دبلوماسية

محللون: السياسات الخارجية لإيران تضعها في عزلة عالمية ʼغير مسبوقةʻ

سينا فرهادي

القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال مراسم تشييع والدة ظريف عام 2013. [وكالة فارس الإخبارية]

القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال مراسم تشييع والدة ظريف عام 2013. [وكالة فارس الإخبارية]

قال محللون اقتصاديون للمشارق إن السياسات الداخلية والخارجية للنظام الإيراني جعلت من الجمهورية الإسلامية من أكثر الدول انعزالا وأقلها مصداقية في العالم.

وتظهر مؤشرات عزلة إيران الاقتصادية والسياسية أكثر يوما بعد يوم، وأثارت المخاوف حتى بين بعض المسؤولين الإيرانيين.

وقد أعرب السفير الإيراني السابق لدى أذربيجان، أفشار سليماني، عن هذه المخاوف بعد امتناع وزير خارجية بلاده، محمد جواد ظريف، عن المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد في دافوس بسويسرا أواخر شهر كانون الثاني/يناير.

وكان من المقرر أن يشارك ظريف في الاجتماعات بعد تلقيه دعوة شخصية، إلا أن الخطط تغيرت، حسبما ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي في مؤتمر صحافي بطهران يوم 20 كانون الثاني/يناير.

صورة لحقل فارس الجنوبي في إيران نشرت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر، 2017. [تجارت نيوز]

صورة لحقل فارس الجنوبي في إيران نشرت في 17 تشرين الثاني/نوفمبر، 2017. [تجارت نيوز]

وزير النفط الإيراني بيجن نمدار زنغنه (في الوسط) وسفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب عبادي (إلى اليسار)، يصلان للمشاركة في الاجتماع الـ 178 لمنظمة أوبك في فيينا يوم 5 أذار/مارس. [أليكس هالادا/وكالة الصحافة الفرنسية]

وزير النفط الإيراني بيجن نمدار زنغنه (في الوسط) وسفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب عبادي (إلى اليسار)، يصلان للمشاركة في الاجتماع الـ 178 لمنظمة أوبك في فيينا يوم 5 أذار/مارس. [أليكس هالادا/وكالة الصحافة الفرنسية]

هذا ووصلت حالة التوتر إلى ذروتها بين إيران والولايات المتحدة قبيل انعقاد مؤتمر دافوس، وذلك بعد أن أسفرت ضربة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد يوم 3 كانون الثاني/يناير عن مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

وأطلقت إيران صواريخ على القوات الأميركية المتمركزة في العراق يوم 8 كانون الثاني/يناير، وعمد الجيش الإيراني بعد بضع ساعات على ذلك إلى إسقاط طائرة ركاب أوكرانية في خطوة أقرت الحكومة لاحقا أنها "خطأ كارثي".

وفي السياق نفسه، أثرت محاولة النظام التستر على الحادث سلبا على مصداقية طهران، وكانت متضررة أصلا بعد أشهر من أعمال القمع العنيفة ضد المتظاهرين في إيران. كذلك، شكّلت سوء إدارة الحرس الثوري لحملة مواجهة فيروس كورونا عاملا إضافيا في تقويض هذه المصداقية.

عزلة اقتصادية شاملة

وفي منتصف شباط/فبراير، أدرجت مجموعة العمل المالي إيران على لائحة العقوبات لعدم تقدمها في إصدار قانون لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وذكر وزير الخزانة الأميركية، ستيفن منوشين، في 21 شباط/فبراير، أن "إيران زعمت أنها باتت أخيرا جاهزة لتطبيق ضوابط أساسية لمواجهة التمويل غير المشروع، إلا أن النظام فشل في الوفاء بالتزاماته".

وفي افتتاحية راديو فاردا ليوم 19 شباط/فبراير، قال مدير السياسات في منظمة متحدون ضد إيران النووية، جيسون برودسكي، إن مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران أعاقا محاولات الحكومة لتجنب إدراج البلاد على اللائحة المالية العالمية السوداء.

وفي حديث للمشارق، شدد الخبير الاقتصادي الإيراني، مهدي بازوكي، على "ضرورة أن يتحمل مجمع تشخيص مصلحة النظام مسؤولية قراراته وشرح سبب رفضه [الانضمام إلى مجموعة العمل المالي] مع أن الحكومة والبرلمان وافقا على ذلك".

وأكد أن "مثل هذه المسائل ستضع إيران دون شك في عزلة دولية".

ومن جانبه، قال المحلل الاقتصادي حسين رجبي إن إيران أصبحت الدولة الأكثر انعزالا في العالم بعد كوريا الشمالية.

وأضاف للمشارق: "للأسف، قامت السياسة الخارجية الإيرانية على مبدأ خلق حالة من التوتر وغياب الاستقرار في المنطقة".

