لا تترك أهداف الهجمات الأخيرة التي نفذتها ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، والتي غالبا ما تنسب إلى مجموعات غامضة تتحرك تحت قيادتها، أي مجال للشك بشأن ولاء الميليشيا لإيران.
هذا واستهدف وابل من الصواريخ الإيرانية الصنع قاعدة عين الأسد العسكرية في غرب العراق في 3 آذار/مارس. وتضم القاعدة قوات أميركية تقدم الدعم للقوات العراقية في حربها ضد فلول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقد نسب الهجوم على نطاق واسع إلى كتائب حزب الله التي تورطت في هجمات صاروخية سابقة على أهداف للتحالف الدولي والبعثات الدبلوماسية الغربية أسفرت عن مقتل مدنيين عراقيين.
وقد تبنت مجموعات غير معروفة ومرتبطة بكتائب حزب الله هجمات مماثلة في الأسابيع الأخيرة. وتشمل هذه المجموعات سرايا أولياء الدم التي أعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ هجوم صاروخي على أربيل في 15 شباط/فبراير الماضي.
وقتل متعاقد أجنبي ومدني عراقي في هذا الهجوم على أربيل، فيما أصيب آخرون بجروح.
وفي هذا السياق، ذكر الصحافي العراقي شاهو القره داغي أن كتائب حزب الله توجه أكثر من 11 فصيلا مسلحا نشطا على ارتباط مباشر بها.
وتابع أن هذه الجماعات الصغيرة "يستحيل أن تنفذ هجمات بهذا الحجم الكبير دون أن تتلقى الدعم والتخطيط من كتائب حزب الله ومن الحرس الثوري الإيراني".
وكانت ميليشيا الكتائب قد بدأت بتصعيد وتيرة أنشطتها في نهاية 2019، حيث قامت في 27 كانون الأول/ديسمبر بقصف قاعدة قاعدة K1 الجوية في كركوك بنحو 30 صاروخا، مما أدى إلى مقتل متعاقد مدني أميركي وإصابة عدد من الجنود الأميركيين والعراقيين.
وشهد العام الماضي ما لا يقل عن 50 هجوما بصواريخ عيار 107 ميليمترا من تنفيذ فصائل لم تكن معروفة سابقا وهي تابعة لكتائب حزب الله.
وكان من بينها هجوم نفذ في 11 آذار/مارس 2020 بـ 33 صاروخا على قاعدة التاجي الجوية شمالي بغداد، الأمر الذي أسفر عن مقتل جندي ومتعاقد أميركيين ومجنّدة بريطانية وجرح عدد من الجنود العراقيين.
وقد تبنت جماعة تعرف باسم عصبة الثائرينالمسؤولية عن الهجوم.
ضحايا من المدنيين
كذلك، أكد القره داغي أن فصائل أخرى تابعة لكتائب حزب الله، ومن بينها أهل الكهف وسرايا المنتقم وسرايا ثورة العشرين ولواء ثأر المهندس، تبنت هجمات بالصواريخ على قواعد عراقية تضم قوات دولية.
وتبنت أيضا هجمات على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط بغداد وعلى أرتال تابعة للتحالف الدولي، مما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين الذين كانوا يقيمون بالقرب من المواقع المستهدفة.
وفي 28 أيلول/سبتمبر الماضي، سقط صاروخ على منزل قريب من قاعدة مطار بغداد، مما تسبب بمصرع 7 أفراد من عائلة واحدة، معظمهم أطفال.
كما قُتلت فتاة وأصيب 5 مدنيين عند سقوط وابل من الصواريخ في بغداد يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وأشار القره داغي إلى أن "الميليشيات الفرعية لكتائب حزب الله تتبنى عملياتها وتتفاخر بها، لكن عندما يسقط مدنيون بسببها سرعان ما تتنصل من المسؤولية لامتصاص غضب الشارع".
ولفت إلى أن كتائب حزب الله تأسست عام 2007 برعاية إيرانية "وتدربت على تنفيذ أعقد المهمات والأوامر الصادرة عن الحرس الثوري الإيراني بحذافيرها".
وتضم الميليشيا اليوم بين 10 و15 ألف عنصر ويقع مقرها الأساسي في بلدة جرف الصخر جنوبي بغداد وعلى الحدود العراقية السورية.
ووصفها القره داغي بأنها "مافيا خطرة لديها تأثيرات واسعة وأنشطة اقتصادية وتجارة غير مشروعة تدر عليها المال".
وتورطت الميليشيا وميليشيات أخرى مدعومة من إيران في العنف الطائفي بالعراق، بما في ذلك خطف مئات الرجال من المناطق المحررة من سيطرة داعش، علما أن العديد منهم لا يزال مفقودا.
وقد أدرج اسم الزعيم السابق لكتائب حزب الله، عبد العزيز المحمداوي، الملقب بـ "أبو فدك"، على قائمة الإرهاب العالمية من قبل وزارة الخارجية الأميركية في 13 كانون الثاني/يناير.
إسكات معارضي إيران
ومن جانبه، ذكر المحلل الاستراتيجي علاء النشوع أن كتائب حزب الله عملت على إسكات أصوات "مناهضة لإيران أو تشكل تهديدا لها".
ولفت بهذا الصدد إلى تورط الميليشيا باغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي في 6 تموز/يوليو الماضي بالرصاص أمام منزله شرقي بغداد، فيما كان يدخل إلى سيارته. وقد توفي هذا الأخير في وقت لاحق متأثرا بجروحه.
وكان الهاشمي قد تلقى تهديدات بالقتل عبر هاتفه من كتائب حزب الله، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها إلى وسائل الإعلام وتكشف هوية قادة الميليشيا وارتباطاتهم بالحرس الثوري ومسؤوليتهم في الهجمات.
وفي منتصف شباط/فبراير الماضي، قبضت السلطات العراقية على 4 عناصر متهمين من "فرقة الموت" المسؤولة عن اغتيال عدد كبير من الناشطين والصحافيين المناوئين لإيران في البصرة العام الماضي.
ومن بين من تم اغتيالهم، الصحافي أحمد عبد الصمد وزميله المصور صفاء غالي والناشط مجتبى أحمد السكيني والناشطة جنان ماذي الشحماني.
وحددت السلطات هوية 16 رجلا متورطين في الاغتيالات، لكن معظمهم فروا مسبقا من البلاد، وعلى رأسهم زعيم الخلية أحمد عبد الكريم الركابي المعروف بـأحمد طويسة.
وأشارت بعض التقارير إلى أن عناصر المجموعة المطلوبين ينتمون لكتائب حزب الله التي حاولت الضغط للإفراج عن المحتجزين الأربعة.
وأكد النشوع أن "كتائب حزب الله هي جزء من المنظومة الأمنية الإيرانية وإحدى أهم وأكبر الجماعات العراقية المثيرة للعنف والفوضى بالبلاد".