قال مراقبون إن اندماج عدة ميليشيات شيعية في تنظيم شبه عسكري تابع للجيش العراقي سيعزز سيادة القانون في العراق ويشكل مواجهة لنفوذ الجماعات المدعومة من إيران.
وفي 28 أيلول/سبتمبر الماضي، أعلن قائد ميليشيا فرقة العباس القتالية الشيعية ميثم الزيدي، في كربلاء عن إنشاء حشد العتبات الموالي للمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني.
وإلى جانب فرقة العباس القتالية (اللواء 26 في الحشد الشعبي)، يضم التنظيم 3 ميليشيات شيعية أخرى هي لواء أنصار المرجعية (اللواء 44) وفرقة الإمام علي القتالية (اللواء الثاني) ولواء علي الأكبر (اللواء 11).
وأكد الزيدي في كلمة له أمام حشود من زائري ضريح الإمام العباس في كربلاء أن وجود ذلك التشكيل الجديد أصبح "شرعيا وقانونيا بارتباطه بالقائد العام للقوات المسلحة وهو داعم له".
وكانت هذه الفصائل الأربعة قد قررت العام الماضي الالتحاق بوزارة الدفاع العراقية وانهاء ارتباطها بقوات الحشد الشعبي التي تضم جماعات مسلحة أعلنت ولاءها الصريح للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، عقدت الفصائل الأربعة مؤتمرا اعترضت فيه على ممارسات "الميليشيات الموالية"، واصفة إياها بالمضرة لسلامة العراقيين وسيادة بلدهم ومصالحه الوطنية.
يذكر أن قوات الحشد الشعبي شُكلت أساسا لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في استجابة للفتوى الجهادية (الجهاد الكفائي) التي أطلقها السيستاني عام 2014.
رفض إيران
وفي الوقت الذي لاقى فيه تشكيل المظلة الجديدة ترحيبا شعبيا وحكوميا، أثار ذلك غضب زعماء الميليشيات المدعومين من إيران وعلى رأسهم قيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق.
وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة الخلافات بين الجانبين مع شن قائد لواء أنصار المرجعية حميد الياسري، هجوما لاذعا على الميليشيات والفصائل المسلحة العراقية التي "تدين بالولاء [لأي بلد] غير العراق".
وفي خطبة له يوم 15 آب/أغسطس الماضي، اتهم الياسري هكذا فصائل بـ "الخيانة العظمى".
كذلك، حملها مسؤولية قتل المتظاهرين والناشطين العراقيين "بسبب مطالبتهم بالخدمات والسيادة والولاء للعراق ورفضهم للتدخل الخارجي في شؤون بلادهم".
ورفض الياسري "صوت التوجيه والإرشاد القادم من خلف الحدود"، في إشارة ظاهرة إلى خامنئي.
وقاد خلال زيارة الأربعين لهذا العام تظاهرة داخل ضريح الإمام الحسين تندد بإيران. وشارك فيها المئات من الطلبة ممن يدرسون في حوزة النجف، وردد المتظاهرون شعارات ترفض تدخلات إيران والأنشطة غير المشروعة للميليشيات المدعومة منها.
وفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي أحمد شوقي في حديث للمشارق إلى أن إنشاء حشد العتبات هو "رسالة واضحة على استقلالية ذلك التشكيل عن القرار والولاء الإيراني، وأنه داعم أساسي لجهود إرساء الدولة وسلطة القانون".
وذكر أن قادة حشد العتبات أكدوا بإعلانهم هذا أنهم حشد قتالي وليس سياسي، "مهمته الأساسية هي الدفاع عن البلاد ومساعدة القوات المسلحة على دحر الإرهاب".
وأوضح أن التشكيل بعيد عن المصالح السياسية والمناصب أو الولاءات التي تخدم أجندات خارج حدود العراق.
وأشار إلى أن تشكيل حشد العتبات يزيد من عزلة الجماعات المدعومة من إيران ويضعف نفوذها وجهودها الرامية إلى تحويلها إلى قوات رديفة على غرار الحرس الثوري الإسلامي.
الامتناع عن العمل السياسي
وجاء الإعلان عن تشكيل حشد العتبات قبيل الانتخابات البرلمانية العراقية، في خطوة أعادت تأكيد نيته عدم الانخراط في السياسة تماشيا مع توصية السيستاني لقوات الحشد الشعبي عند تشكيلها.
وفي حين تمسكت ميليشيات حشد العتابات بالدور القتالي الذي أنشأت من أجله بداية واندمجت لاحقا في صفوف الجيش العراقي، عقدت الميليشيات الموالية لإيران تحالفات وأسست حركات سياسية لخوض انتخابات 2018، وخاضتها مرة جديدة هذا العام.
من جهته، قال الكاتب السياسي عبد الكريم الوزان في حديثه للمشارق إن جماعات الحشد الولائي "ستبقى على علاقة وثيقة بالنظام الإيراني وخادمة وفية له".
وأضاف أنهم "في مركب واحد وينسقون في ما بينهم وليس هناك ما يهدد هذه العلاقة"، وذلك على الرغم من التقارير التي تتحدث عن تذمر القادة الإيرانيين من عدم انصياع بعض الوكلاء لتوجيهاتهم وازدياد الصراعات بينهم على الثروات والمنافع.
ولكن أردف الوزان أن العراقيين يواصلون إدانة سياسات النظام الإيراني وسلوك وكلائه.