تحليل

عقبة في استراتيجية الصين لمكافحة الوباء العالمي: لقاحاتها قد لا تكون فعالة

كارافان سراي ووكالة الصحافة الفرنسية

موظفو وزارة الصحة الفلسطينية يجهزون جرعات من لقاح سينوفارم ضد كوفيد-19 التي تبرعت بها الحكومة الصينية، وذلك في مدرسة بمدينة حلحول شمالي الخليل بالضفة الغربية المحتلة يوم 6 نيسان/أبريل. [حازم بدر/وكالة الصحافة الفرنسية]

موظفو وزارة الصحة الفلسطينية يجهزون جرعات من لقاح سينوفارم ضد كوفيد-19 التي تبرعت بها الحكومة الصينية، وذلك في مدرسة بمدينة حلحول شمالي الخليل بالضفة الغربية المحتلة يوم 6 نيسان/أبريل. [حازم بدر/وكالة الصحافة الفرنسية]

بكين - في سابقة فريدة من نوعها، أقر مسؤول صيني الأسبوع الماضي علنا بالمخاوف المتداولة حول مدى فعالية لقاحات فيروس كورونا المصنعة في الصين، وسط إمكانية وضع خطة تهدف إلى تعزيز فعالية اللقاحات الوطنية هذه.

وفي الوقت الذي تمضي فيه الصين قدما في حملتها الشاملة للتلقيح وتصدر جرعات لقاحاتها إلى مختلف أنحاء العالم، من المحتمل أن يعيق الاعتراف بإمكانية وجود مشكلة في فعاليتها استراتيجية "دبلوماسية اللقاح" التي يتبعها النظام، حسبما قال مراقبون.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن مدير المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها جاو فو، قال في مؤتمر عقد في تشنغدو يوم 10 نيسان/أبريل إن المركز "يدرس كيفية حل مشكلة أن فعالية اللقاحات الحالية ليست عالية .

وأضاف وفقا لما نقلته محطة البي.بي.سي أن اللقاحات الحالية، بما فيها جرعات سينوفاك وسينوفارم، "لا تتمتع بمعدلات حماية مرتفعة".

عمال يفرغون حمولة من لقاحات سينوفاك الصينية في السلفادور بتاريخ 28 آذار/مارس 2021. [مارفين رسينوس/وكالة الصحافة الفرنسية]

عمال يفرغون حمولة من لقاحات سينوفاك الصينية في السلفادور بتاريخ 28 آذار/مارس 2021. [مارفين رسينوس/وكالة الصحافة الفرنسية]

امرأة مسنة تتلقى جرعة من لقاح سينوفارم الصيني الصنع في لاهور يوم 16 آذار/مارس. [عارف علي/وكالة الصحافة الفرنسية]

امرأة مسنة تتلقى جرعة من لقاح سينوفارم الصيني الصنع في لاهور يوم 16 آذار/مارس. [عارف علي/وكالة الصحافة الفرنسية]

وقد أنتجت الصين 4 لقاحات معتمدة بشروط، وما تزال معدلات فعاليتها المعلن عنها أقل من اللقاحات المنافسة مثل فايزر-بيونتيك ومودرنا، اللذين تبلغ نسبة فعاليتهما 95 و94 في المائة على التوالي.

واقترح جاو تلقيح الناس بجرعات من لقاحات مختلفة، إضافة إلى تغيير عدد الجرعات وكميتها أو الفاصل الزمني بينها.

وسرعان ما تم التعتيم على تعليقات جاو وحظر نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي داخل الصين، وفقا لما ذكره أحد الباحث الكبير في الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية يان تشونغ هوانغ.

وقال لصحيفة فاينانشال تايمز إنها "المرة الأولى .. التي يعترف فيها مسؤول حكومي علنا بأن معدل الحماية يشكل مصدر قلق لحملة التطعيم".

إعادة صياغة الرواية

وسيكون لأي تغييرات في إدارة اللقاحات المصنوعة في الصين تداعيات كبيرة على عشرات البلدان التي تزودها بكين باللقاح، وذلك في إطار جهودها لتوفير ما يسميه المسؤولين بـ "المنفعة العامة العالمية".

