يزداد استياء الشعب العراق من كتائب حزب الله، وهي ميليشيا شيعية في العراق مدعومة من إيران، وذلك في ظل مواصلتها ارتكاب جرائم عنيفة وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وبدا الاستياء جليا في الانتخابات البرلمانية في 10 تشرين الأول/أكتوبر، عندما فاز الجناح السياسي للميليشيا والذي يعرف بحركة حقوق، بمقعد واحد رغم ترشيح 40 شخصا.
وأكد المحلل السياسي أحمد شوقي للمشارق أن إخفاق قادة كتائب حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران في الانتخابات يمثل نتيجة طبيعية لحصيلة ما اقترفوه من إجرام بحق الشعب العراقي.
وأشار إلى حملات الخطف والقتل والقمع التي نفذتها الجماعة والتي طالت آلاف العراقيين من كافة الأطياف.
وتحدثت تقارير عن قيام كتائب حزب الله بخطف وقتل مئات المدنيين منذ بداية الحرب مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العام 2016، علما أن العديد من هذه العمليات قد تم على أساس طائفي.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 1500 رجل وفتى من مدينة الفلوجة قد احتجزوا على يد عناصر كتائب حزب الله، ولا تزال غالبيتهم في عداد المفقودين.
وقالت الأمم المتحدة في تقرير صدر في حزيران/يونيو 2016 أن تلك الأفعال تشكل جرائم حرب.
وقد اُتهمت الجماعة بممارسة التعذيب وتنفيذ عمليات إعدام. وخلال العامين المنصرمين، اكتشفت السلطات ما لا يقل عن ثلاث مقابر جماعية في مواقع بالقرب من الفلوجة كانت مسرحا لأنشطة الكتائب.
قمع الاحتجاجات
ومنذ ذلك الحين، تورطت الميليشيا في عملية قتل من يحتجون على الهيمنة الإيرانية في العراق.
وذكر شوقي أن "الميليشيا كشّرت عن أنيابها أثناء الاحتجاجات الشعبية ضد الهيمنة الإيرانية وفساد الميليشيات عبر المشاركة في قمع وقتل المتظاهرين لإسكات أصواتهم".
ولقي أكثر من 600 متظاهر مصرعهم في هذه الاحتجاجات التي امتدت بين عامي 2019 و2020.
إضافة إلى ذلك، تم خطف أكثر من مائة شخص كما تم تعذيب البعض على يد جماعات مسلحة معارضة للاحتجاجات، بحسب تقرير صدر في أيار/مايو عن مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق.
وقد اتهمت السلطات العراقية كتائب حزب الله بخطف وتغييب أكثر من 20 ناشطا مدنيا وصحافيا منذ العام 2019. وتحدثت معلومات أيضا عن تورط الجماعة في اغتيال أكثر من 36 شخصا، بينهم 6 خلال العام الجاري.
ويبقى مصير هؤلاء المفقودين مجهولا.
وقد رُبط اسم كتائب حزب الله مثلا باغتيال الخبير العراقي المعروف المتخصص في الجماعات المسلحة هشام الهاشمي في تموز/يوليو 2020 ببغداد.
وفي تموز/يوليو من العام الجاري، اعتقلت السلطات المشتبه به الرئيسي في عملية الاغتيال هذه، وقد أقر هذا الأخير بارتباطه الوثيق بالجماعة.
وتقف كتائب حزب الله وغيرها من الميليشيات المدعومة من إيران أيضا بحسب المعلومات وراء هجوم تم إحباطه على محل إقامة رئيس الوزراء العراقي في 7 تشرين الثاني/نوفمبركان يسعى لنشر الفوضى عقب هزيمة هذه الجماعات في الانتخابات.
وتورطت كتائب حزب الله طوال العام الجاري في هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة استهدفت منشآت عراقية ومصالح أجنبية وأدت إلى مقتل مدنيين أبرياء.
سرقة الثروات العراقية
وبدوره، قال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين إن "الكتائب هي الجزء الأكثر نشاطا وفاعلية في شبكة المنظمات الإرهابية التي تقودها إيران".
وأوضح أن هذا الفصيل يتغذى على سرقة ثروات العراقيين ليوظفها في تعكير أمن بلادهم.
وتابع أن ابتزاز رجال الأعمال والشركات والمستثمرين يشكل أحد أهم موارد التمويل لحزب الله ويمثل معظم أمواله.
وأشار إلى أن الميليشيا تحاول جمع المال أيضا من "استغلال طرق حدودية غير مراقبة مع سوريا لتهريب المواد المخدرة والمواشي والوقود بالتزامن مع تهريبها للسلاح إلى باقي فصائل إيران المنتشرة على الجانب السوري من الحدود".
وأضاف أن الرشاوى والعمولات لتمرير الصفقات والمشاريع الفاسدة والتحايل على نظام المرتبات الحكومية، عبر زج أسماء وهمية في قنوات تحصيل الإيرادات، هي من الطرق المستخدمة من قبل كتائب حزب الله لكسب ملايين الدولارات بمداخيل شهرية.
وقال إن هذه الميليشيا وغيرها تعتبر اليوم هزيمتها السياسية مقدمة لنفوذها المتضائل "الذي بدأ يتآكل مع استياء العراقيين من أفعالها المشينة".
وأضاف أن العراقيين يدعمون جهود الحكومة لتعطيل أنشطة كتائب حزب الله ومصالحها الاقتصادية، بدءا بتفكيك شبكات فساد متحالفة مع الميليشيات وتقييد التعاملات غير القانونية.
ولفت إلى أن الحكومة تمكنت على مدار أكثر من عام استرجاع ما مجموعه 8 مليارات دولار إلى خزينة الدولة كانت في طريقها لجيوب الميليشيات والفاسدين المتنفذين.