أمن

السيستاني يدعم انخراط الحشد الشعبي بصفوف قوات الأمن في خطوة تعكس حذره من النفوذ الإيراني

فارس العمران

عقدت الفصائل الأربعة التابعة للنجف ضمن الحشد الشعبي أول مؤتمر تنسيقي لها في مطلع كانون الأول/ديسمبر، لإعادة تأكيد التزامها بالدولة ورفضها للميليشيات الموالية لإيران. [شبكة الكفيل العالمية]

عقدت الفصائل الأربعة التابعة للنجف ضمن الحشد الشعبي أول مؤتمر تنسيقي لها في مطلع كانون الأول/ديسمبر، لإعادة تأكيد التزامها بالدولة ورفضها للميليشيات الموالية لإيران. [شبكة الكفيل العالمية]

مع انتعاش الاقتصاد العراقي وتضييق القوات الأمنية الخناق على فلول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في البلاد، تكثفت الدعوات إلى دمج قوات الحشد الشعبي في الجيش.

وقالت المرجعيات الدينية وخبراء في العراق إن القوات الأمنية العراقية يجب أن تكون الهيئة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن الدفاع عن البلاد.

ووفرت الحرب على داعش والتي دامت ثلاث سنوات، فرصة لظهور الميليشيات والفصائل مع إعلان العديد منها ولائه لإيران.

وبعد اجتياح داعش للمدن العراقية ولا سيما الموصل في حزيران/يونيو 2014، أصدر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني فتوى لتعبئة شعبية ضد التنظيم الإرهابي.

مسؤولون وقادة عسكريون يشاركون في المؤتمر الذي عقدته الفصائل التابعة للنجف في الحشد الشعبي في كانون الأول/ديسمبر بالعتبة العباسية في كربلاء. [شبكة الكفيل العالمية]

مسؤولون وقادة عسكريون يشاركون في المؤتمر الذي عقدته الفصائل التابعة للنجف في الحشد الشعبي في كانون الأول/ديسمبر بالعتبة العباسية في كربلاء. [شبكة الكفيل العالمية]

ولم تدع الفتوى التي عرفت بـ"الجهاد الكفائي" لتشكيل جماعات مسلحة، بل طالبت العراقيين بالتطوع في صفوف القوات الأمنية.

ومع ذلك، حصل العديد من الفصائل التي أنشأها الحرس الثوري الإيراني في العراق ودعمها بالمال والسلاح، على فرصة الظهور والكشف عن نفسها بصورة علنية.

وبعد إخراج داعش من الأراضي التي كانت قد سيطرت عليها، بدأت تلك الميليشيات التابعة لإيران والتي تتحرك ضمن قوات الحشد الشعبي، بتنظيم صفوفها وتوسيع نطاق نفوذها وأصبحت تاليا تشكل تهديدا إلى حد اعتبره بعض المحللين أنه "لا يقل خطرا وفتكا عن داعش".

وتشمل هذه الميليشيات كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وحركة النجباء وتنظيم بدر ولواء سيد الشهداء. وهي تتبع أوامر الولي الفقيه، في إشارة إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.

انخراط في القوات الأمنية

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي العراقي أحمد شوقي إن "الفتوى كانت واضحة".

وأوضح أن السيستاني طلب فيها من الشباب العراقي التطوع في صفوف القوات الأمنية، "لكنه لم يمنح إذنا شرعيا لتأسيس جماعات وفصائل بولاءات خارجية تتصرف كخصم للدولة وتتعدى على النظام والقانون".

وتابع أنه اليوم، وإثر تحقيق الانتصار على داعش وبعد أن أصبحت القوات العراقية مدربة بشكل جيد وقادرة على طرد فلول التنظيم بمفردها، يهدف المرجع الشيعي الأعلى في العراق لإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي.

وأضاف أنه دعا في أكثر من مناسبة إلى انخراط المقاتلين المتطوعين لمحاربة داعش في صفوف القوات الأمنية.

