قالت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير صدر يوم الثلاثاء، 25 نيسان/أبريل، إن القوات الإيرانية التي قمعت الاحتجاجات الواسعة قد قتلت أطفالا بصورة غير قانونية وعذبتهم واعتدت عليهم جنسيا وأخفتهم في إطار نمط من الانتهاكات الجسيمة.
ويتطرق التقرير للوضع الأخير لحقوق الإنسان في إيران، ويركز على المعاملة الوحشية وغير القانونية للأطفال القصّر في البلاد.
وقال التقرير إن "السلطات الإيرانية اعتقلت أيضا الأطفال وحققت معهم وحاكمتهم في مخالفة للضمانات القانونية المعمول بها"، وإن "القضاة منعوا أهالي الأطفال من الاستعانة بالمحامين الذين يختارونهم للدفاع عنهم".
وأضاف أن الأطفال أدينوا باتهامات غامضة ولم يخضعوا للمحاكمة في محاكم الأحداث التي لها وحدها الاختصاص القضائي لنظر في القضايا العائدة إليهم.
وتابعت المنظمة الحقوقية أن "قوات الأمن اعتقلت الأطفال واحتجزتهم دون إخطار أسرهم، ووصل ذلك أحيانا لأسابيع عدة".
ونوهت إلى أن "الطلاب الذين أطلق سراحهم من الاحتجاز منعوا من العودة إلى المدرسة أو قطعت السلطات عن أسرهم الإعانات الاجتماعية، ما اضطر الأطفال إلى الذهاب إلى العمل".
وقالت المنظمة إنها وثقت العنف الذي تضمن "تقييد الأطفال وعصب أعينهم وتعذيبهم في الحبس"، بما في ذلك الاعتداء الجنسي على فتى في السابعة عشرة من العمر.
وذكرت أن "طالبة في المرحلة الثانوية قالت إن قوات الأمن دفعتها داخل موقد غاز مشتعل أثناء عملية التوقيف، ما تسبب في إشتعال النيران بملابسها، وقامت بضربها وجلدها أثناء التحقيق".
وأشارت إلى أن "المحققين قاموا بتعذيب فتى آخر عبر غرس إبر تحت أظافره".
وتم أيضا تعذيب طفلين لإجبارهما على الإبلاغ عن مكان وجود أفراد أسرهم، وحاول فتى في السادسة عشرة من العمر الانتحار مرتين "بعد تعرضه للضرب والصعق بالكهرباء والاعتداء الجنسي".
وتقاعست السلطات عن تقديم العلاج الطبي للأطفال الذين أصابتهم القوات، بما في ذلك فتى في الثالثة عشرة من العمر تعرض ضلعه للكسر أثناء الضرب، حسبما أوضحت المنظمة الحقوقية، وتم إبلاغ أفراد الأسرة بالتزام الصمت بشأن الانتهاكات.
سحق شباب البلاد
هذا وتعد الاحتجاجات المتواصلة هي الأخطر في إيران منذ الاضطرابات التي اندلعت في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 جراء زيادة أسعار المحروقات، وتتميز هذه المرة بمشاركة عدد كبير من النساء فيها.
وقد أدت وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما في أيلول/سبتمبر أثناء احتجازها لدى ما تسمى بـ "شرطة الأخلاق" إلى إشعال الاحتجاجات الواسعة.
وعمّت المسيرات جميع أنحاء البلاد لأشهر، أغلق خلالها المتظاهرون الشوارع ورشقوا قوات الأمن بالحجارة وأشعلوا النيران في سيارات الشرطة وحاويات القمامة وردوا شعارات مناهضة للحكومة.
وخلعت نساء كثيرات الحجاب في تحد لقوانين الجمهورية الإسلامية الصارمة، وأشعل بعضهن النار في أغطية الرأس أو قصصن شعرهن في اعتراض رمزي.
وقوبلت الاحتجاجات من قبل النظامبحملة قمع وحشية.
وتركز جزء كبير من حملة القمع التي نفذها النظام على الأطفال القصّر الذين كانوا إحدى القوى الرئيسة وراء الاحتجاجات.
وبحلول أوائل شهر نيسان/أبريل، كانت جماعات حقوقية إيرانية قد سجلت قتل 537 متظاهرا على يد قوات الأمن، منهم 68 طفلا على الأقل بحسب هيومان رايتس ووتش.
وقال بيل فان إيسفيلد، مساعد مدير حقوق الأطفال بالمنظمة، إن "الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات مروعة أثناء الاحتجاز وفي المحاكمة يواجهون خطر التعرض لأذى طويل الأمد".
وأضاف أنه "ينبغي على لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أن تعطي الأولوية لتلك الانتهاكات وأن توصي بمسار نحو المساءلة".
ويوم 23 آذار/مارس، أوردت منظمة العفو الدولية أن قوات الاستخبارات والأمن في إيران قد أخضعت المحتجين الأطفال للتعذيب والضرب والجلد والصدمات الكهربائية والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.
وبعضهم كان في سن الثانية عشر.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن "عملاء الدولة الإيرانية انتزعوا الأطفال من أسرهم وأخضعوهم لأشكال قسوة لا يمكن فهمها".
وأضافت "إنه لأمر مقيت أن يستخدم المسؤولون مثل هذه السلطة بطريقة إجرامية ضد أطفال ضعفاء مرعوبين، وأن يتسببوا في ألم وعذاب شديدين لهم ولأسرهم ويتسببوا لهم بندوب جسدية وعقلية حادة".
وتابعت أن "هذا العنف ضد الأطفال يكشف وجود استراتيجية متعمدة لسحق الروح النابضة بالحياة لشباب البلاد ومنعهم من المطالبة بالحرية وحقوق الإنسان".
سلسلة حوادث التسمم المدرسي
وفي الأشهر الأخيرة، وقعت مئات حوادث التسمم التي تستهدف الطالبات في إيران، ومعظمهن من طلاب المدارس الابتدائية.
وقالت وزارة الصحة الإيرانية إن سبب معظم تلك الحوادث، التي عرفت بـ "سلسلة حوادث التسمم المدرسي" والتي يعتقد أنها متعمدة، كان "مادة ذات رائحة".
وقال بعض المراقبين إن أفرادا متطرفين أو جماعات متطرفة ربما يكونون وراء حالات التسمم نظرا لأن لديهم اعتراضات على تعليم الفتيات.
وأضافوا أنه ربما تكون الاحتجاجات ضد حجاب النساء قد أثارت غضب تلك الجماعات.
لكن تفاصيل حالات التسمم ما تزال غامضة، وقد أقلقت الأسر وتسببت في دخول عشرات الفتيات إلى أقسام الرعاية العاجلة بسبب مشاكل في التنفس.
ويوم 16 آذار/مارس، دعا المرشد الإيراني علي خامنئي لإجراء تحقيق في الحوادث وتعهد بمعاقبة المسؤولين إلى أقصى حد.
إلا أن الحكومة لم تسم بعد أيا من الجناة المحتملين.
وفي هذه الأثناء، تواصلت حالات التسمم، ما جعل فتيات كثيرات يخشين الذهاب إلى المدرسة وخاف عدد كبير من الأهالي من إرسالهن.
وفي توضيح لقرار إبقاء ابنتها خارج المدرسة، قالت أم في الخامسة والأربعين من العمر للمشارق "أفضل أن تكون ابنتي آمنة على أن تكون مواظبة على الدرس".
وقال إيرانيون للمشارق إنه حتى إذا لم يكن للنظام يد في حالات التسمم، فإن هذه الحوادث مؤشر آخر على إهماله.