أطلقت القوات المسلحة الإيرانية يوم الثلاثاء، 16 شباط/فبراير، مناورات بحرية مشتركة مع روسيا في شمال المحيط الهندي، في ظل تواصل حالة التوتر الناتجة عن انتهاكات إيران المستمرة للاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية عام 2015.
وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن "مناورات الحزام الأمني البحري" التي ستمتد على 3 أيام ستغطي مساحة 17 ألف كيلومتر مربع.
وقال المتحدث باسم البحرية الإيرانية الأدميرال غلام رضا طحاني، إن وحدات من الجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني ستشارك في المناورات إلى جانب البحرية الروسية.
ووفقا لأسطول البلطيق الروسي، ستشارك 3 سفن روسية في المناورات.
وأكد طحاني أن المناورات تهدف إلى "تعزيز أمن التجارة البحرية الدولية ومواجهة القرصنة البحرية والإرهاب وتبادل المعلومات".
ولكن صوّرتها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بأنها استعراض للقوة.
هذا وأجرت إيران والصين وروسيا مناورات مماثلة في المنطقة عام 2019، وشاركت الجمهورية الإسلامية في مناورات "القوقاز 2020" التي جرت في روسيا في أيلول/سبتمبر الماضي.
ولم يكن أداء البحرية الإيرانية متميزا خلال إحدى مناورات العام الماضي.
فخلال تدريب مباشر جرى في أيار/مايو الماضي، سقط صاروخ مضاد للسفن أطلقته فرقاطة إيرانية على سفينة الدعم كوناراك في خليج عمان، ما أدى إلى مقتل 19 من أفراد طاقمها وإصابة 15 آخرين.
ووفقا لمسؤولين إيرانيين، وقع الحادث بالقرب من بندر جاسك قبالة الساحل الجنوبي لإيران، وقالوا إن السفينة استهدفت بعد نقل هدف تدريبي إلى وجهته وعدم ترك مسافة كافية بينها وبينه.
قرارات صعبة أمام طهران
وتأتي المناورات في وقت يشوبه التوتر بشأن وضع الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، والذي تنتهكه إيران.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا في 28 كانون الثاني/يناير الولايات المتحدة وإيران إلى العمل معا لإعادة الاتفاق، علما أن إيران واصلت خلال الأشهر الأخيرة انتهاك بنوده.
وأكد وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكين أن الولايات المتحدة مستعدة للعودة إلى الاتفاق، ولكنه رفض في الوقت عينه الضغط الذي تمارسه إيران على بلاده لتخطو الخطوة الأولى في هذا المسار.
وقال بلينكين إن "إيران خرجت عن الامتثال من جوانب عدة. وإذا اتخذت القرار بالعودة إلى الامتثال، سيستغرقها ذلك بعض الوقت كما سنأخذ بدورنا الوقت الكافي لتقييم مدى وفائها بالتزاماتها".
وكانت إيران قد وافقت بموجب الاتفاق على حظر "إنتاج أو حيازة البلوتونيوم أو معادن اليورانيوم أو سبائكهما" مدة 15 عاما.
ولكن في 10 شباط/فبراير الجاري، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران بدأت بإنتاج اليورانيوم في انتهاك جديد للحدود المنصوص عليها في اتفاق 2015.
وقبل ذلك وتحديدا في 8 شباط/فبراير، أكدت الوكالة أنها "تحققت من وجود 3.6 غرام من معدن اليورانيوم في مصنع تصنيع ألواح الوقود الإيرانية في أصفهان".
وفي 28 كانون الثاني/يناير، ادعى رئيس البرلمان الإيراني (المجلس) محمد باقر قاليباف أن إيران أنتجت الشهر الماضي 17 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، في أكبر انتهاك تقوم به حتى الآن لالتزاماتها بموجب الاتفاق.
لماذا تقف روسيا إلى جانب إيران؟
وبالنسبة لروسيا، فإن دعمها لتعزيز القوة العسكرية الإيرانية يساعدها في تأمين المكاسب التي حققها البلدان في سوريا، حيث دعم النظامان الرئيس السوري بشار الأسد على حساب خسائر بشرية هائلة.
وعلى مدى سنوات، ضخت إيران وروسيا المقاتلين والأموال في الحرب السورية في إطار حملتهما لتعزيز نفوذهما الجيوسياسي.
ويشمل هؤلاء المقاتلين مرتزقة روس، بما في ذلك عناصر من مجموعة فاغنر وفيغا ينفذون أجندة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحت غطاء سياسية الإنكار المعقول.
وتسببت الضربات الجوية الروسية في محافظة إدلب السورية ومحيطها بدمار كبير، وقضت على الإنتاج الزراعي والتجارة وحرمت الأطفال من التعلم.
وفي تقرير أصدرته في أيلول/سبتمبر 2019، اتهمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الكرملين بارتكاب "مئات جرائم الحرب" خلال عملياته العسكرية في سوريا منذ عام 2015، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 6500 مدني.
وأشار التقرير إلى أن موسكو لم تعتذر يوما عن هذه الوفيات ولم تقدم تعويضات لأي من أهالي الضحايا، لافتا إلى أنها استمرت في نفي قصفها للمستشفيات ومنشآت الدفاع المدني والأحياء السكنية.
وفي آب/أغسطس الماضي، كانت روسيا من بين الدول التي صوتت على عدم تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، في خطوة من شأنها تمكين الجمهورية الإسلامية من شراء أسلحة من السوق الدولية.
وقال الخبير الاقتصادي المقيم في إيران أحمد توكل أبادي، إن روسيا لا تعارض فرض عقوبات أخرى على إيران، مشيرا إلى أن الاستثناء الوحيد هو حظر الأسلحة لأنها لا تريد أن تفقد شار كبيرا لأسلحتها القديمة.