بعد مرور خمسة أيام علىوفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاما إثر احتجاز "شرطة الأخلاق" لها في طهران، امتدت الاحتجاجات في إيران لتشمل مدن عدة جميع أنحاء البلاد.
وتعد هذه الاحتجاجات الأخطر في إيران منذ الاضطرابات التي اندلعت في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 على خلفية ارتفاع أسعار الوقود، وتميزت هذه المرة بمشاركة أعداد كبيرة من النساء فيها.
وفي مسيرات عمت جميع أنحاء البلاد، أغلق المتظاهرون الشوارع ورشقوا قوات الأمن بالحجارة وأشعلوا النار في سيارات الشرطة وحاويات القمامة، مرددين شعارات مناهضة للحكومة.
وخلعت الكثيرات أغطية رؤوسهن في تحد لقوانين الجمهورية الإسلامية الصارمة، وأشعل بعضهن النار فيها أو قصصن شعرهن في اعتراض رمزي.
وانضمت العديد من النجمات المقيمات في إيران إلى المعارضة عبر نشر صور لهن على وسائل التواصل الاجتماعي دون الحجاب، في خطوة تعد محظورة على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية.
وفي طهران، وقف طلاب الجامعات في وجه شرطة الأخلاق التي نشرت عناصر منها في الجامعات لقمع الاحتجاجات وإجبار النساء على تغطية شعرهن.
حملة قمع ضد المحتجين
وأكدت تقارير متعددة واردة من إيران مقتل ثمانية متظاهرين على الأقل منذ يوم الجمعة، 16 أيلول/سبتمبر، عندما أُعلن عن وفاة أميني في أحد مستشفيات طهران، وهي مواطنة تنحدر من محافظة كوردستان.
وليل الثلاثاء، اعتقلت الشرطة عدة أشخاص واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشود وصل عددهم إلى 1000 مشارك.
وقال حاكم كوردستان إسماعيل زاري كوشا يوم الثلاثاء إن ثلاثة أشخاص قتلوا خلال احتجاجات يوم الاثنين في المحافظة.
وأشار ناشطون إلى أن عشرات الأشخاص تعرضوا لإصابات، متهمين القوات الأمنية باستخدام الذخيرة الحية التي تسببت بها.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن روايات الشهود ومقاطع الفيديو التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي "تشير إلى أن السلطات تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، ويبدو أنها استخدمت القوة المميتة في إقليم كوردستان".
وأكدت منظمة هينجاو الكردية لحقوق الإنسان ومقرها النرويج مقتل ثلاثة أشخاص في بلدات ديفانداره وسقيز وديغولان في كوردستان.
وأضافت أن 221 شخصا أصيبوا واعتقل 250 آخرون في كوردستان، وشهدت المحافظة أيضا إضرابا عاما يوم الاثنين ويومي حداد أعلنهما السكان الاثنين والثلاثاء.
وكشفت هينجاو أن فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات أصيبت في بلدة بوكان لكنها على قيد الحياة، وانتشرت صور لجسدها الملطخ بالدماء على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية غير الحكومية من مقرها في النرويج إن قوات الأمن استخدمت الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والذخيرة الحية في مناطق معينة "لقمع الاحتجاجات".
ولاحظ مراقبو نتبلوكس أن الوصول إلى الإنترنت في كوردستان انقطع مدة 3 ساعات ونصف، كما شهدت العاصمة طهران ومدن أخرى انقطاعات جزئية في خدمة الإنترنت خلال احتجاجات يوم الاثنين.
ودأبت الجمهورية الإسلامية إلى فرض قيود تحول دون الوصول إلى الإنترنت عند اندلاع احتجاجات في البلاد.
والتزم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الصمت بشكل ملحوظ حيال الاحتجاجات المستمرة، وكان قد التقى يوم الأربعاء عددا من القادة العسكريين في ذكرى الحرب العراقية الإيرانية.
ردود فعل من جميع أنحاء العالم
وأثارت وفاة أميني ورد إيران على الاحتجاجات إدانة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى.
وسيزيد الوضع الراهن من الضغط الذي يتعرض له الرئيس إبراهيم رئيسي، والعيون شاخصة عليه بشأن سجل إيران في مجال حقوق الإنسان، لا سيما أنه من المقرر أن يلقي كلمة يوم الأربعاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين.
وقالت الأمم المتحدة في جنيف، إن المفوض السامي لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف أعربت عن قلقها إزاء وفاة أميني "والرد العنيف لقوات الأمن على الاحتجاجات التي تلت ذلك"، ودعت إلى إجراء تحقيق فيما حدث ويحدث.
وقال مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية محمود العامري مقدم إنه يجب على الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع إيران العمل "لوقف المزيد من عمليات القتل التي تمارسها الدولة من خلال دعم مطالب الناس لإنفاذ حقوقهم الأساسية".
ومنذ وفاتها يوم الجمعة، انتشر اسم مهسا أميني على وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدم الهاشتاغ على تويتر أكثر من 10 ملايين مرة بالفارسية وخمسة ملايين مرة باللغة الإنجليزية.
وعلى إنستغرام، جذبت حملات "المرأة، الحياة، الحرية، من كوردستان إلى جميع أنحاء إيران" و "أنا امرأة، اعتادوا على رؤية شعري دون حجاب" مئات الآلاف من المتابعين.
وعلى تيك توك، تم استخدام هاشتاغ مهسا أميني 10 ملايين مرة.