يعيش قادة الجماعات العراقية الموالية لإيران وعائلاتهم حياة من الرفاهية، ويثير استعراض ثرائهم سخط العراقيين العاديين في وقت تزداد فيه صعوبة الأحوال المعيشية في جميع أنحاء البلاد.
وفي صور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، يقف أبناء وأحفاد مسؤولي الميليشيات وهم يستعرضون سياراتهم الفاخرة وملابسهم ذات العلامات التجارية العالمية ومقتنياتهم باهظة الثمن، ما يثير ردود فعل شعبية غاضبة.
ويتهم بعض العراقيين زعماء الميليشيات بملء جيوبهم بالمال الذي يحصلون عليه من الفساد والسرقات ، بينما هم محاصرون بأزمات الفقر وتدهور الخدمات والبطالة مع ندرة المساعدات.
ونشر نشطاء صورا لشاب يقف بجانب سيارتين حديثتين من نوع مرسيدس "جي كلاس"، قيل إنه ابن قائد كتائب حزب الله . وتبدأ أسعار هذه الفئة من السيارات من 192 مليون دينار عراقي (131 ألف و750 دولارا أميركيا).
ورد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على الصورة بسخرية.
فكتب محمد الفضلاوي على موقع فيسبوك "إنه ابن المجاهد الزاهد العابد أبو حسين الحميداوي، قائد كتائب حزب الله".
وواصل الفضلاوي انتقاداته لأنصار تلك الميليشيا الذين لا سكن ولا كهرباء لديهم ويزدادون فقرا، لكنهم بالمقابل يرفضون المساس بزعاماتهم.
ونشر حساب على تويتر باسم "ملاك" صورة لشاب آخر يقف أمام مقدمة سيارة من النوع نفسه، عرّفه بأنه محمد، ابن زينب اللامي.
وزينب اللامي هي ابنة أبو زينب اللامي (واسمه الحقيقي حسين فالح عزيز)، وهو مدير أمن ميليشيات الحشد الذي أثيرت حوله الشكوك بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين خلال احتجاجات تشرين الأول 2019.
وقبل عامين، تداول ناشطون صورة لأبو زينب اللامي وهو يدخن السيجار أثناء رحلة استجمام في العاصمة اللبنانية بيروت.
وطالت لائحة الانتقادات قادة ميليشيات آخرين وأبناءهم.
ومن بين هؤلاء نجل شبل الزيدي قائد ميليشيا كتائب الإمام علي ونجل رعد المالكي (أبو فواز) معاون رئيس أركان الحشد، وكذلك نجل أحمد المكصوصي مساعد زعيم كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي.
حياة البذخ
وقال مواطن من بغداد عرف عن نفسه باسم "سرمد"، إن "قادة الميليشيات يزعمون أنهم حماة الشريعة الإسلامية وفقراء لكنهم كذابون. والدليل حياة البذخ والترف التي تحياها عائلاتهم".
وأضاف في حديث للمشارق "لا بد من محاسبتهم قانونا ومراجعة مصادر أموالهم"، مشيرا إلى أنه عند نهب المال العام، يتضرر المواطن البسيط.
وتابع أن "هؤلاء اغتنوا خلال سنوات قليلة"، مشيرا إلى زعماء الميليشيات وأبنائهم. "وهذا مؤشر على علاقتهم المباشرة بأنشطة فساد وغسيل أموال ونهب للمال العام".
وقال مواطن آخر من بغداد يدعى أبو علي "هناك اليوم العشرات من الميليشيات التي ازدادت ثروات قادتها من سرقة أموال الشعب الذي يعاني حاليا من متاعب معيشية لا حصر لها وسوء الخدمات".
ولفت في حديث للمشارق إلى تصاعد غضب العراقيين على الميليشيات والجهات المتنفذة التي قال إنها "لا تبحث سوى عن مصالحها الذاتية".
وتابع "أما بالنسبة للمصلحة الوطنية، فلا وجود لها في قاموسها".
بدوره، يذكر المواطن وليد البياتي أن استعراض قادة وعائلات الميليشيات لرفاهية حياتهم يعتبر "استفزازا كبيرا" لمشاعر العراقيين العاديين.
واتهم زعماء الميليشيات "بتدمير البلاد وإفقارها بنشاطاتهم الفاسدة والمشبوهة".
'من أين لكم هذا؟‘
وأضاف "علينا تفعيل مبدأ 'من أين لكم هذا'"؟ حول مصادر أموالهم.
وتابع "وعلينا أيضا أن نعيد إلى الخزينة العامة كل موارد الدولة المنهوبة من قبل الميليشيات، حتى توجه نحو تمويل حملات الإعمار ليستفيد منها الشعب".
من جانبه، قال المحلل السياسي عبد القادر النايل إن وكلاء إيران جمعوا ثروات طائلة من أنشطة الفساد ونهب إيرادات الدولة التي هي من حق الشعب العراقي.
وأشار إلى أن حجم الأموال التي نهبتها من خزائن الدولة قيادات الميليشيات والجهات الأخرى خلال السنوات الماضية تقدر بحدود 300 مليار دولار.
وأكد النايل على "قيام هؤلاء الوكلاء بإدارة مصارف لتبييض الأموال القذرة المرتبطة بأعمال التجارة غير القانونية، وتهريب النفط والمخدرات بالإضافة لإبرام الصفقات الفاسدةوالهيمنة على المنافذ الحدودية ومزاد العملات".
وتابع أن "الكثير من أموالنا جرى تحويلها عن طريق تلك الميليشيات إلى الداخل الإيراني لمساعدة النظام الحاكم هناك في مجابهة الضغوط الدولية المفروضة عليه لإرغامه على تغيير سلوكه ووقف دعمه للإرهاب".
وشدد النايل على أن دعم إيران لفساد قادة الميليشيات والجماعات السياسية الموالية لها قد حرم العراقيين من حقوقهم وثرواتهم وعطل القطاعات التنموية والخدمية في البلد.