أجبرت الضغوط الاقتصادية الحادة والتضخم المرتفع بعض الإيرانيين على اللجوء إلى تدابير يائسة من أجل البقاء، شملت بيع أعضائهم.
وأفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) الشهر الماضي أن الفقراء الذين أجبروا في الماضي على اتباع هذا المسار الصعب والاستثنائي لتأمين لقمة العيش كانوا يفعلون ذلك سرا.
ولكن بات الناس اليوم يقومون بذلك علنا ويلجأون حتى إلى نشر إعلانات على جدران الشوارع والأزقة وخاصة بالقرب من المستشفيات، تتضمن معلومات عن كيفية التواصل معهم.
ووفقا لصحيفة تجارة نيوز الإيرانية اليومية، ثمة دافعان رئيسان للفقراء لبيع أعضائهم: دفع مصاريف المستشفى، أو وضع ما يكفي من الأموال في حساباتهم المصرفية لمنع رد الشيكات التي يحررونها.
وبحسب الصحيفة، قال بعض الذين يحاولون بيع أعضائهم إنهم عاطلون عن العمل، فيما قال آخرون إنهم يعملون لكن دخلهم منخفض للغاية بحيث لا يغطي نفقاتهم المعيشية.
وتظهر البيانات الرسمية زيادة الحد الأدنى للأجور بنحو 39 في المائة عام 2021، إلا أنه ذُكر أن معدل التضخم من نقطة إلى نقطة قريب من نسبة 50 في المائة، مما يقضي على أي مكاسب.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها إيران، اختار قادتها إنفاق مواردهم النقدية المحدودة على الأسلحة التقليدية، بما في ذلك الصواريخ وقذائف الهاون التي يتشاركونها مع ميليشياتهم الوكيلة في المنطقة.
شاب يائس وعاطل عن العمل
ويذكر معظم الإيرانيين الذين يضعون إعلانات لبيع أعضائهم عمرهم في الإعلان، وهم عموما من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و30 عاما.
وتدل بعض الإعلانات مباشرة على الوضع الاقتصادي في إيران، فيشير أصحابها إلى أنه لم يعد أمامهم خيار سوى بيع أعضائهم.
وكتب في أحد الإعلانات التي شوهدت بالقرب من مستشفى في طهران، "عمري 19 عاما، ولدي كلية للبيع بسبب الصعوبات الاقتصادية".
وكتب في إعلانات أخرى شوهدت على جدران المدينة، "رجل يبلغ من العمر 25 عاما لديه كلية للبيع" و"كلية للبيع: رجل يبلغ من العمر 21 عاما وجسمه رياضي وسليم".
ويتم تداول بعض الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت الصحافية فيدا رضائي التي تغطي القضايا الاجتماعية داخل إيران، "بسبب ارتفاع الطلب على عمليات زرع الأعضاء وقلة العرض، تحولت هذه الحاجة إلى عمل تجاري في السوق السوداء".
وقال رضائي إن قيمة أجزاء الجسم تختلف لأن البائعين والمشترين يحددون أسعارهم بأنفسهم. وقد تتراوح بين 150 مليون (3529 دولارا) و500 مليون ريال إيراني (11764 دولارا) للكلية الواحدة.
وتُباع الأكباد والقرنيات بسعر 150 مليون ريال إيراني وما فوق.
وفي الأسابيع الأخيرة، أدى ارتفاع الطلب على الأعضاء البشرية في إيران إلى اتهام بعض اللاجئين الأفغان الجيش الإيراني بسرقة أعضائهم.
وقدم تقرير صدر مؤخرا عن مركز أبحاث المجلس الذي يزود المشرعين الإيرانيين بتقارير سياسية، صورة أوضح للأزمة الاقتصادية التي تجبر بعض الإيرانيين على بيع أعضائهم.
ويذكر التقرير أن معدل 60 في المائة من الموظفين في إيران يعملون في "القطاع غير الرسمي"، ما يعني أنهم يفتقرون إلى التأمين الصحي والمزايا أو أي نوع من المعاشات المرصودة للتقاعد.
وتشكل البطالة عاملا رئيسا آخر. فبحسب الإحصاءات الرسمية، انخفض عدد العاملين في صيف 2020 بمقدار 1.2 مليون عن الفترة نفسها من عام 2019.
وفي هذه الأثناء، أدى ارتفاع التضخم إلى زيادة إنفاق الأسر. فزاد إنفاق الأسر في مختلف أنحاء البلاد بنسبة 41.4 في المائة على السلع الضرورية في تشرين الأول/أكتوبر 2021 مقارنة بالشهر نفسه من العام 2020.
ممارسة ليست بالقانونية ولا مخالفة للقانون
وبحسب الخبير الاقتصادي مهدي فيزي، يتم بيع الأعضاء بشكل غير قانوني في دول أخرى حول العالم، حسب ما أورده موقع اقتصاد أونلاين.
وقال "على حد علمي، إيران هي الدولة الوحيدة التي تعد عملية بيع وشراء الكلى فيها قانونية".
وقال فيزي إن مفهوم ما هو "قانوني" في إيران يعني أنه لا يوجد قانون يحظره. وأوضح أنه بما أن الأعضاء غير مدرجة كسلعة يحظر تداولها، فإن بيع الأعضاء "لا يعتبر غير قانوني".
وبحسب الصحافي رضائي، تحاول المنظمات غير الحكومية والجمعيات الخيرية الخاصة وكذلك بعض وسائل الإعلام منذ سنوات نشر ثقافة التبرع بالأعضاء.
فسيزيد وجود برنامج فعال لمانحي الأعضاء من توفرها ويقلل من احتمال تحول المرضى الذين هم في أمس الحاجة إلى زرع أعضاء، إلى السوق السوداء.
ولكن بدلا من ذلك، قامت الحكومة بوضع عقبات أمام أنشطة المنظمات غير الحكومية، حسبما أضاف.
من جهة أخرى، قال رضائي إن سوء الإدارة الاقتصادية والنظام الذي يعطي الأولوية لخططه التوسعية في الخارج على حساب رفاهية مواطنيه ويجر بلدا غنيا مثل إيران إلى الفقر، لا يتركان خيارا لمن هم في أمس الحاجة إلا ببيع أعضائهم.