أقر وزير المخابرات الإيراني يوم الإثنين، 8 شباط/فبراير، بتورط أحد عناصر القوات المسلحة الإيرانية في عملية اغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو إقرار يسلط الضوء مجددا على تصاعد الاضطرابات الداخلية في إيران.
وقال محمود علوي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي إن "الشخص الذي نفذ التجهيزات الأولى لعملية الاغتيال هو عنصر من عناصر القوات المسلحة"، بدون أن يعطي تفاصيل أخرى.
وأضاف أنه لم يكن ممكنا أن تقوم وزارة المخابرات "بمراقبة القوات المسلحة".
وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر، كان محسن فخري زاده يمر على طريق سريع خارج العاصمة برفقة عنصر أمني عندما تعرض لطلقات نارية.
وبحسب السلطات الإيرانية، كان فخري زاده نائبا لوزير الدفاع وقد نفذ أعمالا في مجال "الدفاع النووي".
وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم تم برشاش يتم التحكم به عن طريق الأقمار الصناعية ومزود بـ"ذكاء اصطناعي"، وهو أمر اتهمت طهران إسرائيل به.
من جهته، قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني، في تلك الفترة إن التخطيط لعملية اغتيال فخري زاده "المعقدة" عمره عقدين من الزمن وهو معروف من قبل مجتمع المخابرات الإيراني.
ولكنه أشار إلى أن توقيت العملية وتفاصيلها تغيرت مع مرور الزمن، مما جعل المخابرات الإيرانية "للأسف عاجزة عن التصرف وفقا لهذه التطورات".
هذا وحصلت تكهنات سابقا تحدثت عن احتمال أن يكون الاغتيال عملا داخليا.
وتقول إحدى النظريات إن مجموعة من المتشددين الإيرانيين الذين يعارضون أي مفاوضات مع الولايات المتحدة، قد يكون لديها الدافع لاغتيال فخري زاده بهدف إبعاد إيران عن التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعرقلة أي مفاوضات محتملة.
تصاعد الاضطرابات
ومع استعداد الجمهورية الإسلامية للاحتفال بالذكرى السنوية الـ 42 لتأسيسها في 10 شباط/فبراير الجاري، قد تكون دوافع عنصر القوات المسلحة مرتبطة بفورة الغضب المتزايدة التي تسود الشارع الإيراني.
وتواجه إيران تراجعا حادا في قيمة عملتها الوطنية وتضخما هائلا وركودا اقتصاديا ونقصا كبيرا في الموارد.
وما فاقم الإحباط الشعبي هو استعداد النظام للتخلي عن واجباته تجاه البلاد مقابل تمويل وكلائه الخارجيين بسخاء.
وعمد النظام أيضا إلى إنفاق ملايين لا تحصى على البحث والاختبار ونشر برنامجه الصاروخي.
وبلغ الغضب الشعبي جراء الظروف الاقتصادية والمعيشية درجة الغليان، وحذر مراقبون من أن الجولة المقبلة من الاحتجاجات الشعبية قد تكون أكثر عنفا من تلك التي شهدتها البلاد في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 بسبب ارتفاع أسعار الوقود.
وردت قوات الأمن بقيادة الحرس الثوري الإيراني على الاحتجاجات بإطلاق النار على المتظاهرين في عدة مدن، وبعدها اعتقال وتعذيب المئات منهم. وتشير بعض التقديرات إلى مقتل ما وصل إلى 1500 مدني في الاحتجاجات.
ومنذ التظاهرات التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979 لم تشهد إيران احتجاجات بحجم تلك التي اندلعت عام 2019، وهي الأكبر منذ التظاهرات التي جرت في 2009 احتجاجا على انتخابات متنازع عليها.
وتؤشر التقارير الواردة من إيران خلال الأسابيع والأشهر القليلة الماضية بشأن تباطؤ سرعة الإنترنت وانقطاعها بين الحين والآخر إلى احتمال أن يكون النظام يحاول احتواء أي جولة جديدة من الاضطرابات المدنية.