في مطلع شهر رمضان المبارك، امتلأت الأسواق والمساجد في اليمن بالناس رغم الخطر المحدق المتمثل بفيروس كورونا (كوفيد-19) المستجد.
ولكن بعد تأكيد الحكومة 5 حالات إصابة جديدة في عدن في 29 نيسان/أبريل وتسجيل الحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران أول حالة وفاة ناتجة عن فيروس كورونا بصنعاء في 5 أيار/مايو، تغيرت أجواء الشهر المبارك بصورة تامة.
فتميزت الأيام الستة الأولى من رمضان في اليمن بأجواء مختلفة كليا عن الأجواء السائدة في بلدان عربية وإسلامية أخرى، حيث أن المساجد كانت مكتظة بالمصلين والدعوات إلى الصلاة كانت توجه من المآذن والأسواق كانت مليئة بالمتسوقين.
وفي حين فرضت البلدان الأخرى تدابير صارمة لحظر التجول من أجل منع تفشي الفيروس، رفعت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية عشية حلول شهر رمضان الحظر عن صلاة الجمعة والصلاة الجماعية في المساجد.
كذلك، تم رفع حظر تجول جزئي في محافظة حضرموت.
ولكن بعد 6 أيام أي في 29 نيسان/أبريل، أكدت اللجنة الوطنية العليا للطوارئ في اليمن لمواجهة وباء كوفيد-19 تسجيل 5 إصابات جديدة في عدن.
وأعلنت اللجنة يوم الثلاثاء، 12 أيار/مايو، عن 9 حالات إصابة جديدة مؤكدة في المناطق الخاضعة للحكومة، بما فيها حالات تم تسجيلها للمرة الأولى في محافظات أبين والمهرة وشبوة. وقد ارتفعت بذلك الحصيلة الإجمالية إلى 65 حالة، منها 10 وفيات.
وبعد تأكيد الإصابات في عدن التي ارتفعت منذ ذلك الحين إلى 39 إصابة، أعلنت حظر تجوال لفترة 3 أيام مع إقفال المساجد ومنع صلاة الجمعة والصلوات الجماعية في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق إنه في ذلك الوقت، لم تكن قد سجلت بعد حالات في المحافظات الشمالية الخاضعة للحوثيين، حيث استمر الأهالي بالذهاب إلى المساجد والأسواق "المكتظة بالمتسوقين".
وتم منذ ذلك الحين تسجيل إصابتين، مع أنه يُعتقد أن الأرقام الفعلية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين هي أعلى بكثير مما تم نقله.
تحول في أجواء الفرح
ولفت أحمد إلى أن "المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية عاشت 6 أيام في أجواء رمضانية طبيعية، لكن هذه الأجواء سرعان ما تغيرت بعد اكتشاف الحالات الخمسة المصابة بالفيروس في عدن".
وقال إن الناس في المحافظات الجنوبية فرحوا عندما رفع حظر التجول وأعيد فتح المساجد عشية شهر رمضان، "لكن تلك الحالة لم تدم بسبب إقرار الحظر وإغلاق المساجد مجددا".
وأشار إلى أن بعض العائلات تركت عدن خوفا من الإصابة بالفيروس.
وتابع أنه منذ الإعلان عن أول حالة وفاة في صنعاء، "منع الحوثيون إقامة صلاة التراويح في غالبية المساجد في مناطق سيطرتهم".
وذكر "إلا أنهم يشددون على حضور الأمسيات الرمضانية التي تعرض دروس زعيم الجماعة"، قائلا إن هذه الأخيرة "تروج لأفكارهم الطائفية ومشروعهم الذي يخدم إيران".
ومن جهته، اتهم نبيل عبد الحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان الحوثيين "باستغلال المناسبات الدينية للترويج لمشروعهم الطائفي وحشد المقاتلين على جبهات القتال".
وقال إن الميليشيا واصلت تحريضاتها حتى بعد إعلان التحالف العربي تمديد وقف إطلاق النار بشهر واحد في اليوم الأول من رمضان.
تفاقم الأزمة الإنسانية
وفي هذا الإطار، حذرت المنظمات الإغاثية من تداعيات تفشي كوفيد-19 في اليمن، حيث تأثر النظام الصحي بحرب تدوم منذ سنوات.
وكان المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية قد حذر في 28 نيسان/أبريل من "احتمالية انتشار الفيروس في مجتمعات اليمن من دون اكتشافه".
وبدورها، ذكرت منسقة الشؤون الإنسانية لليمن ليز غراندي، "حذرنا منذ أول إصابة بكورونا من أن الفيروس موجود الآن في اليمن وقد ينتشر بسرعة".
وقالت "كل العوامل موجودة هنا. مستويات مناعة عامة منخفضة ومستويات عالية من الضعف الحاد ونظام صحي هش ومثقل".
ومن جانبه، شدد وكيل وزارة الصحة والسكان علي الوليدي للمشارق على أهمية أن يلتزم كل اليمنيين بتعليمات اللجنة العليا.
وأشار إلى أن ذلك يشمل الحفاظ على سلامتهم والتعاون مع فرق الترصد والإبلاغ عن الحالات المشتبه بها لمنع تفشي الوباء.
وتابع أن "فرق الترصد الوبائي تقوم بحصر المخالطين للحالات المكتشفة إصابتها بالفيروس في عدن لإجراء الفحوصات المخبرية للتأكد من سلامتهم".
كذلك، وقعت الوزارة اتفاقية مع منظمة "أطباء بلا حدود" لتخصيص مستشفى الأمل في عدن كمركز حجر صحي للمصابين بكوفيد-19.
الحلم
الرد1 تعليق