عدن -- في ظل استمرار الأمم المتحدة بدعم الجهود التي يقودها اليمن لوضع حد للحرب، يبدو أن الحوثيين المدعومين من إيران يسيرون في الاتجاه المعاكس مع مضاعفتهم جهود تقلين الشباب اليمني.
وفي كل موسم صيف منذ سيطرتها على صنعاء ومناطق أخرى من البلاد عقب انقلاب نفذته في أيلول/سبتمبر 2014، تنظم جماعة الحوثي معسكرات صيفية في المدارس والمساجد في خطوة تعتبر على نطاق واسع آلية للتلقين والتجنيد.
وخلال العام الجاري وعوضا عن الحد من هذه البرامج في ظل مساعي التقارب، تقوم الجماعة بتسريعها مع إضافة معسكرات سكنية طويلة الأمد تستهدف فئة الشباب الضعفاء.
وفي 29 نيسان/أبريل، دشنت "اللجنة العليا للأنشطة والدورات الصيفية" التابعة لجماعة الحوثي المخيمات الصيفية في صنعاء والمحافظات الخاضعة للحوثيين.
وبحسب مسؤول حوثي يشارك في تنظيم البرنامج، من المتوقع أن يرتفع عدد الطلاب والطالبات إلى مليون و500 ألف خلال العام الجاري، وهو ما يعد ارتفاعا ملحوظا مقارنة بأرقام العام الماضي.
وبحسب ما جاء في صحيفة الثورة، ستقام المعسكرات الصيفية في 9100 منشأة منفصل وستوظف 20 ألف عامل ومدرس.
وإضافة إلى البرامج العادية للمعسكر الصيفي، سيقيم الحوثيون سلسلة من المعسكرات الصيفية السكنية هذا العام.
وسيتم تزويد الطلاب المشاركين في هذه المعسكرات السكنية التي تمتد على فترة شهرين بالمأكل والمشرب والملابس والفراش وسيبقون في المعسكرات طوال فترة البرنامج.
وقال أشخاص مطلعون على شؤون المعسكرات السكنية للمشارق إنها مجرد مواقع يقوم فيها الحوثيون بتهيئة وتحضير المقاتلين الجدد للانضمام إلى صفوفهم، وتشبه إلى حد كبير مخيمات تجنيد الحوثيين.
وقال الباحث السياسي عادل الشجاع إنه في حين أن المعسكرات الصيفية العادية لجماعة الحوثي "تقوم بتهيئة وتحضير المشاركين للقبول بالمفاهيم التي يسوقها الحوثيون"، إلا أن المعسكرات الصيفية تأخذهم إلى مستوى آخر بعد.
وأضاف للمشارق أن المعسكرات السكنية تركز "على من تمت تهيئتهم ليكونوا جزء من الأيديولوجية الحوثية".
وكما في السنوات السابقة، استخدم الحوثيون كل الوسائل الممكنة لتشجيع الأهالي على إرسال أطفالهم إلى تلك المخيمات، بما في ذلك إرسال الرسائل النصية لهم وحتى توزيع السلال الغذائية على العائلات.
تقويض جهود السلام
وفي هذا السياق، حذر وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني من أن المعسكرات الصيفية التي أنشأها الحوثيون في مناطق سيطرة الجماعة تهدف إلى استقطاب مئات الآلاف من الأطفال.
وأكد أن هذه المعسكرات تكشف الموقف الحقيقي للحوثيين من الجهود المتواصلة لإحلال السلام وتعكس مساعيهم لخلق جيل من المقاتلين الذين يشكلون خطرا على اليمن والسلم والأمن الإقليميين والدوليين.
وفي تصريح نشره في 6 أيار/مايو على حسابه على تويتر، قال الأرياني إن المعسكرات الصيفية هي مراكز لغسل عقول الطلاب بالأفكار الإرهابية المتطرفة وشعارات الموت والكراهية الدخيلة على اليمن والتي استوردت من إيران.
واتهم الحوثيين باستغلال جهود السلام لشراء المزيد من الوقت لتجنيد مقاتلين إضافيينبينهم أطفال انتهكت حقوقهم بصورة منتظمة، وذلك لاستخدامهم كوقود لمعاركهم المقبلة.
ومن جانبه، وصف المحلل السياسي والباحث عبد الله إسماعيل المعسكرات بأنها "مصانع للإرهاب نظرا لما يتلقونه من مواد فكرية طائفية إرهابية".
وبدوره، قال رئيس نقابة المعلمين اليمنيين في تعز عبد العزيز السلطان إن الحوثيين يستخدمون أيضا الإمكانات المالية لاستقطاب المدرسين إلى المعسكرات الصيفية، حيث يستهدفون المدرسين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر.
تعميم للحوثيين في الحديدة
وفي محافظة الحديدة، أصدر الحوثيون تعميما بتعليق أنشطة المعاهد الفنية والمهنية الخاصة خلال العطلة الصيفية، وهم يشجعون الطلاب على الالتحاق بمعسكراتهم الصيفية عوضا عن ذلك.
وفي مذكرة وجهت إلى مدراء المراكز التربوية الخاصة، طلب القيادي في جماعة الحوثي حسن عبدالباري الأهدل منهم وقف الترويج لمراكزهم وتشجيع الطلاب على المشاركة في المعسكرات الصيفية الحوثية.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي محمود الطاهر إن هذا التوجيه الذي صدر عن المكتب المحلي الخاضع للحوثيين والتابع لوزارة التعليم والتدريب الفني، يظهر تردد الأهالي في إرسال أطفالهم إلى معسكرات الحوثي.
وتابع في حديثه للمشارق أن ذلك يعكس أيضا تصميم الحوثيين والنظام الإيراني على إعداد الجيل التالي من المقاتلين.
ولفت إلى أن المعسكرات السكنية هي مراكز تدريب مكثف توظف مدرسين من إيران ومن حزب الله اللبناني، علما أن هؤلاء يقومون بغرس مفاهيم طائفية أكثر تعقيدا في أذهان الشباب المشاركين.