إقتصاد

العقوبات على الحرس الثوري الإيراني تعرقل دعم الصين الاقتصادي لإيران

فريق عمل المشارق

رجال إيرانيون يمرون أمام لوحة جدارية في العاصمة طهران يوم 9 آذار/مارس. ويطالب الإيرانيون الجمهورية الإسلامية بإعادة النظر في خطط اعتمادها على التجارة مع الشرق كحل لمشاكل بلادهم الاقتصادية الراهنة. [عطا كيناري/وكالة الصحافة الفرنسية]

رجال إيرانيون يمرون أمام لوحة جدارية في العاصمة طهران يوم 9 آذار/مارس. ويطالب الإيرانيون الجمهورية الإسلامية بإعادة النظر في خطط اعتمادها على التجارة مع الشرق كحل لمشاكل بلادهم الاقتصادية الراهنة. [عطا كيناري/وكالة الصحافة الفرنسية]

قال مراقبون إن العقوبات المفروضة على الحرس الثوري الإيراني تقوض الدعم الاقتصادي الصيني لطهران بصورة كبيرة.

فمنذ سنوات وإيران تعتمد اقتصاديا على الصين، وقد عزز توقيع البلدين العام الماضي اتفاقية استراتيجية مدتها 25 عاما هيمنة بيجين في الجمهورية الإسلامية.

وفي حين وصف النظامان هذه الصفقة بأنها "مكسب للطرفين"، قال مراقبون إن الحكمة تقتضي بألا تعلق إيران أي آمال في الخلاص الاقتصادي على مثل هذه الاتفاقات التي تندرج في إطار مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بيجين، لا سيما عندما تهدد العقوبات المفروضة على الحرس الثوري الإيراني بتعريض الصين لعقوبات دولية.

ويستخدم الحرس الثوري منذ سنوات عديدة إيرادات مبيعات النفط الإيراني لتنفيذ أجندته التوسعية في المنطقة.

وزير الخارجية الصينية وانغ يي يزور الرئيس الإيراني حسن روحاني بطهران في آذار/مارس الماضي. [مكتب الرئاسة الإيرانية]

وزير الخارجية الصينية وانغ يي يزور الرئيس الإيراني حسن روحاني بطهران في آذار/مارس الماضي. [مكتب الرئاسة الإيرانية]

ونتيجة لذلك، ومن بين خطوات أخرى، قامت الحكومة الأميركية في تشرين الأول/أكتوبر بإدراج شركة النفط الوطنية الإيرانية ووزارة النفط الإيرانية وشركة الناقلات الإيرانية الوطنية على لائحة العقوبات.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد الكيانات الثلاثة بسبب دعمها المالي لفيلق القدس الذي يشكل ذراع العمليات الخارجية للحرس الثوري.

وفي حزيران/يونيو 2020، قامت الولايات المتحدة أيضا بفرض عقوبات على 5 قباطنة سفن إيرانيين كانوا قد نقلوا النفط إلى فنزويلا.

النتيجة النهائية الأولوية بالنسبة لبيجين

وقال مراقبون إنه على الرغم من أن فوائد الاتفاقية التي تمتد على مدى 25 عاما تصور على أنها وفيرة لكلا البلدين، فإن الصين تخاطر بشكل كبير بالاستثمار في إيران حيث طالت العقوبات الأميركية عددا من القطاعات.

وبالفعل، فرضت الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2019 عقوبات على وحدتين من أكبر شبكة نقل في الصين، كوسكو، على خلفية تواطؤهما في الالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران.

وتمتلك كوسكو نحو 4 في المائة من إجمالي ناقلات النفط العملاقة الموجودة على مستوى العالم.

وسرعان ما أدى الحظر المفروض على كوسكو إلى ارتفاع أسعار شحنات النفط في آسيا وزاد التكاليف الإجمالية بنحو 30 في المائة.

ووصلت الأمور إلى حد طالب فيه مسؤولو الحكومة الصينية برفع العقوبات عن الشركة أثناء مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020. وفي النهاية، رُفعت العقوبات عن إحدى الوحدتين.

ومن الجدير ذكره أن أرباح شركة كوسكو لعام 2019 فاقت 28 مرة قيمة المبلغ الذي تأمل إيران أن تستثمره الصين فيها أي نحو 400 مليار دولار في إطار العمل بالاتفاقية، بحسب ما قالته الخبيرة الاقتصادية المقيمة في إيران مولود زاهدي للمشارق.

وأضافت زاهدي أنه يبدو من غير المرجح أن تتخلى الصين عن أكبر أسواقها التصديرية أي الولايات المتحدة، من خلال تكثيف استثمارها في إيران.

وقالت إن الصين تصدّر سنويا إلى الولايات المتحدة ما قيمته مئات المليارات من الدولارات من السلع والخدمات.

وإذا فرضت واشنطن عقوبات على الشركات الصينية أو المواطنين الصينيين بسبب أنشطتهم المرتبطة بإيران، ستفقد الصين قطاعات كبيرة من أسواقها العالمية التي يُقدر أنها ستدر عليها عدة أضعاف من الأرباح المحتملة لاستثمارها في إيران.

وبعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب على الجمهورية الإسلامية في عام 2017، انسحبت الصين من المرحلة 11 من خطة تطوير حقل بارس الجنوبي النفطي.

إيران بحاجة إلى الصين وليس العكس

ويقوم أي اتفاق بين الصين وإيران على اختلال كبير في توازن القوة، إذ يقوم على مبدأ أن إيران بحاجة إلى الصين، وليس العكس.

وفي حين أن الصين هي الشريك التجاري الأول لإيران، تعطي بيجين الأولوية لدول أخرى في الشرق الأوسط على حساب إيران لأن العقوبات الدولية المفروضة عليها تعقد التجارة معها.

وفي هذا الإطار، قالت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في آب/أغسطس الماضي، "منذ العام 2005، لم يتجاوز متوسط الاستثمار الصيني في إيران 1.8 مليار دولار في السنة، وهو أقل بشكل ملحوظ من استثمارات الصين في السعودية والإمارات".

ويعرض الكتاب السنوي الإحصائي الصيني الرسمي لعام 2020 قائمة أكبر 18 مصدّر للبلاد. وفيما تحتل السعودية والكويت مكانة على هذه القائمة، تغيب إيران عنها تماما.

وبالنسبة للنفط، تزود إيران الصين بـ 3 في المائة فقط من وارداتها النفطية، حسبما أفاد موقع ذي ديبلومات في آذار/مارس الماضي، بينما تحتل السعودية وروسيا والعراق والبرازيل المراتب الأولى في توريد النفط إلى بيجين.

وفي هذا الإطار، وصف موقع أغريغيتس بيزنيس الإخباري في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بعض أهم مشاريع مبادرة الحزام والطريق في الشرق الأوسط، ليتبين أن إيران غير موجودة على خارطة هذه المشاريع. وقال الموقع "في اجتماع لمنتدى التعاون بين الصين والدول العربية في بيجين عام 2018، تعهدت الصين بتقديم 23 مليار دولار من القروض والمساعدات التنموية للمنطقة. وحدد الاجتماع ميناء خليفة الإماراتي وميناء الدقم العماني وجيزان السعودي وبورسعيد والعين السخنة في مصر كمشاريع رئيسة ستطورها الصين ضمن مبادرة الحزام والطريق في الشرق الأوسط".

وأشار الموقع إلى أن "المقاولين الصينيين يلعبون دورا أيضا في عقود مهمة لتشييد البنية التحتية في قطر، بينها خطط توسيع مطار حمد الدولي والتي تبلغ قيمتها 25 مليار دولار".

مديونة ومنعزلة ومحاصرة

وفي هذا الإطار، قال محلل سابق في البحرية الإيرانية تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه من وجهة نظر بيجين، "الهدف من الاتفاقية هو أن تحصل الصين على موطئ قدم في إيران، لا سيما في جزيرتي جاسك وكيش في الخليج الفارسي".

وأضاف أن تعزيز التعاون العسكري الصيني مع إيران هو "أمر مفروغ منه" بحسب الاتفاقية.

ويخشى العديد من المراقبين من أن تقدم بيجين لإيران قروضا باهظة الثمن على غرار ما فعلته مع دول أخرى مع إبرام عقود شروطها مرهقة على الدول الضعيفة، للمطالبة بعدها بمزيد من التنازلات من إيران قد تكون تنازلات عسكرية.

وأنشأت الصين بالفعل سلسلة من الموانئ على طول المحيط الهندي، فشكلت شبكة من محطات التزود بالوقود وإعادة الإمداد تمتد من بحر الصين الجنوبي حتى قناة السويس. ومع هذه الاتفاقية، سينتقل تركيز الصين الآن إلى مينائي جاسك وتشابهار في إيران.

ومع أن هذه الموانئ هي تجارية، قد تفتح الاتفاقية الباب أمام البحرية الصينية لتوسيع وجودها في المنطقة انطلاقا منها.

وتتزايد الدعوات من داخل إيران للجمهورية الإسلامية لتعيد النظر في خططها الرامية إلى الاعتماد على التجارة مع الشرق كحل لمشاكل البلاد الاقتصادية الراهنة.

في هذا السياق، قال محلل العلاقات الدولية علي بيغديلي في مقابلة مع موقع خبر أونلاين في 24 آب/أغسطس، إن "سياسة التوجه شرقا لن تنقذنا''، في إشارة إلى السياسة التي ينتهجها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي منذ عام 2018.

وأضاف "تخشى كل من الصين وروسيا من تأثير العقوبات الأميركية عليهما. وتعتمد علاقاتنا التجارية مع شرق أو غرب آسيا على قدرتنا على العمل مع البنوك الدولية ومجموعة العمل المالي. وتعتمد كل من روسيا والصين أيضا على الغرب في هذه المسألة".

وأكد بيغديلي أن الصين لن تتنازل عن سوقها البالغ قيمته 750 مليار دولار في الغرب خدمة لمصالح إيران.

وأردف "نحن بحاجة إلى الحفاظ على علاقات مع جميع الدول لأن الاعتماد على طرف وتجاهل الطرف الآخر لا يمكن أن يساعدنا في الخروج من المأزق الحالي".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500