سياسة

هوة الخلاف تتسع بين وكلاء إيران في العراق ومرجعية النجف

فارس العمران

متظاهر عراقي يحمل صورة آية الله العظمى السيد علي السيستاني يشارك في تجمع بساحة الحبوبي في مدينة الناصرية بجنوبي العراق يوم 24 تشرين الأول/أكتوبر 2020، عشية الذكرى السنوية الأولى للتظاهرات المناوئة للحكومة. [أسعد نيازي/وكالة الصحافة الفرنسية]

متظاهر عراقي يحمل صورة آية الله العظمى السيد علي السيستاني يشارك في تجمع بساحة الحبوبي في مدينة الناصرية بجنوبي العراق يوم 24 تشرين الأول/أكتوبر 2020، عشية الذكرى السنوية الأولى للتظاهرات المناوئة للحكومة. [أسعد نيازي/وكالة الصحافة الفرنسية]

مع نهج "العراق أولا" الذي تبنته المرجعية الشيعية في النجف في مقاربة القضايا السياسية والأمنية، قال مراقبون إنها تتخذ موقفا مختلفا تماما عن موقف الميليشيات الموالية لإيران.

فالمرجع الأعلى للشيعة، السيد علي السيستاني، ينطلق في مواقفه من رؤية "الانتماء إلى العراق والدفاع عن مصالحه أولا".

في المقابل، لا يتردد وكلاء إيران بقيادة زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، في إعلان ولائهمللولي الفقيه ، وهو المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

ورفض السيستاني مرات عدة مقابلة قادة فصائل مسلحة أو سياسيين على صلة مباشرة بإيران.

زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي يتحدث في ندوة حوارية أقيمت في بغداد بتاريخ 5 نيسان/أبريل 2019. [أرشيف]

زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي يتحدث في ندوة حوارية أقيمت في بغداد بتاريخ 5 نيسان/أبريل 2019. [أرشيف]

اجتماع أمني تشاوري لقادة تشكيل حشد العتبات الذي يضم أربع فصائل مقربة من مرجعية النجف، عقد في كانون الأول/ديسمبر 2021. [أرشيف]

اجتماع أمني تشاوري لقادة تشكيل حشد العتبات الذي يضم أربع فصائل مقربة من مرجعية النجف، عقد في كانون الأول/ديسمبر 2021. [أرشيف]

ففي 26 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تحدثت مصادر إعلامية محلية عن "فشل وفد برئاسة قيس الخزعلي في لقاء السيستاني بالنجف".

وأبلغ أعضاء وفد الخزعلي برفض السيستاني مقابلتهم رغم انتظارهم فترة طويلة، ما اضطرهم للعودة إلى بغداد من دون نتائج، وفق هذه التقارير.

ومعظم أعضاء الوفد، الذي يمثل "اتحاد قوى الإطار التنسيقي"، متحالفون مع إيران، وقدموا إلى النجف ليطلبوا من السيستاني التوسط بين الكتل الشيعية المتنافسة في العراق.

وكان طلبهم يهدف إلى تسوية أزمة سياسية محتملة بعد رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانضمام لفصائل الإطار التنسيقي الشيعي التي خسرت في الانتخابات الأخيرة.

تورط الميليشيا بدماء المدنيين

وذكر المحلل السياسي أحمد شوقي أن تورط هذه الميليشيات بسفك دماء الأبرياء أضر بأمن العراق وقوضه وهز أسس الحكومة العراقية.

وقال إن الميليشيات اليوم في مواجهة مباشرة مع الشعب العراقي والمرجعيات الدينية والوطنية الرافضة لوجودها.

وبحسب شوقي، تقف هذه الميليشيات وراء قتل مئات العراقيين بطرق وحشية وتغييب كثيرين، هذا بالإضافة إلى مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ على المنشآت العسكرية والمدنية وترويع المدنيين.

وتابع شوقي أن الخزعلي كقائد ميليشيا تمرد على أوامر الدولة، ويطلق دوما التهديد والوعيد ضد الحكومة ومؤسساتها.

وأوضح أن هذا التحدي يغضب السيستاني الذي يدعم مشروع الاستقرار.

وتجلى الاختلاف بين الجانبين أثناء احتجاجات 2019، حين عارض الخزعلي في البداية الانتخابات المبكرة ووصفها بأنها مشروع غربي لإغراق البلاد في حرب أهلية.

في المقايل، دعم السيستاني إجراءها معتبرا أنها "أفضل الطرق لتفادي الذهاب إلى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي".

ولاحقا، انتقد الخزعلي الفصائل المسلحة الأربعة المرتبطة بمرجعية النجف عندما أعلنت انفصالها عن قوات الحشد الشعبي، وهي جماعة مظلة شبه عسكرية.

والتحقت تلك الفصائل رسميا بالجيش العراقي نهاية 2020.

إلى ذلك، أدرج الخزعلي هذا الانفصال ضمن مخططات المشروع الغربي.

'أوامر من خارج الحدود'

وتصاعدت انتقادات مرجعية النجف لميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة الخزعلي وباقي وكلاء طهران الذين بات ينظر لهم "كأشخاص يفتقدون للمصداقية والشرعية، بل وخائنين لبلدهم"، حسبما يقول شوقي.

ففي آب/أغسطس الماضي 2021، شنرجل الدين المقرب من السيستاني، حميد الياسري ، هجوما عنيفا على الجماعات التي تدين بالولاء لإيران، متهما إياها بخيانة العراق وقتل المتظاهرين العراقيين "بأوامر من خارج الحدود".

وسارع الخزعلي للرد فوصف الياسري بـ "القومي" وأنه "يريد التستر بالوطنية"، معربا عن استغرابه من أن تصدر "أمثال هذه التفاهات من شخص معمم".

في المقابل، نظّم الياسري تظاهرة أثناء زيارة الأربعين المقدسة لدى الشيعة مع عدد من طلاب حوزة النجف للتنديد بنفوذ إيران على الفصائل العراقية.

وفي 17 كانون الثاني/يناير الماضي، حاصر مسلحون مجهولون منزل الياسري في بلدة الرميثة جنوبي البلاد وأطلقوا النيران عليه قبل أن يلوذوا بالفرار.

وفور وقوع الحادث، توافد العديد من السكان المحليين إلى منزل الياسري تعبيرا عن تضامنهم معه.

وعقب الحادث، تعرضت الفصائل التابعة للنجف للهجوم من المحطات التلفزيونية التابعة لميليشيا عصائب أهل الحق وأذرع إيران الأخرى.

وأصدر وكيل السيستاني أحمد الصافي بيانا قال فيه إن هذه الهجمات غير أخلاقية لأنها تستهدف رجال دين.

بدوره، قال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل حسين، إن الميليشيات الموالية لإيران تحاول التشويش على الخطاب الوطني للسيستاني عبر وسائل مختلفة.

وأشار إلى أن موقف السيستاني يؤيد "استقلال القرار العراقي عن كل التأثيرات الخارجية".

وأضاف أن تصرفات ميليشيا الخزعلي وغيرها تعيد التذكير بأنها أذرع لنشر عقيدة ولاية الفقيه.

وأكد أن "هذا الأمر يتعارض تماما مع منهجية وفكر المرجعيات الدينية في مدينة النجف التي تمثل المركز الروحي والعقائدي للملايين من المسلمين الشيعة في العراق والعالم".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500