يتعين على إيران اتخاذ عدد من القرارات الصعبة في حال كانت تريد الحصول على التزام جديد بموجب الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 والذي تنتهكه.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الخميس، 28 كانون الثاني/يناير، الولايات المتحدة وإيران إلى العمل معا على الاتفاق الذي انتهكت إيران بنوده مرارا خلال الأشهر الأخيرة.
وأكد وزير الخارجية الأميركية الجديد أنطوني بلينكن يوم الأربعاء استعداد الرئيس جو بايدن للعودة إلى الاتفاق، رافضا في الوقت عينه إلحاح إيران على أن تقوم الولايات المتحدة بالخطوة الأولى.
وقال بلينكن إن "إيران لم تعد تحترم التزاماتها على جبهات عدة. وإذا اتخذت القرار بالقيام بذلك، فسيستغرق الأمر بعض الوقت لتعود إلى احترام التزاماتها هذه ولنتمكن من تقييم ذلك".
وتابع "نحن بعيدون عن ذلك، هذا أقل ما يمكن قوله".
ورفضت إيران يوم الخميس دعوة الولايات المتحدة للعودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق.
وليست الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تصر على ضرورة امتثال إيران للاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، من أجل عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق ورفعها العقوبات.
وفي هذا السياق، أكدت الرئاسة الفرنسية في 25 كانون الثاني/يناير أنه إذا كانت طهران جادة بشأن مفاوضات العودة إلى الاتفاق، فعليها الامتناع عن ممارسة المزيد من الاستفزازات.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية، "إذا كانت جادة بشأن المفاوضات وتريد التوصل إلى التزام جديد من جميع المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة، فعليها أولا الامتناع عن ممارسة المزيد من الاستفزازات وعليها ثانيا احترام ما كفت عن احترامه"، في إشارة إلى التزاماتها.
وتم الاتفاق على خطة العمل الشاملة المشتركة بين إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في عام 2015. وطرحت تخفيف العقوبات مقابل تقييد طموحات طهران النووية والحصول على ضمانات بأنها لن تسعى لإنتاج قنبلة ذرية.
وأعربت واشنطن مع باريس وبرلين عن رغبتها في التفاوض على نطاق أوسع مع طهران، ولا سيما في مسألة منظومتها الصاروخية ونفوذها الإقليمي.
قلق من أفعال إيران
وبموجب الاتفاق النووي، وافقت إيران على حظر "إنتاج أو اقتناء فلزات البلوتونيوم أو اليورانيوم أو سبائكهما".
ولكن ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 13 كانون الثاني/يناير، أن إيران أبلغتها بأنها تقوم بأبحاث متقدمة حول إنتاج معدن اليورانيوم بهدف توفير وقود متطور لمفاعل أبحاث في طهران.
وأعربت الدول الأوروبية الكبرى عن قلقها الشديد بشأن مخططات إيران، محذرة من أن طهران "ليس لديها أي استخدام مدني موثوق به" لهذه المادة.
وقال وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك صدر في 16 كانون الثاني/يناير إن "إنتاج معدن اليورانيوم له تداعيات عسكرية محتملة خطيرة".
وأضاف الوزراء "نحث إيران بشدة على وقف هذا النشاط والعودة من دون تأخير إلى احترام التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة إذا كانت جادة في الحفاظ على الاتفاق".
وفي وقت سابق في 4 كانون الثاني/يناير، أعلنت إيران أيضا أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المائة في منشأة فوردو النووية تحت الأرض، متخطية بذلك الحد الأقصى الذي نص عليه اتفاق عام 2015.
ويوم الخميس، قال رئيس البرلمان الإيراني (المجلس) محمد باقر قاليباف إن إيران أنتجت الشهر الماضي 17 كيلوغراما من اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المائة، في أكبر انتهاك للالتزامات التي تعهدت بها بموجب الاتفاق.
مواقف القادة الإيرانيين
وأكدت إيران أنها ستعود إلى الامتثال الكامل إذا تم رفع العقوبات عنها وإذا تمكنت من الاستفادة من الإغاثة الاقتصادية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.
وفي اليوم نفسه، قال النائب الإيراني أحمد أمير آبادي فراهاني إن إيران ستطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما لم تُرفع العقوبات الأميركية عنها بحلول موعد المهلة النهائية التي حددها البرلمان ذات الغالبية المتشددة في 21 شباط/فبراير المقبل.
وفي 10 كانون الثاني/يناير، جدد قاليباف المطلب نفسه عندما قال إن إيران ستعتبر أن العقوبات قد رفعت عندما تكون قادرة على بيع نفطها مجددا ويكون مواطنوها قادرين على العمل في جميع أنحاء العالم.
وفي مقال افتتاحي نشر بمجلة فورين أفيرز الأميركية بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير، حث وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف الولايات المتحدة على اعتماد "خيار جوهري" بإنهاء نظام العقوبات.
وحذر ظريف الذي يُعتبر أحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015، من أن أي جهود أميركية لانتزاع تنازلات إضافية ستبوء بالفشل.
وأثناء تواجده في العاصمة الروسية في 26 كانون الثاني/يناير، جدد موقف إيران قائلا إنه إذا ألغت واشنطن عقوباتها على طهران لن تقيد إيران عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وستعود إلى الوفاء بالتزاماتها التي حددها الاتفاق.
وقال ظريف "سنستأنف تنفيذها بالكامل".
روسيا تضغط على النظام الإيراني
ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، دعت روسيا والدول الأوروبية الموقعة عليه إلى بذل جهود أكبر لإنقاذه، محذرة إيران من المضي قدما في تخصيب اليورانيوم.
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، دعا نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف إيران لتحمل "أقصى قدر من المسؤولية"، بعد أن أعلنت طهران عن خطط لتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في محطة التخصيب النووي الرئيسة في البلاد.
وتبدو موسكو متفائلة بحذر بشأن مصير الاتفاق في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، مع وصف مفاوض الحد من التسلح ميخائيل أوليانوف موقفها بأنه "عملي وواقعي".
في غضون ذلك، حذر منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في 19 كانون الثاني/يناير، قائلا إن الاتفاق النووي "عند منعطف حرج" لأن انتهاكات طهران له تهدد جهود إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق.
وكتب بوريل لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في رسالة اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، "لقد رأينا تطورات مقلقة للغاية في الجانب النووي وكذلك جولات جديدة من العقوبات الأميركية".
وجاء في الرسالة أن "ذلك يهدد بتقويض الجهود الدبلوماسية بما في ذلك جهودنا، لتسهيل عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وإعادة إيران إلى التنفيذ الكامل لالتزاماتها بموجب هذه الخطة".
ولكن قال المرشد الأعلى علي خامنئي في خطاب ألقاه بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير، "لسنا بعجلة لرؤية الولايات المتحدة تعود مجددا إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. مطلبنا المنطقي هو رفع العقوبات. فإذا تم رفعها تكون عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ذات مغزى".