الرياض - قال مراقبون محليون إن زيارة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف للخليج وقد انطلقت يوم الإثنين، 8 آذار/مارس، وستستمر لمدة 4 أيام، تشوبها المصالح المتضاربة والانتهازية الاقتصادية والاستعراض السياسي.
ومن المقرر أن يزور الإمارات والسعودية وقطر.
ووصل لافروف يوم الثلاثاء إلى المحطة الأولى في رحلته أي الإمارات، لإطلاق "حوار سياسي ثنائي"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية تاس.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية أنه سيبحث أيضا في سبل تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين موسكو والدول الخليجية الثلاث.
جلاء الانتهازية الروسية
وأكد محللون أن الزيارة ما هي إلا محاولة مقنعة من جانب موسكو للتقدم وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية في المنطقة الاستراتيجية.
وفي هذا الإطار، قال الأستاذ المحاضر في كلية العلوم السياسية بجامعة الملك سعود عبد الله الدخيل، إن روسيا تحاول الاستفادة من التوترات المتخيلة بين الولايات المتحدة والسعودية.
ولكنه أشار إلى أنه في الحقيقة، تعتبر العلاقة السعودية الأميركية علاقة استراتيجية تقوم على شراكة اقتصادية وأمنية وعسكرية شاملة وتعززها الثقة المتبادلة بين الجانبين.
وتابع أن "أي محاولة من روسيا أو غيرها لاختراق هذه العلاقة، ليست إلا مجرد أعمال استعراضية لن تؤدي إلى أي نتائج".
ويبدو أن اهتمام موسكو بالخلاف المفترض بين السعودية والولايات المتحدة قائم على معلومات مضللة.
فتصر السعودية على أن شراكتها مع الولايات المتحدة "شراكة متينة وثابتة"، كما صرحت به وزارة الخارجية السعودية في 26 شباط/فبراير.
ومع ذلك، من المتوقع أن يحاول لافروف بيع المعدات العسكرية الروسية خلال جولته في الخليج، حسبما أفادت مودرن دبلوماسي في 9 أذار/مارس.
وحتى الآن، لم تبد السعودية أي اهتمام بهذه المحاولات.
روسيا الغائب الأكبر
وأوضح الدخيل أن الولايات المتحدة تقف بحزم مع دول الخليج في مواجهة التهديدات التي تطال أمنها، والتي يوجهها الحرس الثوري الإيراني ووكلاؤه أو متطرفون كتنظيمي "الدولة الإسلامية" (داعش) والقاعدة.
وأكد أن روسيا كانت غائبة إلى حد كبير عن المشهد، ويبدو أنها تحاول الآن استغلال الوضع الراهن لصالحها.
وبحسب تحليل لمعهد الشرق الأوسط صدر بعد جولة للافروف في الخليج في آذار/مارس 2019، تشمل مصالح روسيا في منطقة الخليج الطاقة والشؤون العسكرية، وخصوصا بيع الأسلحة، والاستثمارات.
وجاء في التحليل أن روسيا تفتقر إلى نفوذ ذات أهمية في المنطقة.
وأضاف معهد الشرق الأوسط أن "موسكو تقدر أهمية الإصرار على التعاون الاقتصادي مع دول الخليج لأنها تدرك أن نفوذها السياسي في المنطقة ضعيف مقارنة بنفوذ القوى الغربية".
وأردف أن "نفوذ موسكو في الخليج لا يزال محدودا ليس فقط بسبب تفوق الولايات المتحدة في الشؤون السياسية والعسكرية الإقليمية، ولكن أيضا بسبب انعدام الثقة".
ويعود انعدام الثقة هذا في الدرجة الأولى إلى ارتباط روسيا الوثيق بإيران.
مصالح متضاربة
وفي هذا السياق، أوضح الباحث القطري في الشؤون الدولية محمود عبد المنعم، أن العلاقات الخليجية الروسية كانت تاريخيا علاقات دبلوماسية تقوم على المبادلات التجارية والتعاملات الاقتصادية.
وقال "لا يمكن مقارنة علاقات روسيا مع دول الخليج بالعلاقات التي تربط هذه الأخيرة مع الولايات المتحدة".
وشدد على أن دول الخليج لن تخاطر بنسج علاقة أعمق مع روسيا على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة بسبب عدم ثقتها بالمحور الذي أقامته روسيا مع إيران ودول أخرى.
وأضاف عبد المنعم أن خطط روسيا ومصالحها في المنطقة تتعارض مع مصالح دول الخليج، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعتبر "خطا أحمر" في ما يتعلق بأمن دول الخليج.
وتابع أن الوجود الأميركي في منطقة الخليج صمام أمان للمنطقة، والأحداث الأخيرة أكدت ذلك بوضوح.
واعتبر أنه لهذا السبب وحده، فإن المحاولات الروسية لتحقيق اختراق دبلوماسي وسياسي على حساب العلاقات الأميركية الخليجية هي "رهان خاسر حتما".