تشير تقارير نشرت مؤخرا في وسائل الإعلام العراقية إلى أن كبار المسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، غاضبون من وكلائهم في العراق بسبب سرقة مبالغ مالية طائلة، وأيضا بسبب الكثير من حوادث الاقتتال الداخلي الدموية وتفضيل تلك الجماعات لمصالحها الشخصية على مصلحة طهران.
وأفادت التقارير أن خامنئي تلقي تقريرا مُحّدثا من قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني أبدى فيه انزعاجه من الميليشيات العراقية بعد اختفاء أربعة مليارات دولار من أنشطة تهريب السلاح والمخدرات خلال الشهور الستة الماضية.
وتشير الأنباء إلى أن المرشد الأعلى وصفهم بأنهم "لصوص".
وقال المحلل والصحافي زياد السنجري إن "هذه الميليشيات جنت في السنوات الماضية من أنشطة غير مشروعة أموالا ضخمة تقدر بمليارات الدولارات".
وأضاف أن هذه الأنشطة تتضمن تهريب المخدرات والسلاح والنفط وتحصيل الرسوم والإتاوات والضرائب والعمولات و"ممارسة الفساد المالي والإداري على نطاق واسع".
تفشي الفساد
وذكر السنجري أن الميليشيات تتلقى أيضا تمويلا من الخزانة العامة العراقية بحكم ارتباطها بقوات الحشد الشعبي والتي حصلت العام الماضي على ميزانية قدرها 2.6 مليار دولار.
كل هذا على خلفية تصاعد الدعوات، بما في ذلك دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، لإلحاق مقاتلي قوات الحشد بالقوات المسلحة العراقية والحد من نفوذ الفصائل الموالية لإيران.
وأكد السنجري أن "نصف عناصر قوات الحشد، والذين يبلغ تعدادهم الكلي أكثر من 120 ألف عنصر، ليسوا بالحقيقة سوى أسماء على الورق وتذهب رواتبهم الشهرية لحساب قادة الميليشيات".
وتابع أن قادة الميليشيات يزدادون ثراء يوما بعد يوم.
وأشار إلى أن "طهران يساورها اليوم قلق كبير من تغليب هؤلاء الوكلاء لمصالحهم الشخصية والفئوية على المصلحة والأجندات الإيرانية".
ونوه إلى أن اهتمام الميليشيات ينصرف إلى"تضخيم ثرواتها" والاحتفاظ بالحصة الأكبر من هذه الأموال لنفسها، بدلا من تسليمها للجمهورية الإسلامية.
ونوّه إلى أن قاآني التقى في بغداد مؤخرا قادة الميليشيات حاملا لهم من خامنئي رسائل توبيخ وتحذيرات من مغبة عدم إطاعة الأوامر والالتزام بدفع الأموال لإيران.
ويرى العديد من المراقبين أن قبضة إيران على الميليشيات العراقية تعرضت لهزة عنيفة بمقتل سلف قاآني، وهو قاسم سليماني الذي كان يتمتع بنفوذ كبير عليها.
ورغم زياراته ولقاءاته المتكررة بالميليشيات، لم يفلح قاآني في فرض نفسه عليها.
تشديد القبضة على الميليشيات
بدوره، قال الشيخ ثائر البياتي، وهو زعيم عشائري عراقي، إن الإيرانيين اليوم في "مواجهة اختبار صعب يتمثل في كيفية إعادة ترويض الميليشيات وتشديد القبضة عليها كما كانت في زمن سليماني".
وأضاف أن "هذه الفصائل تتصرف كمافيات وعصابات تتنافس إلى درجة التصفية من أجل الاستحواذ على مناطق النفوذ وعلى الامتيازات والسرقات لتعظيم مواردها المالية واكتناز الثروات لنفسها".
وأكد أن "هناك مخاوف من انفلات الأمور".
هذا وقد شهدت الأسابيع الماضية عمليات قتل متبادلة لقادة ومقاتلين في الميليشيات العراقية الموالية لإيران، بسبب خلافات تتركز على الأموال والنفوذ.
كان من أبرزها قيام مجهولين يحملون أسلحة كاتمة يوم 16 شباط/فبراير الماضي باغتيال محمد رحيم الشمري القيادي في ميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وذلك بمنطقة الشعلة في بغداد.
واتهم أنصار العصائب ميليشيات منافسة لم يحددوا من هي بالوقوف وراء تلك التصفيات.
إلى هذا، نعت ميليشيا كتائب حزب الله يوم 20 شباط/فبراير عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي أحد قادتها ويدعى عمار أبو ياسر المعلم واسمه الحقيقي عمار عبد الحسين هادي العبودي.
وكان العبودي، الذي شغل منصب القائد العسكري والميداني للقوات الخاصة في حزب الله العراقي وأحد قياديي اللواء 47، قد قتل بانفجار عبوة لاصقة مزروعة بسيارته في منطقة جرف الصخر جنوبي بغداد.
يذكر أن اللواء 47 هو ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني.
ولفت البياتي إلى أن "الصراعات والتصفيات بين الميليشيات جارية على قدم وساق".
وأوضح أن إيران تبحث حاليا في إعداد خطة لهيكلة ميليشياتها وإعادتها للصف ورفع الغطاء عن القيادات والجماعات التي ترى بأنها لم تعد مخلصة للمشروع الإيراني وتبحث فقط عن إثراء نفسها.