عدن - على الرغم من الحوافز التي تقدمها إيران لطلاب اللغة الفارسية في كلية اللغات بجامعة صنعاء ومركز الترجمة وتعليم اللغات التابع لها، بقي معدل تسجيل الطلاب منخفضا بصورة منتظمة.
وقال مسؤولون في مجال التعليم إن ذلك يدل على عدم اهتمام اليمنيين وحتى الموالين للحوثيين، بالتعمق في دراسة الثقافة الإيرانية.
وبدأت مراكز تعليم اللغة الفارسية بالظهور في اليمن منذ سنوات عديدة واستمرت في فتح أبوابها. ولكنها لا تزال تفتقر إلى أي قبول شعبي رغم التكلفة المنخفضة لهذه الفصول الدراسية.
وتظهر أرقام التسجيل في قسم اللغة الفارسية بجامعة صنعاء أن 4 طلاب فقط هم مسجلون لهذا العام، على الرغم من تخفيض المتطلبات الأكاديمية للقبول وخفض التكلفة بنسبة 50 في المائة.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط أن مزايا الالتحاق بقسم اللغة الفارسية تشمل فرصة السفر إلى إيران خلال عطلة الصيف للتعرف على الثقافة الإيرانية بعد اجتياز المستوى الثاني.
وقالت الصحيفة إن طلاب المستوى الرابع الذين يجتازون الدورة بامتياز يحصلون على فرصة لإكمال دراساتهم العليا في إيران، وقد لمح أحد الأساتذة إلى امتيازات أخرى بينها الحصول على وظيفة في القطاع العام.
وكشف علي محمد الموظف بقسم شؤون الطلاب في كلية اللغات بجامعة صنعاء، أن 4 طلاب فقط تسجلوا خلال العام الجاري في قسم اللغة الفارسية في حين تسجل 6 فقط العام الماضي.
وأوضح للمشارق أنه قبل عامين فقط لم يتسجل سوى 3 طلاب، ما أجبر الكلية على إلغاء البرنامج وأجبر الطلاب على تأجيل دراسة اللغة إلى العام المقبل.
وقال إن الأقسام الأخرى بالكلية كالترجمة والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لديها سجل تسجيل أقوى من القسم الفارسي على الرغم من أنها لا تقدم الحوافز تفسها.
’الاستعمار اللغوي والثقافي‘
وبحسب أمين قسم التسجيل في المركز مختار علي، توقف مركز الترجمة وتعليم اللغات بالجامعة عن تدريس اللغة الفارسية منذ 6 أشهر بسبب عدم اهتمام الطلاب بالتسجيل في هذا الفصل.
وأرجع أحد موظفي استقبال الطلاب في جامعة صنعاء يحيى صالح، ذلك إلى قلة فرص العمل للمتحدثين باللغة الفارسية.
أما المحلل السياسي عبد الله إسماعيل، فقال إن الحوثيين أغلقوا 7 أقسام في جامعة صنعاء منها قسم اللغة العربية والآثار والسياحة والمكتبات بحجة أنها غير مربحة.
ولكن أضاف أنهم قاموا عام 2016 بافتتاح قسم اللغة الفارسية "بهدف فرض الاستعمار اللغوي والثقافي".
وقد تخرجت الدفعة الأولى من طلاب قسم اللغة الفارسية الذي سمي بفصل "قاسم سليماني"، في عام 2020.
وأشار إلى أن إيران تعمل على الترويج لتعليم اللغة الفارسية في اليمن باعتبارها وسيلة لتعزيز هيمنتها وفرض عقيدة ولاية الفقيه التي تدعو إلى الولاء للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
وقال إن الكثير من الناس عارضوا ذلك، رغم أن الحوثيين المدعومين من إيران يتولون السلطة في أجزاء من اليمن منذ أكثر من 8 سنوات.
’اهتمام ضئيل‘ بتعلم اللغة الفارسية
وقال الطالب في قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة سعيد الشرعبي إن الفكر الإيراني واللغة الفارسية يتراجعان في العالم كما في اليمن، وتأجج هذا التراجع بفعل محاولات إيران فرض ثقافتها على المجتمع اليمني بالقوة.
وأشار إلى أن هذا الأمر "خلق مقاومة داخلية ورفضا مجتمعيا بسبب الصراع وعدم التوافق بين الثقافة الإيرانية والثقافة العربية".
وأضاف أن اليمنيين لا يهتمون كثيرا بتعلم اللغة الفارسية، مشيرا إلى أنه "لا يوجد دافع حقيقي لتعلمها لأنها لن تكون لأحد وسيلة لتحقيق المستقبل المنشود".
وفي العقود الماضية، كانت الأوساط العلمية العربية تولي أهمية كبيرة للغة والثقافة الفارسية، إلا أن ذلك تغير بعد ظهور نظام الخميني الذي حوّل هذا الإعجاب إلى إحجام.
ويعود ذلك إلى محاولات النظام الإيراني المستمرة للهيمنة على المجتمعات العربية وطمس هويتها.
وقالت الباحثة نوال عبد الرحمن إن الإحجام عن الالتحاق بالفصول الفارسية نابع من "رفض الشارع اليمني للفكر الإيراني المتطرف الذي يحاول الحوثيون فرضه على الناس منذ توليهم السيطرة".
وأضافت للمشارق أنه رغم سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة وجهودهم للترويج للغة الفارسية والأيديولوجية الإيرانية، فإن هذه الجهود لم تأت بثمار كثيرة.
وأشارت رغم فشل الجهود المبذولة لتضمين الدراسات الفارسية في المناهج الجامعية إلى حد كبير، إلى محاولة نشر اللغة الفارسية في المعسكرات الصيفية التي ينظمها الحوثيون، حيث ينشد الأطفال الأغاني بالفارسية.
وختمت مؤكدة أن هذه الممارسات تهدف إلى نشر الفكر الطائفي الإيراني في سن مبكرة.