يتعرض قادة إيران لمزيد من الضغوط نتيجة لإدارتهم أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، مع إعتراف البلاد يوم الخميس 19 أذار/مارس بأن الفيروس حصد 149 شخصا إضافيا مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا لعدد الضحايا في يوم واحد.
وأثار عدم فرض السلطات الحجر الإلزامي انتقادا عارما من قبل المواطنين، إذ أدى إلى انتشار الفيروس في محافظات البلاد الـ 31.
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن في 1 أذار/مارس عن شنه "حملة ضد فيروس كورونا"، معززا بذلك دوره في الاستجابة الرسمية للأزمة.
وأكدت قوة الباسيج الشبه العسكرية والتابعة للحرس الثوري الإيراني في بيان، أنها "ستكون جاهزة ونشطة في مجال التعاون والمساعدة حتى الانتصار الكامل على هذا الوباء وعودة الأحوال في البلاد إلى طبيعتها".
وكلفت أيضا منظمة الدفاع السلبي الإيرانية بقيادة عملية استجابة الأمة لأزمة كوفيد 19.
وألقيت على عاتقها مهمات "رسم السياسات والتخطيط والتوجيه والتنظيم والتنسيق والمراقبة وتشغيل الدفاع السلبي والدفاع المدني ... إضافة إلى أنشطة الوكالات المولجة بالتنفيذ".
ويشمل نطاق سلطتها أيضا بذل الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية والبيولوجية والإشعاعية والكيميائية والاقتصادية.
الإيرانيون يشجبون الدور المزدوج لمنظمة الدفاع السلبي
وفي هذا الإطار، قال محللون إنه على الرغم من دورها المدني، تحولت منظمة الدفاع السلبي تدريجيا إلى منظمة عسكرية عملانية أغلب العاملين فيها هم عناصر من الحرس الثوري الإيراني وقوة الباسيج.
وتظهر أهمية هذا التحول والدور المزدوج وسط تصاعد تشكيك الشعب الإيراني في قدرة الحرس الثوري الإيراني على التعامل مع أزمة استشراء فيروس كوفيد 19.
وأوضح المحلل السياسي أمير رضا تاغيبوريان، إن "إنشاء منظمة الدفاع السلبي [عام 2004]، وكجميع المنظمات الأخرى التي شكلت على مر الزمن خلال قيادة علي خامنئي خارج الحكومة، يدخل حقيقة ضمن خطته لتشكيل سلطة موازية".
ولفت لديارنا أن "المرشد الأعلى يؤمن أن ولاء المؤسسات الحكومية له ليس مطلقا، لذلك فهو سعى دوما إلى إنشاء منظمات تكون تحت سيطرته الكاملة".
وتابع أنه على هذه الخلفية، "نفذ إجراءات مماثلة في البرلمان ودعم مؤسسات موازية له مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام والمجلس الأعلى للثورة الثقافية. وفي الواقع، حتى الحرس الثوري الإيراني نفسه يشكل مؤسسة عسكرية موازية".
وأضاف أن "خامنئي يثق فقط بالوكالات الخاضعة لسيطرته، وهو يعتمد بشكل كبير على عناصر الحرس الثوري الإيراني لإنشائها". وأردف: "لهذا السبب، فإن منظمة الدفاع السلبي هي وكالة يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني".
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عام 2010 عقوبات على منظمة الدفاع السلبي، متهما إياها بالتورط في تطوير إيران لأنظمة إيصال الأسلحة النووية.
ومنذ عام 2015، يترأس العميد غلام رضا جلالي منظمة الدفاع السلبي وتشرف عليها لجنة يترأسها رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري.
ويرتبط جلالي مباشرة بخامنئي وباقري.
عدم الشفافية والكذب يطيلان أمد الأزمة
وقال محللون إن السبب وراء فشل منظمة الدفاع السلبي في الاستجابة لفيروس كوفيد 19، هو تركيزها خلال السنوات الأخيرة على قمع المواطنين الإيرانيين وتقييدهم عبر الإنترنت، وانخراطها في حرب نفسية ومساهمتها في تطوير البنية التحتية التكنولوجية الإيرانية لمواجهة النفوذ الأجنبي.
ومثل الوكالات الأخرى التي تعتمد على الجيش، اتهمت المنظمة بعدم الشفافية والكذب بشأن انتشار المرض في إيران ما فاقم الأزمة وأطال أمدها.
وعلى سبيل المثال، أصدرت منظمة الدفاع السلبية في 4 شباط/فبراير بيانا قالت فيه إن "المسوحات الميدانية والأدلة الموجودة تظهر أن احتمال تفشي المرض في إيران ضعيف".
ولكن بعد شهر واحد فقط، أصبح تفشي كوفيد 19 في إيران الأكثر فتكا خارج الصين، مصدر هذا الوباء.
