطرقات العامة وحتى على المباني الخاصة مقابل بدل مالي".
ويبقى الأخطر، وفقا له، "التلاعب بالمناهج التربوية والثقافية في مختلف مدارسه بالمناطق الشيعية التي تعتبر بيئته الحاضنة".
عملية التلقين
وأشار قطب إلى أن حزب الله يضع المناهج التعليمية في هذه المدارس لترسخ تعاليمها بسهولة في أذهان الطلاب اليافعين.
وبعد تلقين التلامذة عقيدة الحزب، ينخرطون في صفوف كشافة المهدي، وهي منظمة شبابية تابعة لحزب الله.
وأضاف أن مهمة الكشافة هي "ترجمة الأقوال والعناوين والثوابت والعقائد إلى أفعال وممارسات تنسجم مع الثقافة التي تخدم سياسات حزب الله في لبنان، وتتوافق مع مخططات إيران بالمنطقة".
وتابع أن "إيران أسست حوزات دينية في لبنان مكرسة لدراسة مبادئ ولاية الفقيه التي يختلف عليها شيعة لبنان والعالم العربي والإسلامي".
وكشف أن اللغة الفارسية باتت منتشرة بكثرة داخل هذه الحوزات كما في أوساط بيئة حزب الله ومحازبيه.
وأشار إلى أن إيران افتتحت فرعين لجامعتي المصطفى والمعارف الإيرانيتين في لبنان، وهما تمنحان شهادات في مختلف ميادين التعليم الجامعي، وتقدمان منحا تعليمية في جامعات طهران.
وذكر أنه في هذه الأثناء، "يهيمن الحزب على إدارة الجامعة اللبنانية" التي قامت مؤخرا بزيادة الفصول التي تقدمها لتدريس اللغة الفارسية والتاريخ الفارسي.