وتابع: "لهذا السبب، كان وما يزال لأفراد مثل قاسم سليماني وغيرهم من أمثاله، التأثير الأكبر على السياسة الخارجية الإيرانية. وهذه السياسة نفسها هي التي تسببت بعزلة إيران غير المسبوقة في العالم".

إيران تجد في الصين وروسيا حلفاء متقلبين

وذكر رجبي أنه "على الرغم من أن التوترات تأتي على حساب إيران، إلا أن استخدام ʼالورقة الإيرانيةʻ تحول إلى خطة طويلة الأمد لمنافسي أميركا العالميين، بل أنهم يطالبون بتصعيد التوترات بين إيران والولايات المتحدة".

وأضاف أن "حلفاء إيران، وبينهم الصين وروسيا، يستخدمون ʼالورقة الإيرانيةʻ فقط لزيادة قدرتهم على المساومة مع الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن الصين وروسيا كانتا الأكثر استفادة من العقوبات ضد إيران.

وقبل بضع سنوات، كان رئيس غرفة التجارة المشتركة الإيرانية-الصينية آنذاك ،أسد الله أسغارولادي، قد كشف أنه بموجب صفقة إيرانية-صينية، "ستتم إعادة 65 في المائة من أموال النفط الذي تبيعه إيران للصين، إلى إيران على شكل سلع صينية".

وأردف: "في الوقت عينه، تم حجب مليارات الدولارات من الديون الصينية إلى إيران، ولم تتم إعادة هذه الأموال إلى إيران حتى بعد رفع العقوبات [في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما]".

وقال: "إذا تصرفت الصين بهذه الطريقة وهي حليفة لإيران، فيجب ألا نتوقع أن يكون سلوك الجهات الأخرى أفضل".

وأوضح رجبي أن وزير النفط الإيراني بيجن نمدار زنغنه، "قد أقر مرات عدة أن صادرات النفط اليوم منخفضة جدا".

وتابع رجبي: "ولفت إلى أنه تم إقفال العديد من المشاريع النفطية نظرا لغياب التمويل، ومع ذلك لم تنشر [وزارة النفط] إحصاءات بشأن حجم الصادرات والإنتاج النفطي لأن ’هذه المعلومات قد تصل إلى الأعداء‘".

"ومع ذلك، لم يفسر زنغنه وغيره من المسؤولين في الجمهورية الإسلامية سبب عدم كفاءتهم الراهن"، حسبما أضاف.

وتساءل: "لماذا وحّدت العقوبات المفروضة من دولة وجانب واحد العالم كله ضد إيران؟ لماذا اكتسبت العقوبات الأميركية ضد إيران تضامن العالم بأسره؟ لو كانت حكومة إيران تمتلك الحد الأدنى من المصداقية، فهل كان العالم أجمع وحتى الحلفاء المزعومين لإيران سيلتزمون بهذه العقوبات؟".

تعليق صفقات الطاقة في آسيا الوسطى

إلى هذ، ذكر رجبي أن من المؤشرات الأخرى على تراجع مكانة إيران على المستوى العالمي، هو تخلي طهران عن كل مشاريع الطاقة المهمة في المنطقة، بما في ذلك آسيا الوسطى.

وقال: "لم يعد حتى جيران إيران في المنطقة قريبين منها سياسيا واقتصاديا".

وأشار إلى أنه "في أواخر موسم الخريف الماضي، تم فتح خط أنابيب [الغاز الطبيعي عبر الأناضول]، والذي يمتد من أذربيجان وتركيا باتجاه أوروبا".

وأوضح أن "هذا المشروع الذي انطلق قبل عدة سنوات استثنى إيران كليا، علما أنه كان يمكن أن تكون إيران أكبر مصدّر للغاز إلى أوروبا، [...] إلا أنه لم يتم اقتراحها يوما كخيار".

وأضاف رجبي: "كذلك، لم تتمكن إيران من لعب دور في تطوير حقول النفط بأذربيجان. وتمثلت مساهمة أذربيجان في انعزال إيران بمليارات الدولارات من صادرات الغاز وقرب استراتيجي من أوروبا".

وكشف أنه "من الأمثلة الأخرى مشروع الغاز والنفط في كازاخستان، وهو مشروع صمم بالتعاون مع تركمنستان وأوزبكستان لتأمين صادرات إلى الصين. يقال حتى إن الهدف الأول للصين هو تخفيض نسبة اعتمادها على النفط الإيراني".

وختم قائلا إنه "يتم تطوير عشرات المشاريع النفطية في المنطقة ولا تشارك إيران في أي منها. لهذا السبب أعتقد أن إيران هي الدولة الأكثر انعزالا في العالم بعد كوريا الشمالية".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500