وأصيب بالمرض في إيران ما مجموعه 18 ألف و407 شخصا بالمرض، مع تأكيد وقوع 1046 حالة جديدة خلال الـ 24 ساعة الماضية.
ومع ذلك، استمر الرئيس الروحاني بالدفاع عن استجابة الحكومة للأزمة.
وقال في تصريحات متلفزة يوم الأربعاء إثر الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء: "يتساءل البعض عن سبب عدم تدخل الحكومة، لكنني أعتقد أننا تدخلنا بشكل كبير".
وأضاف وهو محاط بوزراء يرتدون كمامات واقية: "قمنا بأعمال عظيمة [بما في ذلك] إجراءات لم تتخذها أي دولة أخرى".
انتقادات قاسية للاستجابة على أزمة كوفيد 19
ويشكك الإيرانيون في النظام بسبب عدم شفافيته خلال الأزمة الأخيرة والأكاذيب التي سربها.
وفي تغريدة على تويتر أوائل شهر أذار/مارس، قال الصحافي فريد موداريس الذي يعمل في مدينة قم: "تمت تعبئة جميع المؤسسات الحكومية والعامة لمكافحة فيروس كورونا، وأتساءل أين هي أهم وكالة في أوقات كهذه وهي منظمة الدفاع السلبي؟ ماذا توقعت وماذا فعلت؟".
وأعرب الطبيب الإيراني هادي يزداني عن مخاوف مماثلة.
وأردف أنه يوم 8 أذار/مارس "لدينا منظمتان، اسم الأولى وكالة إدارة الأزمات والثانية منظمة الدفاع السلبي. وإذا كان هناك سبب لتأسيسهما فهو أن يلعبا دورا في أوقات مثل أزمة فيروس كورونا". وزاد: "هل ترى أي أثر أو تأثير لمديري هاتين المنظمتين الآن؟ هل يجب أن يظهرا في وسائل الإعلام حين يسود الهدوء فقط".
ووجه مضيف برنامج طهران عشرين الذي يبث على القناة الخامسة في التلفزيون الإيراني، محمد ديلافاري، انتقادات شديدة لجلالي على دوره في إدارة الأزمة.
وكان جلالي قد أشار في مقابلة مع وكالة فارس للأنباء يوم 3 أذار/مارس، إلى الادعاء الأخرق بأن يكون فيروس كوفيد 19 هو نتيجة لهجوم بيولوجي ضد إيران.
وفي تصريح علني يوم 7 أذار/مارس، قال ديلافاري "على رئيس منظمة الدفاع السلبي السيد جلالي أن يجيبنا بصراحة إذا كنا قد تعرضنا لهجوم بيولوجي أم لا، وفي حال تعرضنا لهكذا هجوم، ماذا كانت تفعل الجماعات الخاضعة لسيطرته؟".
الصراع على السلطة يعرض حياة الناس للخطر
ومع مرور الأيام، ظهر إلى العلن النزاع والصراع بين أركان السلطة حول هوية الكيان الذي يجب أن يتولى إدارة أزمة فيروس كوفيد 19.
وفي حديث لديارنا، قال الناشط السياسي في إيران علي زنجاني، إن "منظمة الدفاع السلبي أعلنت في أوائل شهر شباط/فبراير أن مستوى الأزمة في البلد لا يتعدى "المستوى الأبيض"، في الوقت الذي كانت فيه مدينة قم تشهد وفاة عدد من المواطنين بسبب إصابتهم بفيروس كورونا".
وأردف أن هذا الأمر لا يثبت فقط عدم أهليتها بل يكشف أيضا أنه على عكس ما ينص عليه نظامها الأساسي وما تزعمه، لا تكمن أولويتها المطلقة في الحفاظ على حياة الناس بل كغيرها من المؤسسات العسكرية والحكومية همها الأول هو حماية من هم في السلطة".
وذكر أن "المنظمة تواصل حتى اليوم وفي ذروة الأزمة اعتماد أسلوبها غير المهني في مواجهة فيروس كورونا، [ومنظمة الدفاع السلبي] وأنصارها دخلوا في صراع على السلطة مع المؤسسات الصحية، ويقولون دون خجل إن لا أحد يتلقى أوامر من طبيب ولهذا السبب يجب ألا يكون مركز إدارة الأزمة بين أيدي وزارة الصحة".
وانتقد جلالي في11 أذار/مارس حكومة روحاني لنقلها إدارة الأزمة إلى وزارة الصحة، قائلا إنه لا أحد "معتاد على تلقي أوامر من مدير كلية الطب".
كل هذه كلمات أعداء إيران الإسلامية، لا أكثر ولا أقل.
الرد1 تعليق