بيروت – عمد حزب الله إلى رفع صور ولافتات وتشييد نُصب للجنرال الإيراني الراحل قاسم سليماني في مناطق لبنانية خاضعة لسيطرته، ما أثار موجة غضب لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين.
وعبّر العديد من اللبنانيين في مقابلات مع المشارق وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عن سخطهم لرؤية صور قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني مرفوعة على طول طريق عام مطار بيروت والذي يشكل مدخلا إلى لبنان.
وقالوا إن الحزب المدعوم من إيران يهدف من هذه الخطوة توجيه رسالة مفادها أن إيران تحكم قبضتها على لبنان.
وقبيل حلول ذكرى مقتل سليماني ببغداد في 3 كانون الثاني/يناير، رفع حزب الله صورا عملاقة له في مناطق سيطرته في بيروت والجنوب والبقاع وعلى طريق المطار.
ورفع الحزب الستار عن تماثيل عدة له، أبرزها في منطقة الغبيري بالضاحية الجنوبية حيث أطلق على الشارع اسمه.
ʼخطف لبنانʻ
وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب والناشط السياسي أسعد بشارة في حديث للمشارق أنه "من غير الطبيعي أن يرفع حزب الله صور سليماني على طريق المطار الذي يعتبر بوابة للقادمين إلى لبنان ولمغادريه".
وتابع أن الحزب يسعى من هذه الممارسات إلى "تكريس صورة الوصاية الإيرانية، والقول إنه الأقوى في لبنان".
وذكر بشارة أن الأمر "يتعدى مجرد رفع صور لشخصية أجنبية في بيروت أو تسمية شارع" لأن سليماني رمز للنظام الإيراني. فسليماني حارب في سوريا وشكّل ميليشيات في لبنان والعراق واليمن "مهددا كيانات هذه الدول".
وأضاف أن "رفع صوره هو عمل رمزي للقول إن من يحكم لبنان هو حزب الله ومن ورائه طهران".
ولفت إلى أن "إيران تتحمل مسؤولية عزل لبنان وخطفه وتدمير اقتصاده المبني تاريخيا على اقتصاد السوق وعلاقات متينة وعضوية مع العالم العربي والمجتمع الدولي".
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، شارك اللبنانيون في تظاهرات شعبية دعت إلى وضع حد للفساد ولهيمنة حزب الله.
وفي خطوة تحدى فيها المتظاهرين، رفع حزب الله صورة سليماني على نصب "قبضة الثورة" في ساحة الشهداء ببيروت. ومن جهتهم، أحرق بعض المتظاهرين صورا لسليماني على طريق نهر الكلب في جونية شمال بيروت.
وندد العديد من السياسيين والناشطين بهيمنة إيران عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالبت وزيرة الدولة السابقة لشؤون التنمية الإداريةمي شدياق من حزب الله "التوقف عن تشويه هوية لبنان وتوريطه في حروب لا تعنيه"، محذرة من أن "لبنان لن يكون مقاطعة إيرانية".
وقالت إن تشييد تماثيل لسليماني والقائد السابق لقوات الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس والمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي ورفع صورهم وتسمية الشوارع باسمائهم "سينقلب عليكم".
بدوره، غرد وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي على تويتر قائلا إن "إطلاق أسماء قادة التخريب والميليشيات الإيرانية على شوارع لبنان لا يمثل لبنان"، واصفا ذلك بأنه "عمل غير قانوني واستفزازي".
مظاهر خادعة
من جهته، أوضح عضو الحركة التصحيحية الشيعية ، حسين عز الدين، أنه على الرغم من الضجة الإعلامية التي أحاطت بذكرى مقتل سليماني فاللبنانيون الشيعة لا يتّبعون جميعا عقيدة ولاية الفقيه.
وتدعو هذه العقيدة إلى الولاء لخامنئي.
وقال إن "قلة من الشيعة احتفلوا بذكرى سليماني، وحتى لو بدت المظاهر أنها كبيرة فهي خادعة".
ولفت إلى أن صور سليماني غابت عن المدن التابعةلحركة أمل ، حليفة حزب الله.
من جانبها، أوضحت الصحافية المستقلة سوسن أبو ظهر أن هذه "الصور والتماثيل مسيئة لدولة مستقلة وذات سيادة".
وقالت "سبق أن رفعت في لبنان صور لقادة وزعماء وملوك عرب، لكنها لم ترفع يوما على طريق المطار ولم يحدث أن استقبل مدخل المطار زوار لبنان بمظهر إيراني".
وتابعت أن "صور سليماني هي مظهر إضافي لتفكك ما تبقى من الدولة في ظل غياب السيادة".