فوفقا لما ذكره المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبن في أواخر شباط/فبراير الماضي، تصدّر الصين لقاحات كوفيد-19 إلى 27 بلدا وتقدم "مساعدات على شكل لقاحات" مجانية إلى 53 دولة محتاجة.

وفي إشارة إلى "دبلوماسية اللقاح" الصينية، لفت المدير المؤسس لمركز ديوك العالمي للابتكار الصحي بجامعة ديوك كريشنا أوداياكومار لوكالة أسوشيتد برس في آذار/مارس، إلى أنه "تم التبرع ببعض [جرعات اللقاح] وتم بيع عدد منها، فيما بيع البعض الآخر على قاعدة تمويل الدين المرتبط بها".

ولم يقدم النظام الصيني قائمة كاملة بالدول التي تتلقى اللقاحات الصينية الصنع عبر أي من خطط التوريد.

ويعتبر النقاد مثل هذه "المساعدة" جزءا من حملة أطلقتها بكين لإعادة صياغة رواية انتشار الوباء بعيدا عن مرحلة تفشيه الأولى في ووهان والاعتراف المتأخر بالأزمة، لتحولها إلى قصة نجاح للبلاد تروي فيها "الأعمال البطولية" التي قامت بها لوقف انتشار الفيروس.

وحتى آذار/مارس الماضي، صدّرت الصين 40 مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا إلى دول العالم ومعظمها من البلدان النامية، حسبما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز.

يُذكر أن توفير اللقاحات للدول العاجزة عن تأمين لقاحات أعلى كلفة أو تلك عليها طلب أكبر، يعد عنصرا أساسيا في محاولة بكين إعادة كتابة التاريخ.

ولكن لن تكون جهود الدبلوماسية الصينية في مجال اللقاحات فعالة إلا بقدر جودة المنتج الذي تقدمه.

وأشار محللون في شؤون الصحة العالمية إلى أنه لا يُعرف الكثير عن فاعلية جرعات اللقاحات المصنعة في الصين لإجراء تقييم مناسب.

وفي حديث لصحيفة فاينانشال تايمز، أوضح مستشار متقاعد بمكافحة الأمراض المعدية في الصحة العامة إنجلترا بيتر إنجلش، "لا نملك سوى معلومات قليلة حول مدى فعالية هذه اللقاحات".

وعلى عكس منتجي اللقاحات الأخرى، لم تنشر الشركات المصنعة الصينية بيانات المرحلة الثالثة التجريبية، مما أثار تساؤلات حول شفافية ودقة معدلات الفعالية.

الربح أولا

وفي آب/أغسطس الماضي، قال الباحث الطبي في المعهد الباكستاني للعلوم الطبية بإسلام آباد الدكتور محمد سالم، إن "الصين لم تتخذ تدابير وقائية لوقف انتشار فيروس كورونا في مراحل تفشيه الأولى، وحققت ربحا من خلال بيع أجهزة تنفس منخفضة الجودة وعدة أدوات [فحص] ومعدات الحماية الشخصية".

وأضاف أن "[الصين] تسعى اليوم إلى كسب المال من اللقاحات، في وقت بات فيه الوباء يوشك على الاختفاء".

وأعلنت وزارة التجارة الصينية في كانون الثاني/يناير، أن الصين صدّرت العام الماضي أكثر من 220 مليار كمامة و2.3 مليار من معدات الحماية الشخصية ومليار من معدات فحص الوباء.

وآنذاك، أشار نائب وزير التجارة الصينية تشيان كيمينغ إلى إن الصادرات شكلت "مساهمة مهمة في الحرب العالمية ضد الوباء".

ولا يلقى هذا الشعور أي صدى لدى النقاد الذين يقولون إن بكين استغلت الوباء لإنعاش اقتصادها.

فقال مسؤول جمركي في كانون الثاني/يناير الماضي إن صادرات الكمامات وحدها في عام 2020 بلغت 52.6 مليار دولار.

وفي حين عانت معظم اقتصادات العالم لأكثر من عام في ظل تسبب جائحة كوفيد-19 بانهيار الشركات وخسارة عدد لا يحصى من الوظائف، كانت الصين الدولة الوحيدة التي سجلت نموا قياسيا عام 2020.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500