وفي آذار/مارس الماضي، عقب إعلان أربع فصائل تابعة للنجف انسحابها من قوات الحشد الشعبي وانخراطها في صفوف الجيش العراقي، تحدثت تكهنات حول رغبة السيستاني بإنهاء فتوى الجهاد الكفائي إلا أن ذلك لم يتحقق بعد.

وأشار شوقي إلى أنه مع ذلك، تشكل الدعوات لدمج مقاتلي الحشد في الجيش إعلانا صريحا بانتفاء الحاجة للتعبئة وبأن الفتوى حققت الغايات التي صدرت من أجلها.

هذا وأعلن لواء أنصار المرجعية ولواء علي الأكبر وفرقة العباس القتالية وفرقة الإمام علي القتالية، في 18 آذار/مارس الماضي عن قرارها بالانشقاق عن قوات الحشد الشعبي.

وسعت الفصائل الأربع في أول مؤتمر تنسيقي لها عقد في كانون الأول/ديسمبر، إلى احتواء الميليشيات الموالية لإيران وعزلها. وأعادت تأكيد التزامها الحفاظ على سلطة الدولة ومؤسساتها وانتمائها للقوات العراقية، مطالبة الحكومة بإتمام عملية التحاقها بالقوات الأمنية.

استياء عارم من الميليشيات

وكانت دراسة أجراها الخبير الأمني هشام الهاشمي وصدرت قبل 5 أيام من اغتياله في 6 تموز/يوليو الماضي على يد مسلحين يشتبه بانتمائهم إلى جماعات مدعومة من إيران، قد سلطت الضوء على توليفة القوى في قوات الحشد الشعبي وتوازنها.

وبحسب الدراسة التي جاءت بعنوان "الخلاف الداخلي في هيئة الحشد الشعبي"، ازداد عدد الميليشيات التابعة لإيران والتي تعمل تحت مظلة الحشد الشعبي ليصل إلى 44 فصيلا، علما أن هذه الأخيرة تتألف من 70 ألف مقاتل عراقي "موال" (وهم موالون لخامنئي).

وفي المقابل، بلغ عدد الجماعات التابعة للسيستاني وغيره من المرجعيات الدينية 23 جماعة وتتألف من 40 ألأف مقاتل.

وجاء في الدراسة أن هناك "صراع يكبر حجمه يوما بعد يوم" بين الطرفين حيال سلوك الفصائل الموالية ضمن الحشد الشعبي.

وتابعت الدراسة أن هذا السلوك يقوض أمن ومصالح الدولة العراقية لصالح النظام الإيراني.

وقال شوقي إن الميليشيات المدعومة من إيران أصبحت عبئا كبيرا على العراق، نظرا للمشاكل السياسية التي تتسبب بها عبر الأنشطة العدائية التي تؤذي الشعب العراقي.

وشدد على امتلاك هذه الميليشيات الصواريخ والأسلحة الثقيلة، مشيرا إلى أن أفعالها تضر بمصالح العراق وسيادته واقتصاده، إلى جانب استقرار المنطقة ككل.

وأوضح أنه من الضروري "حلها عبر اتخاذ قرارات وطنية شجاعة"، كما لا بد من مصادرة أسلحتها.

بدوره، ذكر الخبير العسكري أعياد الطوفان أن المباركة التي أعطاها السيستاني لخطوة انخراط الفصائل التابعة للنجف بالأجهزة الأمنية، يجعل من وجود أي جماعة مسلحة تابعة للخارج أمرا غير قانوني.

وتابع أن السيستاني يدعم القوات الأمنية العراقية باعتبارها "السلطة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن حماية العراقيين والدفاع عن البلد".

واستدرك بالقول إن العراقيين يأملون بـ "نهاية وشيكة للميليشيات حتى ينعموا بالسلام والازدهار ويلتفتون لبناء بلدهم وتطويره".

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، دعم السيستاني إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعقد الانتخابات النيابية قبل موعدها هذه السنة في 10 تشرين الأول/أكتوبر، أي قبل سنة تقريبا من الموعد الذي كان محددا لها.

وقال إن الانتخابات المبكرة هي المسار "الصحيح والسلمي" للخروج من المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية الراهنة التي يواجهها العراق.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500