قالت منظمة العفو الدولية في تقرير صدر يوم الخميس، 16 آذار/مارس، إن الأطفال الذين شاركوا في الاحتجاجات الإيرانية تعرضوا لـ"أعمال تعذيب وحشية" شملت الضرب والجلد والصدمات الكهربائية والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي.
وذكرت المنظمة الحقوقية أن أعمال العنف التي قامت بها قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج المقاومة والشرطة وغيرها من القوات الأمنية والاستخبارية وجهت بصورة منتظمة ضد أطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ 12 سنة.
وأشار التقرير إلى أن الهدف هو ثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات التي تعم البلاد، وقد كشف عن أساليب التعذيب التي يستخدمها العناصر التابعون للدولة ضد الفتيات والصبيان المحتجزين "من أجل معاقبتهم وإذلالهم وانتزاع اعترافات منهم تحت الإكراه".
وأدى "اعتماد [النظام الإيراني] الممنهج على اعترافات قسريةيتم بثها بصورة دورية عبر محطات التلفزة والإذاعة الوطنية، إلى جعل إذاعة جمهورية إيران الإسلامية هدفا للعقوبات الأميركية.
ولفتت منظمة العفو الدولية إلى أن وسائل الإعلام الحكومية نشرت الاعترافات القسرية لما لا يقل عن فتيين اثنين تم اعتقالهما خلال التظاهرات.
وفي هذا السياق، قالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، "انتزع عناصر تابعون للدولة الأطفال من كنف عائلاتهم وأخضعوهم لقسوة لا يمكن تصورها".
وتابعت "من المشين أن يمارس المسؤولون مثل هذه السلطة بطريقة إجرامية على الأطفال الضعفاء والخائفين، ويلحقوا بهم وبأسرهم ألما وكربا شديدين ويسببوا لهم ندوبا جسدية ونفسية شديدة".
وأضافت أن "هذا العنف الممنهج ضد الأطفال يفضح استراتيجية متعمدة لسحق الروح النابضة بالحياة لشباب البلاد ومنعهم من المطالبة بالحرية وحقوق الإنسان".
عقاب وترهيب
هذا ووثقت منظمة العفو الدولية بالتفصيل حالات 7 أطفال خلال تحقيقاتها في القمع الوحشي الذي مارسه النظام الإيراني ضد التظاهرات الأخيرة التي اندلعت إثر وفاة شابة أثناء احتجازها من قبل "شرطة الآداب".
وتستند هذه المعلومات إلى شهادات الضحايا وعائلاتهم.
وقالت منظمة العفو الدولية إن شهود عيان آخرين من مختلف أنحاء إيران أكدوا حصول أعمال تعذيب على نطاق واسع ضد الأطفال، علما أن المنظمة تقدر عدد الأطفال الذين احتجزوا أثناء موجة الاعتقالات بالآلاف.
وذكرت أن نتائج تحقيقاتها تشير إلى أن الأطفال المعتقلين أخذوا في البداية إلى مراكز اعتقال يديرها الحرس الثوري أو وزارة المخابرات أو شرطة الأمن العام أو قوة الشرطة الإيرانية (أكاهي) أو الباسيج.
وأشار التقرير إلى أنهم كانوا في غالبية الأحيان معصوبي الأعين خلال هذه العملية، مضيفا أنه كان يتم نقلهم بعد قضاء أيام أو أسابيع في تلك المرافق إلى سجون عادية.
وذكر أن "عناصر بلباس مدني كانوا يخطفون آخرين من الشوارع خلال التظاهرات أو في أعقابها وكانوا يأخذونهم إلى أماكن غير رسمية كمستودعات، حيث كان يتم تعذيبهم قبل تركهم في مناطق نائية".
وأضاف أن "عمليات الخطف هذه كانت تنفذ بدون اتباع الإجراءات الواجبة، وكان هدفها معاقبة الأطفال وترهيبهم وردعهم عن المشاركة في التظاهرات".
وتابع أنه "تم احتجاز العديد من الأطفال إلى جانب بالغين، وهذا مخالف للمعايير الدولية، كما أخضعوا لأنماط التعذيب نفسها وسوء معاملة من أنواع أخرى".
اغتصاب وعنف جنسي
وفي إحدى المقاطعات، قال سجين بالغ سابق لمنظمة العفو الدولية إن عناصر الباسيج أجبروا عدة فتيان على الوقوف مع مباعدة أرجلهم في صف إلى جانب المعتقلين البالغين، وصعقوا بالكهرباء في الخصيتين بواسطة مسدسات الصعق الكهربائي.
وأضاف أن العناصر التابعين للدولة "استخدموا الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، بما في ذلك الصعق بمسدسات الصعق الكهربائي على الخصيتين مع لمس الأعضاء التناسلية والتهديد بالاغتصاب كسلاح ضد الأطفال المحتجزين لكسر معنوياتهم و/أو إذلالهم ومعاقبتهم و/أو انتزاع ʼاعترافاتʻ".
ويعد هذا نمطا يبلغ عنه معتقلون بالغون من النساء والرجال على نطاق واسع.
كذلك، أشار التقرير إلى أن العناصر التابعين للدولة تلفظوا بإهانات جنسية للفتيات المحتجزات وأقدموا على خنق الأطفال وتعليقهم من أذرعهم أو من أوشحة ملفوفة حول أعناقهم وأجبروهم على تنفيذ أعمال مذلة.
وذكرت منظمة العفو الدولي أن "قوات الأمن دأبت على ضرب الأطفال بانتظام وقت القبض عليهم وفي المركبات أثناء نقلهم وفي مراكز الاحتجاز".
وأوضحت "تشمل أساليب التعذيب الأخرى التي تم سردها الجلد والصعق باستخدام مسدسات الصعق الكهربائي وإعطاء حبوب أدوية غير معروفة بالقوة ووضع رؤوس الأطفال تحت الماء".
وبحسب فتى أجرت معه المنظمة مقابلة، قام العناصر في أحد مراكز الاعتقال "بوضع 30 منا في قفص مخصص لـ 5 أشخاص".
وقالت المنظمة إن الأطفال "احتجزوا في ظروف احتجاز قاسية ولاإنسانية"، وواجهوا ظروف اكتظاظ وبرد قارس ووصول محدود إلى المراحيض ودورات المياه، إلى جانب نقص الغذاء والمياه و"الحبس الانفرادي المطول".
وجاء في التقرير أن "قوات أمن كلهم ذكور احتجزت الفتيات من دون أي اعتبار لاحتياجاتهن الخاصة بنوع جنسهن. كما حرم الأطفال من الرعاية الطبية الكافية، بما في ذلك عن الإصابات التي لحقت بهم تحت التعذيب".
وأشارت المنظمة إلى أن غالبية الأطفال الذين اعتقلوا خلال الأشهر الستة الماضية قد أطلق سراحهم، ولكن لم يتم ذلك إلا بعد أن أجبروا على التوقيع على رسائل "ندم" والتعهد بالامتناع عن أية "أنشطة سياسية" وبحضور التجمعات الموالية للحكومة.
وقبل إطلاق سراحهم، تم تهديد الكثيرين بالملاحقة بتهم تخضع لحكم الإعدام أو باعتقال أقاربهم في حال اشتكوا.
هذا وأستخدم عناصر الدولة أيضا التعذيب المعنوي بما في ذلك التهديد بالقتل لمعاقبة وترهيب الأطفال أو إجبارهم على الإدلاء باعترافات تحت الإكراه.