بيروت - استنكر مثقفون لبنانيون "التدمير الممنهج" لوجه بيروت الثقافي بعد أن عرضت دور نشر تابعة لحزب الله وأخرى إيرانية صورا لقادة الحرس الثوري الإيراني في معرض الكتاب في المدينة.
وشاركت في معرض بيروت العربي والدولي للكتاب الثالث والستين الذي أقيم بين 3 و13 آذار/مارس بعد توقف دام 3 سنوات، 90 دار نشر لبنانية و4 ناشرين سوريين ومصريين فقط.
وفي المقابل، خصص المعرض جناحين لـ 10 دور نشر إيرانية.
وعرض كلا الجناحين كتبا عن حياة القادة الإيرانيين، بينهم القائد المقتول لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وظهرت صور سليماني وصور مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني والزعيم الإيراني علي خامنئي وقادة من حزب الله بمن فيهم أمينه العام حسن نصر الله، في أماكن مختلفة من المعرض.
ورافق عرض الصور أناشيد "للمقاومة".
وأثارت الصور غضب الناشط شفيق بدر خلال جولته بالمعرض في 7 آذار/مارس. فلكم صورة لسليماني وصرخ "بيروت حرة، إيران برا".
فما كان من مجموعة من الشباب إلا أن اعتدوا عليه بالضرب، ما استدعى نقله إلى المستشفى.
وقبل ذلك بيومين، مُنعت فرقة بيكار بيروت من إكمال حفلتها الغنائية في المعرض عند إنشاد أغنية "يا بيروت" لماجدة الرومي بطلب من أحد منظمي المعرض، وقُطعت الكهرباء عن الصالة.
وقال أحد أعضاء الفرقة لموقع المدن الإخباري، إن ممثلي دور النشر الإيرانية "انزعجوا" من الموسيقى التي وصفوها بأنها "تتعارض مع مبادئهم"، كما من الأغاني الوطنية الخاصة ببيروت.
’تدمير ممنهج‘
ونشرت الناشطة مريم مجدولين لحام فيديو على حسابها على موقع فيسبوك قالت فيه "بات معرض بيروت يشبه معرض طهران، ولا علاقة له ببيروت".
أما الروائي والناقد والكاتب المسرحي الياس خوري، فقال إن المعرض يدخل "في سياق التدمير الممنهج لوجوه بيروت المتعددة، لا سيما وجهها الثقافي الذي اشتهرت به".
وقال للمشارق إن وجه بيروت الثقافي يتدمر يوميا ويواجه خطر الانقراض نهائيا بسبب وقوع لبنان تحت الحصار الإيراني، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تمر بها المدينة.
ورأت الروائية لينا كريديه أن رفع صور سليماني في المعرض يؤكد أن حزب الله وإيران يفرضان على اللبنانيين اتجاها ثقافيا جديدا، يضاف للتغييرات القسرية التي سبق وفرضت على لبنان.
وأضافت أنهما اختارا مكانا حساسا لتطبيق هذه التغييرات، هو معرض الكتاب العربي.
وسألت "ما هو موقع سليماني في معرض الكتاب، وأي رمزية ثقافية يمثلها؟ فهو لم يكن شاعرا ولا كاتبا".
وتابعت "أفهم رفع صورة لكاتب أو شاعر أو روائي ضمن فعاليات المعرض، ولكن ليس لسليماني وما يمثله".
تشويه وجه بيروت الثقافي
ولفتت كريديه إلى أن حزب الله وإيران لم يغيرا وجه بيروت الثقافي فقط "إنما أخذانا إلى مكان لا يشبهنا أبدا، فيما هدفنا في أي احتفالية هو نشر الثقافة والفنون".
وأكدت كريديه أن ما حصل "غير مقبول ومرفوض".
وأردفت "نحن كمثقفين وكتاب وروائيين وشعراء ورسامين، نحترم الاختلاف في الرأي مع الآخر ونتقبله، لكن حزب الله والمحور الإيراني لا يقبلان ولا يتقبلان الاختلاف في الرأي ويفرضان الفكر الأوحد".
وأعتبر شاعر معارض لحزب الله فضل عدم ذكر اسمه، أن رفع صور سليماني في معرض الكتاب هو "امتداد لسيطرة حزب الله والمحور الإيراني على لبنان".
وأضاف للمشارق أن "حزب الله يمارس سطوته لأن لا أحد يسميه بما يرتكب".
ونتيجة لذلك، سيأخذ كل شيء ولن يترك للبنانيين أي مساحة ثقافية وفكرية ليرتقوا فيها، حسبما ذكر.
وختم بالقول "صورة قاسم سليماني تجسد من يحكم لبنان، وهذا واقع حزين وأليم لنا كأدباء وشعراء ومفكرين".