قال محللون يمنيون للمشارق إن جهود الأمم المتحدة الرامية إلى دفع أطراف الصراع اليمني نحو مفاوضات سلام جديدة، هي تدابير مرحب بها تجدد الأمل بوقف التصعيد الأخير.
ولكنهم شددوا على أن الحوثيين (أنصار الله) لن يتمكنوا من تلبية شروط السلام طالما أنهم تحت هيمنة دولة أجنبية، في إشارة إلى إيران.
وقد طالب مجلس الأمن الدولي في 30 كانون الثاني/يناير بـ"وقف فوري" للاعتداءات في اليمن، قائلا إن هذه الأخيرة تهدد عملية السلام الرامية إلى وقف الحرب.
وذكر المجلس أن "أعضاء المجلس أعربوا عن قلق بالغ إزاء تصاعد العنف في نهم والجوف وتأثيره على المدنيين، علما أن الآلاف نزحوا خلال الأيام القليلة الماضية".
وفي إعلان تم إقراره بالإجماع، شدد مجلس الأمن على ضرورة الحفاظ على هدنة في الحديدة، وقد تم الدعوة إليها في اتفاقية تاريخية عقدت بستوكهولم في كانون الأول/ديسمبر 2018.
كذلك، طالب أعضاء المجلس "بإنهاء كل عمليات الترهيب ضد العاملين في المجال الإنساني" وضمان "الوصول بلا عوائق" إلى شمال اليمن.
وجاء الإعلان عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن عقد بجلسة مغلقة في 28 كانون الثاني/يناير بطلب من بريطانيا.
وفي 27 كانون الثاني/يناير، أعلن السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون في مقابلة مع قناة الحدث الإخبارية أن بريطانيا تدعم جهود المبعوث الأممي لليمن.
وأكد آرون أن اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والحوثيين كان مهما وأدى إلى بعض التقدم في عملية تنفيذ وقف إطلاق نار في الحديدة، إلا أنه من الضروري تنفيذ اتفاق سياسي جديد شامل.
وأضاف أن أعضاء مجلس الأمن يركزون على 3 أولويات، هي إنهاء التصعيد في نهم وإعادة جو من الهدوء بين السعودية والحوثيين وتنفيذ اتفاق الرياض.
تنفيذ اتفاق ستوكهولم
وقد أشارت الحكومة اليمنية إلى ضرورة أن يتم تنفيذ اتفاق ستوكهولم بصورة كاملة، قبل أن تدخل في مفاوضات للتوصل إلى حل شامل للحرب.
هذا ويدعو الاتفاق الذي وُقع في 13 كانون الأول/ديسمبر بين الحوثيين والحكومة اليمنية، إلى وقف إطلاق نار في الحديدة مع إعادة النشر المشتركة للقوات انطلاقا من المدينة ومن موانئ الصليف ورأس عيسى والحديدة.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشأن اليمني عادل الشجاع للمشارق إن أي دعوة للسلام تتجاهل القرار الأممي رقم 2216، تبقى خارج نطاق الواقع.
ويطالب قرار الأمم المتحدة كل الأطراف بوقف أعمال العنف على الفور ومن دون أي شروط. كذلك، يدعو الحوثيين إلى الانسحاب من كل المناطق التي تمت مصادرتها خلال الصراع الحالي والتخلي عن الأسلحة التي كانت تعود للجيش والأجهزة الأمنية ووقف كل الإجراءات التي تقع ضمن إطار الحكومة الشرعية.
وذكر الأحمدي أن المشكلة هي أن جماعة الحوثي تخدم مصالح دولة إقليمية، في إشارة إلى إيران، ولا تتحكم بشكل تام بالقرارات التي تتخذها.
وأشار إلى أهمية دور مجلس الأمن في ممارسة الضغوط على كافة الأطراف وخصوصا الحوثيين، من أجل العودة إلى محادثات السلام.
التنازلات ضرورية
وبدوره، قال الناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان إن على الدول الراعية لمحادثات السلام "التأثير على كل الأطراف لتقديم تنازلات من أجل إنهاء 5 سنوات من الحرب ووقف معاناة الشعب اليمني".
وأضاف في حديثه للمشارق أنه كلما تأخرت عملية السلام في اليمن واستمرت الحرب، استمرت معاناة الشعب اليمني.
وتابع أن "المنظمات الحقوقية سجلت كل أنواع الانتهاكات التي مارسها الحوثيون المدعومون من إيران بحق أبناء الشعب اليمني"، لافتا إلى أن وقف الحرب بشروط عادلة سيؤدي إلى وقف هذه الانتهاكات.
وذكر أن محادثات السلام "يجب أن تكون جادة من جميع الأطراف ووفقا لمصالح الشعب اليمني، وليس وفقا لمصالح الأطراف التي تفاوض".
من جانبه، اتهم المحلل السياسي فيصل أحمد الحوثيين "بالتلاعب بعملية التفاوض" لكسب الوقت، مشيرا إلى أن "قرارهم بيد إيران".
وأوضح للمشارق أنه من مصلحة إيران أن "تبقى [المنطقة] غير مستقرة".
وفي الإطار نفسه، ذكر الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت أن مفاوضات السلام أساسية لوقف التدهور الاقتصادي ومعاناة المواطنين في اليمن.
وأضاف للمشارق أن هذه هي الحال، لا سيما باعتبار الإجراءات الأخيرة التي اتبعها الحوثيون والتي تشمل حظرا على استخدام العملة الجديدة التي أصدرتها الحكومة اليمنية.
وختم قائلا إنه من الضروري أيضا أن يتم تنفيذ اتفاقية الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي من أجل ضمان نجاح المحادثات الشاملة بين الحكومة والحوثيين.